تسليم 1146 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    استمرار توافد الناخبين على اللجان من أجل الادلاء باصواتهم في انتخابات مجلس النواب بالمنيا    رئيس الوزراء: المعرض الدولى لتسويق مخرجات البحوث منصة رائدة تدعم الاقتصاد    وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج السبت    أسعار الذهب في قطر اليوم الخميس 11-12-2025    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    وصول 60 ألف طن قمح روسى لميناء دمياط    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة قرة انرجى.. 25 عامًا من العمل في مجالات الطاقة والمرافق والبنية التحتية    معلومات الوزراء يناقش مع "اليونيسف" رسم خريطة بيانات لأوضاع الأطفال في مصر    ترامب يعلن موعد إعلان مجلس السلام الخاص بغزة.. تفاصيل    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    كأس العرب - استبعاد لاعب السعودية حتى نهاية البطولة    ترتيب أبطال أوروبا - أرسنال يحافظ على العلامة الكاملة.. والجولة السابعة بعد أكثر من شهر    طلع على الشط لوحده.. التفاصيل الكاملة لاصطياد تمساح الزوامل بعد حصاره    عمرو مصطفى وزياد ظاظا يحققان 3.5 مليون مشاهدة بأغنية بعتيني ليه (فيديو)    «الكشري المصري» يدخل التاريخ    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    صحة الجيزة ترفع جاهزية الفرق الوقائية استعدادًا لحملة التطعيم ضد مرض الحصبة    صحة غزة: موجات البرد القارس فتحت بابا جديدا للموت    ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارات موسكو على تعليق عملياتها خلال الليل    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    احتفالات في سوريا بعد إلغاء "النواب" الأمريكي قانون قيصر ورفع العقوبات    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    أزمة محمد صلاح وليفربول قبل مواجهة برايتون.. تطورات جديدة    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    الأهلي ينهي صفقة يزن النعيمات لتدعيم هجومه في يناير    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    مصدران: أمريكا تدرس فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على الأونروا    أحمد بنداري يدعو المواطنين للمشاركة ويحدد رقمًا لتلقي شكاوى الانتخابات    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    مورينيو يكشف أسباب فوز بنفيكا على نابولي في دوري الأبطال    قرار جمهوري بتعيين القاضي مجدى خفاجي رئيسا لمحكمة استئناف قنا    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد فهمي: لا يوجد لدينا تأريخ رصين لمصر الحديثة
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 10 - 2013

منع غياب الوثائق الرسمية لكثير من الأحداث المهمة في تاريخ مصر الحديث, وعلي رأسها وثائق حربي1967 و1973, مصر من إنتاج معرفة تاريخية حقيقية عن تاريخنا المعاصر
فحتي الآن لا توجد تواريخ مصرية رصينة عن تاريخنا الحديث, كما يري المؤرخ, خالد فهمي, رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة, لكن فهمي لا يعزو المشكلة كلها إلي غياب الوثائق ولكن أيضا لغياب إقبال المؤرخين المصريين علي كتابة تاريخ الحقبة إذ لايزالون يعتبرون أنها لا تنتمي للتاريخ بعد.
ويقول فهمي مؤلف كل رجال الباشا, إن أغلب المؤرخين المصريين يعتبرون أن حرب1973 تنتمي لحقل السياسة وأن مدة40 عاما ليست كافية بعد لدخولها كتب التاريخ, وتسمح بتناولها من زاوية نظر تشمل جميع جوانبها, وذلك برغم أن المدارس التاريخية الغربية والأجنبية تعتبر أن مدة30 سنة أو أقل مدة كافية للغاية لدخول حدث ما كتب التاريخ, بل إن الاتحاد السوفيتي دخل كتب التاريخ كحدث تاريخي. لكن المدرسة الأكاديمية التاريخية المصرية لاتزال عند قواعدها العتيقة, وهو ما تسبب في انحصار الكتابات التاريخية عن حرب أكتوبر إما في مذكرات أناس أحياء ممن عاصروا الحرب أو شاركوا فيها أو عبر التناول الصحفي, لكن فهمي لم يعد يري أن الوضع بعد40 عاما أصبح ملائما لذلك النوع من التناول علي الإطلاق, فهذا التناول يظل مجتزأ يعتمد علي وثيقة من هنا أو هناك, ولكن هذا ليس عملا مؤرخا, فالمؤرخ يقرأ الوثيقة في سياقها الأوسع ويقارنها بما سبقها وما لحقها ويعمل ضمن مجموعة ضخمة من المادة الوثائقية ولا يعتمد علي وثيقة منفردة كما تفعل الصحافة أو كتب المذكرات.
ويعاني حقل الدراسات التاريخية المعاصرة بمصر من مشكلة حقيقية, تكمن في غياب أغلب وثائق الجهات السيادية الخاصة بالنصف الثاني من القرن العشرين, ومن أبرز تلك الوثائق وثائق حرب1973 والتي لاتزال تحتفظ وزارة الدفاع ومؤسسة الرئاسة بها ولم تسلمها إلي دار الوثائق تمهيدا للإفراج عنها طبقا للقوانين والقواعد المنصوص عليها.
