كان المجلس الأعلي للشئون الإسلامية, من أدوات القوة الناعمة لمصر في فترة الستينيات, وأداة للتواصل مع المسلمين في الخارج, وتعليم أبناء العالم العربي والإسلامي بجامعة الأزهر, ومنبرا لنشر ترجمات معاني القرآن الكريم إلي عدد من اللغات الأجنبية والإصدارات الدينية المستنيرة. لكن تراجع دور المجلس في العقود الماضية, وأصبح جثة هامدة رغم كل الجهود التي بذلت للنهوض به مرة أخري, وأصبح عمل المجلس موسميا, من خلال المؤتمر السنوي وتنظيم ملتقي الفكر الإسلامي في رمضان. ونظرا للمكانة الكبيرة والدور المنتظر من المجلس بعد إعادة تشكيل لجانه وعودة كبار علماء الأزهر الذين تم استبعادهم من عضويته خلال حكم النظام المعزول, حدد علماء الدين الخطوات الواجب اتباعها ليعود المجلس منارة للعلم والوسطية ونشر الثقافة الإسلامية. وطالبوا بضرورة التواصل مع الأقليات الإسلامية في الغرب, والرد علي الشبهات وإرسال الكتب الدينية للمسلمين في الخارج وترجمتها إلي مختلف اللغات, وإيفاد العلماء المتميزين إلي الدول الأجنبية لنشر سماحة الإسلام. كما طالبوا بضرورة التنسيق الدعوي مع الأزهر الشريف, ومحاربة التشدد والتطرف وتدريب وتأهيل الدعاة علي الوسطية والاعتدال. وأكد الدكتور محمد مختار جمعة, وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية, أن المجلس بتشكيله الجديد الذي شهد عودة أعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وكبار علماء الأزهر ودعاة الأوقاف, بالإضافة لعدد من المثقفين والمفكرين الذين تم استبعادهم في ظل النظام السابق, أصبح حاليا من كبري الهيئات العلمية الموجودة في مصر, ويؤهله للعودة إلي دوره الرائد في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين في الداخل والخارج, كمنبر للعلم والثقافة الإسلامية الوسطية, وأوضح أن هناك الكثير من الأفكار التي سيتم تنفيذها فور اجتماع اللجان بتشكيلها الجديد, الشهر القادم, وذلك ليعود المجلس بوابة للتواصل مع الأقليات الإسلامية في الخارج, وتدريب وتعليم أبناء العالم الإسلامي وإرسال إصدارات المجلس للدول العربية وللمسلمين في الغرب, والرد علي كل ما يثار من قضايا تخص الإسلام والمسلمين. ومن جانبه قال الدكتور أحمد عجيبة, الأمين العام للمجلس, إن الفترة القادمة ستشهد طفرة كبيرة في عمل اللجان من خلال الاجتماعات الدورية والمقترحات التي سيتم العمل بها لتطوير أداء هذه اللجان المتخصصة في جميع الفروع, لأن الهدف الذي نسعي إليه يتمثل في أن يعود المجلس ليكون منارة للعمل والثقافة الإسلامية وخدمة الإسلام, كذلك سيكون هناك عدد كبير من الندوات التي تعقد بالمجلس بمشاركة كبار العلماء لتوضيح منهج الإسلام في التعامل مع القضايا المختلفة والتي تهم الإسلام والمسلمين, ودورات تدريبية وتأهيلية لتدريب الدعاة علي الوسطية والاعتدال ومنهج الأزهر الشريف. الدور الخارجي المأمول وإذا كانت الآمال معلقة علي عودة المجلس إلي استعادة دوره الخارجي, فان الشيخ جابر طايع عضو لجنة السيرة, يري أن تلك اللجنة منوط بها نشر الثقافة الإسلامية في مصر والخارج, وان أعضاء اللجنة يعكفون حاليا علي وضع الخطط لعرض سماحة الإسلام ومواقف الرسول الكريم والصحابة في مختلف القضايا, وذلك بالتركيز علي الأخلاق والقيم والمبادئ التي حملتها لنا الشريعة الإسلامية, فالغرب لابد أن يري الوجه المشرق للإسلام, لأن هناك الكثير من الأقاويل الظالمة