سلط تقرير منظمة الشفافية الدولية' الفساد العالمي: التعليم' الضوء علي قضية الفساد في قطاع التعليم بعد إكتشاف حقيقة مزعجة تؤكد أن دورة التعليم بكافة مراحلها بدءا من المرحلة الإبتدائية وصولا إلي التعليم العالي ليست محصنة ضد الفساد. وقد تناول التقرير عدة أوجه وأشكال للفساد في قطاع التعليم علي مستوي العالم بوجه عام بما فيها حالات فساد قطاع التعليم بأفريقيا.وأكد أن الفساد في قطاع التعليم يعد عائقا خطيرا يعترض تحقيق التعليم الجيد لأهدافه مما يعرقل التنمية الإجتماعية والاقتصادية. وتم التأكيد علي أن الفساد في التعليم ضار بشكل خاص لكونه يكرس ويستدرج المجتمع لقبول الفساد من مراحل عمرية مبكرة.فالطفل الذي يدرس في المدرسة نادرا ما تتاح له القدرة علي طرح تساؤلات حول قواعد الإدارة في الفصل أو في المدرسة.وبالتالي تتزايد مخاطر اعتناق وتبني الطلبة آراء فاسدة حول وسائل تحقيق النجاح منذ بداية العملية التعليمية.وفي المرحلة التالية ينتقل الطلبة بتلك الرؤي والأفكار الفاسدة إلي المجتمع لتتحول إلي معيار مجتمعي تبدأ دورته الجديدة مع كل جيل!! وقد وضعت الشفافية الدولية تعريفا للفساد بأنه'إساءة إستخدام سلطة معهودة بالمرء من أجل تحقيق مكسب خاص'. فالفساد في المدارس يشمل المشتريات الحكومية, وأعمال الإنشاءات الوهمية, والمعلمون الأشباح, وتشتيت للموارد المخصصة للكتب المدرسية ودعم العملية التعليمية, والرشوة للإلتحاق بالتعليم, وشراء الدرجات, والمحسوبية في تعيين المعلمين والدبلومات المزيفة, وإساءة استخدام المنح الدراسية في تحقيق ربح خاص,ونسب تغيب المعلمين,والدروس الخصوصية في أماكن التعليم الرسمية بالإضافة للإستغلال الجنسي في الفصول وقاعات الدراسة. وعلي مستوي التعليم العالي توجد بعض مظاهر للفساد التي تعكس امتداد' منطقي' للفساد في المدارس, منها المدفوعات غير المشروعة أثناء الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي ضمن إجراءات القبول, والمحسوبية في إعطاء مناصب القائمين بالتعليم, والرشوة في الإسكان الجامعي ومنح الدرجات, والتأثير السياسي وتأثير الشركات بغير وجه حق علي البحوث, وسرقة البحوث ونسبها إلي غير مؤلفيها, والمؤلفين الأشباح, والدبلومات الممنوحة عبر الإنترنت و'دكاكين'منح الدرجات العلمية, والتلاعب ببيانات وظائف الخريجين والفساد في الإعتراف بالدرجات العلمية في التعليم العابر للحدود وهي جميعها مظاهر فساد تهدد المستقبل العلمي والمهني لأكثر من3.7 مليون طالب أجنبي في شتي أنحاء العالم. ومن مظاهر الفساد بقطاع التعليم في أفريقيا أشار التقرير إلي أن نسبة الذين دفعوا رشوة من أجل التعليم كانت شديدة الارتفاع مقارنة بالمتوسط العالمي في كل من غانا والكاميرون ونيجيريا وكينيا بينما كانت النسبة منخفضة مقارنة بالمتوسط العالمي في دول مثل المغرب ورواندا. وسجلت الإحصائيات التي أجرتها الشفافية الدولية أن72% من الكاميرونيين و66% في غانا و37% من الكينيين يرون أن نظام التعليم فاسد أو عالي الفساد.أما في رواندا فقد أبدي4% فقط من الروانديين إعتقادهم بفساد نظام التعليم. فقد تم رصد إختلاس ما يقدر ب48 مليون دولار من ميزانية التعليم في كينيا خلال الفترة من عام2004 وحتي2009 وهو مبلغ يكفي لتوفير11 مليونا و400ألف كتاب مدرسي للطلاب.وفي تنزانيا أشار استطلاع بمشاركة180 مدرسة عامة أن ما يقرب من37% من الأموال المخصصة للتعليم قد ضاعت!! وفيما يتعلق بتغيب المعلمين عن مدارسهم سجلت الظاهرة في مدارس العاصمة الكاميرونية ياوندي معدل13% بين صفوف المعلمين الموظفين بالدولة و22% في صفوف المتعاقدين و10% في صفوف التابعين لمجالس الآباء والمعلمين. أما في كينيا فيقدر معدل غياب المعلمين ب30% و26% في أوغندا بينما يقدر في نيجيريا ب11% وتقل عن9% في تونس والمغرب. وفيما يتعلق بالإنتهاكات الجنسية داخل المؤسسات التعليمية فقد سجلت الإستطلاعات البحثية التي أجريت بإحدي مدارس العاصمة البوتسوانية جبروني أن من بين560 طالبة أكدت112 منهن التعرض لضغوط لإقامة علاقات غير مشروعة مع المعلمين وأن56 منهن قبلن بهذا الأمر نتيجة للخوف!! والحلول المقترحة هي الالتزام الموسع بسيادة القانون وبالشفافية والثقة.فوجود مدونات سلوك فعالة للموظفين الحكوميين وآليات محاسبة قوية وإعلام مستقل يرصد حالات الفساد ومجتمع مدني نشط يقي المجتمع من الفساد في قطاع التعليم ويكافحه. وتجدر الإشارة إلي أن20% فقط من الآباء والأمهات في سبع دول أفريقية حاولوا الوصول إلي المعلومات المالية المتعلقة بمدارس أطفالهم. وهكذا بدا من الواضح أن قطاع التعليم في أفريقيا يحتاج إلي المزيد من الجهود لمكافحة الفساد حماية لمستقبل القارة الأفريقية ومستقبل شعوبها ومستقبل جهود التنمية الإقتصادية والإجتماعية والسياسية بها لتتمكن من التغلب علي مثلث المشكلات المزمن الجهل والفقر والمرض الذي عصف بماضيها ويعرقل حاضرها ويهدد مستقبلها.