وأفرجت دار الوثائق القومية, منذ أيام عن أول وثائق غير حربية متعلقة بحرب أكتوبر تتعلق بإعداد الدولة للحرب, صدرت في كتاب بعنوان مصر في قلب المعركة, لكن الكتاب لا يضم أي وثيقة تتعلق بالعمليات الحربية الخاصة بحرب أكتوبر أو محاضر اجتماعات كبار قادة الجيش واجتماعات رئيس الأركان ووزير الدفاع مع الرئيس أنور السادات. وتناضل الدار والكثير من المؤرخين المهتمين للإفراج عن تلك الوثائق التي كان يجب أن تتسلمها دار الوثائق في أكتوبر من عام1988 بحسب القانون.
ويلجأ المؤرخون المصريون والأجانب ممن لديهم اهتمام بحرب أكتوبر إلي الأرشيفات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والروسية مؤخرا للتأريخ لحرب أكتوبر والتي تحوي محاضر اجتماعات كبار قادة الأمن القومي ورؤساء تلك الدول التي كانت منخرطة في الحرب بشكل أو بآخر وهو ما يتيح مادة غنية عن الحرب, لكنها مادة تروي وجهة نظر تلك الدول وحكوماتها, بينما الرواية المصرية غائبة.
ويشكل غياب الرواية المصرية خطورة علي كتابة تاريخ الحرب من وجهة نظر وثائق إسرائيلية أو أمريكية, لكن فهمي يشير إلي نوع آخر من الخطر وهو الوقع النفسي السيئ علي قارئ التاريخ الذي يقرأ تاريخ حرب أكتوبر, التي تعتبرها مصر أكبر نصر عسكري لها في تاريخها الحديث عبر وثائق ومصادر أجنبية لا يوجد بها مصدر مصري واحد, ويزعم فهمي أن هذا الأمر يترك علي الشباب أثرا سيئا, يجعله يشعر بأننا حتي غير قادرين علي سرد رواية تلك اللحظة المبهرة في تاريخنا من وجهة نظرنا وبمصادرنا ووثائقنا. تشفي الوثائق والصور الآتية من الخارج, كالتي أفرجت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مؤخرا عنها غليل الكثيرين من القراء لكنها تترك ترسبات نفسية سيئة.
يحلو لفهمي الذي تخصص في تاريخ جيش محمد علي وبناء الدولة الحديثة, وقدم قراءة مغايرة للسردية السائدة حول تأسيس ذلك الجيش عقد المقارنات بين المصادر التي يملكها لكتابة تاريخ حروب جيش محمد علي, حتي في أحلك لحظاته وانسحاب الجيش مهزوما من الشام, وبين المصادر والوثائق التي يملكها لكتابة تاريخ حرب1967 أو حرب1973 وهي مصادر تكاد تكون معدومة.
من المثير للعجب والمفارقة أن هناك مصادر كافية لكتاب حروب محمد علي, ومواجهته مع السلطان العثماني, عبر وثائق تضم مراسلات إبراهيم باشا قائد الجيش مع أبيه محمد علي وتقارير في غاية الأهمية والدقة عن مقابلاتهما مع ممثلي القوي العالمية, وتضم أدق التفاصيل, ويمكن عبرها رسم صورة واضحة للحرب يوما بيوم, وتوجد أعداد وفيرة من تلك المراسلات محفوظة ومفهرسة, برغم أنها تعود لوقت كان جيش محمد علي مهزوما لكنه استطاع العودة والانسحاب بشكل منظم ومعه كل أوراقه ووثائقه التي تم حفظها في القلعة بعد عودة الجيش, وهو ما يري فيه فهمي أمرا مبهرا إلي أقصي حد. فالأرشيف المصري هو الأكثر غني من بين أرشيفات العالم حول تلك الأزمة التي كانت أزمة عالمية بحق, تورطت فيها كل القوي الكبري.
يري فهمي أن الجيوش المعتزة بنفسها يكون لديها ما تفخر به حتي ولو كانت تنسحب بعد هزيمة.
يريد فهمي الإفراج عن تلك الوثائق لمعرفة حقيقة النزاعات التي تذكرها كتب المذكرات وعلي رأسها ما قاله الرئيس السادات عن خلافه مع رئيس أركانه الراحل سعد الدين الشاذلي, وأيضا حقيقة ما قاله الشاذلي في مذكراته عن خلافه مع السادات وقت الحرب. لا تكفي شهادة أي منهما لإثبات تاريخ لكن السجلات الرسمية وكشوف الحضور يمكنها أن تفعل. أهمية إطلاق تلك الوثائق والملفات هي تأريخ وتوثيق النصر العسكري والاستخباراتي المبهر في أكتوبر1973 من واقع سجلات الحرب واجتماعات كبار القادة ويحسم الخلافات حول التاريخ. خلافات لم يعد محلها دائرة الصحافة والمذكرات ولكن كتب التاريخ التي لا يزال مؤرخونا يعتقدون أن حروب مصر الحديثة لم يفت عليها وقت كاف لدخوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.