التي يطلقها البعض ضد الإسلام والمسلمين, ومن هنا دعت الحاجة إلي دراسة سبل تصحيح المفاهيم الخاطئة التي يسعي البعض لنشرها, وبيان الحكم الشرعي في كثير من قضايا الأقليات, وإيضاح مواقف الرسول صلي الله عليه وسلم والصحابة, كما ان هذه اللجنة سيكون لها دور كبير في توصيل رسالة المجلس والعمل علي تصحيح المفاهيم ومواجهة التشدد والتطرف, لأنها تضم كبار علماء الأزهر الشريف ومنهم الدكتور الأحمدي أبو النور والدكتور أحمد عمر هاشم. الاهتمام بقضايا المرأة وقالت الدكتورة سعاد صالح, الأستاذة بجامعة الأزهر وعضو لجنة المرأة والطفل والأسرة, أنه تم تكليفها في عهد الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف السابق برئاسة لجنة قضايا المرأة المعاصرة, وكان هناك جهد كبير لهذه اللجنة, وتمثل ذلك في زيارة شهرية لسجن النساء, للتعرف علي المشكلات التي تعانيها السجينات, وكان يتم عرض هذه المطالب علي إدارة السجن, وكان هناك تعاون كبير بين اللجنة وإدارة السجن. وتري أن لجنة الطفل والمرأة والأسرة لابد أن تهتم بقضايا المرأة منذ الطفولة, وذلك من خلال الندوات والزيارات الميدانية للتعرف علي مشكلات المرأة وتقديم حلول لها, وأن تلعب اللجنة دورا كبيرا في مجال محاربة العنف ضد النساء, والوقوف بجانب المرأة المعيلة والمطلقة والأرملة, وظاهرة زواج القاصرات والختان والرؤية والحضانة وغيرها من القضايا الاجتماعية التي تهم المرأة والأسرة والطفل, وأوضحت أن عمل اللجنة سيقوم علي دراسة المقترحات المقدمة من الأعضاء فيما يتعلق بمشاكل الأسرة والطفل والمرأة, لكن لابد أن تكون هناك ندوات بشكل منتظم حول عمل اللجنة, وذلك بالإضافة إلي إصدارات المجلس التي تتناول القضايا التي تناقش داخل اللجنة. التنسيق مع الأزهر وإذا كان الدكتور طه أبو كريشة, عضو هيئة كبار العلماء وعضو لجنة الدراسات القرآنية بالمجلس, يؤكد أن اللجنة ستعكف علي دراسة الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام قديما وحديثا, والرد عليها بما يدحضها ويكشف غايتها, فان الشيخ أحمد ترك عضو لجنة الحوار والتواصل الثقافي بالمجلس, يري أن تنظيم الندوات الشهرية والدورات التدريبية والتأهيلية للأئمة والدعاة بمشاركة كبار العلماء بالمجلس, حول قضايا المواطنة وسبل تصحيح المفاهيم الخاطئة ومواجهة التشدد, سيكون أحد أهم الأدوار التي سيقوم بها المجلس في الفترة القادمة في الداخل والخارج. وفي سياق متصل يؤكد الدكتور حامد أبوطالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو لجنة الفقه وأصوله بالمجلس, أن عودة الأزهريين إلي لجان الفقه بالمجلس, والذين تم استبعادهم في ظل النظام السابق, يحتم علينا إعادة النظر في القضايا المستحدثة علي مستوي العالم الإسلامي كله, ولمنع التداخل بين عمل هذه اللجنة مع مجمع البحوث الإسلامية فهناك تنسيق كامل بين اللجنة وبين مجمع البحوث, وإذا عرض موضوع علي المجمع فإن لجنة الفقه وأصوله بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية لن تتعارض في رأيها مع رأي مجمع البحوث الإسلامية, لأن المجمع يضم كبار علماء الأمة, والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية في تشكيله الجديد ينسق مع الأزهر الشريف علي مستوي جميع اللجان, وكل هذا من شأنه أن يجعل للمجلس دورا كبيرا خلال الفترة القادمة, وان يكون له تأثير إيجابي كبير علي مستقبل الدعوة في مصر.