العشم مصطلح عربي أصيل لا يوجد ما يضاهيه في أي لغة حية أخري.. وهو يعني الأمل أو الطمع في شخص ما, وغالبا ما يكون من باب الحب وحسن الظن.. وايضا يرتبط العشم بحالة من الثقة المتزايدة, عبر عنها الفريق أول عبد الفتاح السيسي في لغة بسيطة وعبقرية عندما قال ان هناك عشم بينه وبين جماهير الشعب المصري. هذا العشم المتبادل هو سر الشعبية الطاغية التي حققها السيسي في زمن قياسي منذ أن تعشم الشعب المصري في قدرته علي ازاحة كابوس جماعة الاخوان المسلمين الذين وصلوا الي السلطة في ظروف غامضة لم يكشف النقاب عنها حتي الآن.. انصاع الرجل لأمر الشعب بعد أن اكتشف أن أحدا لا يحنو عليه وأن قادم الأيام والسنين قد يعصف بوحدة هذا الشعب وترابه الوطني.. وفي الوقت نفسه تجلي عشم السيسي في الشعب يوم أن طلب منه الخروج العام لتفويضه في محاربة الارهاب المحتمل من جماعة الاخوان واعوانها في اعقاب انكشاف خطتهم الجهنمية لتحويل مصر بمساعدة من شياطين الغرب الي ساحة لحرب أهلية تقضي علي الأخضر واليابس. الآن.. لم تعد مصر قادرة علي تحمل تبعات ثورة ثالثة يكون من شأنها ضياع الأمل نهائيا في الاستقرار وصنع المستقبل الذي تكون فيه مصر قد الدنيا.. ومن هنا نستطيع أن نفهم هذه القناعة الكاملة التي تملكت المصريين في أن القدر قد اختار هذا الرجل في هذه المرحلة من التاريخ المصري- خاصة اذا أمعنا النظر في الظروف والكيفية التي برز بها السيسي الي الساحة العامة ليحمل مسئولية الخروج بمصر وشعبها الي خارج هذه الدائرة الجهنمية والانطلاق الي المستقبل.. اذن هو تكليف ب عشم من المصريين الي هذا الرجل لكي يعبر بهم الي بر الأمان بعد كل هذه المعاناة وكل ذلك الفشل من القوي السياسية كافة. وبعد أن ازاح المصريون كابوس نظام الاخوان المسلمين, وفي ظل هذا التهديد الارهابي الذي ينذر بحالة شديدة الاستقطاب تؤدي حتما الي صراعات وحروب أهلية لن تنتهي الا بتقسيم البلاد بعد تدخل عسكري دولي, اصبح من الواجب البحث عن الشخصية الكاريزمية التي تستطيع أن تلم شمل الأمة, حيث ثبت قطعا أنه لا يوجد علي الساحة ومنذ ثورة يناير, من يصلح لقيادة البلاد من النخبة السياسية التي مكنت الاخوان من القفز علي السلطة. ايضا لابد من ادراك مسألة مهمة للغاية, وهي أن البروز المفاجئ للسيسي وتلك الشعبية الكاسحة التي احاطت به قد خلقت وضعا يصعب التعامل معه مستقبلا من قبل أي رئيس قادم للبلاد مع استمرار السيسي وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة, حيث سيظل السيسي شاء من شاء وأبي من أبي هو رمز ثورة يونيو الشعبية, وسوف يعاني الرئيس القادم من هذه العقدة حتما.. فهل نحن في حاجة الي رئيس قادم يسيطر عليه الحقد والضغينة تجاه شعبية السيسي الطاغية؟.. فلماذا اذن الدخول الي هذه المتاهة التي ستكون وبالا علي مصر؟. أضف الي ذلك أن أي رئيس قادم لن يستطيع الافلات من ضغوط مختلف التيارات السياسية التي ستخرج الي التظاهر في مواجهته سواء بأجندة محلية وطنية أو بتعليمات من جهات خارجية.. ميزة أن يكون السيسي هو الرئيس القادم لمصر من خلال انتخابات حرة, أن الرجل لا ينتمي الي أي فصيل سياسي.. انتماؤه الوحيد هو الي هذا الشعب وهذا الوطن, ومن ثم فلن يخضع لأي ابتزازات سياسية تعيقه عن أداء مهمته الكبري, علما بأن المرحلة المقبلة ستكون هي المرحلة الانتقالية الحقيقية التي يتم خلالها فرض سيادة القانون وانهاء كل مظاهر الفوضي العارمة والتراجع الاقتصادي, وكذا القضاء علي العمليات الارهابية التي تهدد الأمن القومي والأمن العام والأمن الاقتصادي والاجتماعي. ولا ننسي أن جميع القوي السياسية المدنية في حاجة ماسة الي مرحلة للهدوء تراجع خلالها اخطاءها السابقة وتنتقل من حال المراهقة السياسية الي حال النضج الذي يؤهلها لقيادة دولة في حجم مصر. مصر الآن أمانة في عنق الجيش.. والجيش أمانة في عنق السيسي.. وبحسبة رياضية منطقية يكون السيسي مسئولا عن مصر في هذه الأيام حالكة السواد.. ليس في مقدور السيسي التخلي عن مسئوليته.. ليس في مقدوره ألا يكون عند مستوي عشم الجماهير.. انه القدر الذي توافق مع العشم.. عشم الناس في هذا الرجل القادم من أعماق الأصالة المصرية. لمزيد من مقالات محمد السعدنى