دور مهم جدا يلعبه مهرجان' آفاق مسرحية' للعام الثاني علي التوالي في اكتشاف المواهب المسرحية في كل محافظات مصر.. من خلال احتفالية كبري أسسها المخرج هشام السنباطي ورعتها وزارة الثقافة متمثلة في قطاع الإنتاج الثقافي برئاسة د. محمد أبوالخير من جهة وبين الفرق المسرحية المولودة حديثا والتي تعتمد علي جهودها الذاتية البسيطة في انتاج عروضها من جهة أخري, وذلك بهدف خلق حالة مسرحية متوهجة اعتمادا علي طاقات الشباب صاحبة الأمل في عودة المسرح لرونقه مرة أخري. أهمية هذا الحدث الفني والثقافي- الذي يرأسه شرفيا الفنان محمد صبحي- أنه تمكن من جذب أكثر من400 عرض مسرحي التي تبحث عن فرصة للظهور علي مسارح الدولة, ولك ان تتخيل أن كل هذا الكم من العروض خضعت للجان مشاهدة لأسابيع طويلة وفي توقيت واحد في كل محافظات الجمهورية, وهو ما نتج عنه زخم مسرحي مبهر بسبب حالة التنافسية الشريفة بين الفرق المختلفة التي تقدم عروضها لأول مرة علي المسرح سواء لمؤلفين كبار أو حتي لمؤلفين شباب يخترقون مضمار التأليف المسرحي لأول مرة, والحقيقة أنه من خلال الفرصة التي أتيحت لي للمشاركة كعضو لجان المشاهدة في هذا المهرجان لاحظت نقاطا مشتركة بين اغلب العروض الي قمت بمشاهدتها- بمشاركة عميدة المسرح السعودي د. ملحة عبدالله, ود. جمال الموجي مخرج ومصمم العرائس والديكور المسرحي- سواء في فئة' التأليف' أو' العروض' وهي بالطبع ملاحظات لا يمكن تعميمها علي كافة العروض في كل المحافظات, ولكنها مجرد ملاحظات نقدية لبعض عروض محافظة القاهرة, أولاها هي اختيار أغلب صناع العروض لموضوعات تناقش أفكار سيطرة إبليس والشياطين والجان علي بني البشر, لدرجة بدت وكأنه اتفاق ضمني بين هؤلاء الهواة, ولكنه في النهاية تظل مصادفة تعكس مدي الحيرة التي يعيشها الشباب هذه الأيام وصلت لمرحلة انعدام القدرة علي تكوين رؤي واضحة لمجريات الأحداث السياسة في الوطن. كذلك فقدان أغلب المخرجين للفارق الجوهري بين المسرح في حالته النصية وكيفية تحويل هذا النص إلي عملية مسرحية مكتملة الأركان, يربط بينها حدث رئيسي يتحرك يإيقاع منتظم يجذب الجمهور طوال الوقت, لذلك تحولت تلك العروض إلي مجرد إلقاء مستمر للحوار المسرحي بلا أي إيقاع أو حدث, خاصة وأن أغلب الممثلين كانوا لا يجيدون الإحساس بالجملة الحوارية, فيطلقونها كما حفظوا الإناشيد المدرسية في طفولتهم دون أي وعي بأهمية الكلمة ودوافعها لدي كل شخصية ومردودها في نفس الشخصية المقابلة في نفس الحوار. كثير من المخرجين قاموا بتقديم عروض باللغة العربية دون أي داع وكأنها محاولة لاستعراض القوة, في حين وقع ممثلوه في مأزق نطق مخارج الحروف والتشكيل النحوي بطريقة سليمة, وهو ما أفقد المشاهد الإحساس بكامل العرض. أغلب المخرجين افتقدوا احساس' الميزانسين' أو الحركة المسرحية فقام بتوزيع ممثليه علي خشبة المسرح بشكل ثابت طول العرض لالقاء الحوار بشكل تمثيلي مفتعل ودمتم, كما أن بعض مصممي الديكور حاولوا تقديم ديكورات مبالغ فيها دون معرفة بطبيعة المسرح الذي سيقوم بالعرض عليه, وهو بالطبع ما سيسبب لهم مشاكل بالجملة إذا كان المسرح غير مجهز لاقامة تلك العروض, اللهم إلا عرض واحد لفت نظري قام فيه المخرج باستغلال حركة الممثلين لعمل تكوينات بديلة للديكور كأن يشبك الممثلين أياديهم لأعلي لعمل بوابات للمرور مثلا, وهي فكرة مبتكرة وخلاقة, والحقيقة أن كثيرا من هؤلاء الشباب الباحثين عن فرصة للظهور والشهرة, يحتاجون بعض الإحساس بالحالة المسرحية التي قد تأتي بدمجهم في بعض الورش المسرحية أو المراكز المتخصصة في التمثيل والإخراج والديكور والإضاءة وما شابه. تلك الملاحظات في النهاية تبقي هي الهدف الإيجابي والحقيقي لمثل هذا المهرجان, وهو أن تضع يدك علي مواطن الضعف لدي كثير من الشباب الذين يملك بعضهم بذرة موهبة حقيقية ولكنها تحتاج رعاية وتبن لن يتوفرا إلا من خلال هذا الحدث الذي يتيح للمخرجين فرصة استكشاف عناصر جيدة من كل محافظات مصر مجتمعة علي مسارح الدولة ومن هنا يأتي تجديد الدماء.