وجهت قوي سياسية انتقادات عنيفة للحكومة, لاقرارها قانون التظاهر وعرضه علي رئيس الجمهورية, تمهيدا لاصداره دون طرحه علي حوار مجتمعي شامل. وشنت هذه القوي هجوما علي العديد من نصوص القانون الذي رأوا أنه يمثل بشكله الحالي تهديدا لمكتسبات الثورة. عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي القيادي في جبهة الانقاذ أعرب عن اعتقاده بأن هذا القانون لن يقدر له التطبيق وسيموت بالسكتة القلبية لأن المزاج العام للشعب المصري الآن هو أنه لا يمكن للمواطن الحصول علي حقوقه ما لم يمارس ضغطا جماعيا جماهيريا من خلال المظاهرات والاعتصامات, مدللا علي ذلك باضرابات عمال المحلة الكبري خلال مناقشة الحكومة للمشروع, مما أدي إلي إصرار الحكومة علي تلبية مطالبهم ليتم فض الاضراب قبل العيد, وأبدي شكر تحفظه علي عدد من نصوص مشروع القانون منها اشتراطه عدم اقتراب المتظاهرين من المبني الذي يراد التظاهر أمامه إلا في حدود150 أو100 متر وكذلك منع الاعتصامات علما بأن أي مظاهرة تحتاج لوقت كاف للضغط علي صانع القرار لكي يستجيب للمتظاهرين وهو ما يعني أن المظاهرة يمكن أن تتحول إلي اعتصام. وأشار في هذا الصدد, إلي العقوبات المغلظة علي مخالفة القانون التي تشمل السجن لمدة تصل إلي3 سنوات وغرامة تصل إلي100 ألف جنيه, وهي عقوبات لا تتناسب مع المخالفات التي حددها القانون. وشدد شكر علي أن أخطر ما جاء في هذا القانون أنه يمنح أجهزة الأمن الحق في منع المظاهرة إذا توافرت لها معلومات تقدمها لجهة قضائية تعطيها الحق في منع المظاهرة. وقال إنه من المهم أن تعي الحكومة أن المتظاهرين في مصر الآن ومستقبلا ليسوا من الإخوان وحلفائهم فقط, بل هناك أيضا العمال والمعلمون والعاطلون إلي جانب فئات اجتماعية تعاني من مشكلات لم تتوافر حلولها حتي الآن وهي مضطرة للتظاهر كوسيلة للضغط من أجل الحصول علي حقوقها. وطالب شكر الحكومة بضرورة التمهل في إصدار القانون وأن تسارع بإصدار قانون الحريات النقابية أو الجمعيات الأهلية أو النظام العادل للأجور باعتبارها تمثل أولوياتا ومطالب مهمة للجماهير. وأشار إلي أن المجلس القومي لحقوق الإنسان طلب من الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء طرح مشروع القانون للنقاش المجتمعي العام لمدة أسبوعين علي الأقل حتي تتم الاستفادة من اتجاهات الرأي العام قبل إصدار القانون واحترام اتجاهات الرأي العام. ومن جانبه وصف هيثم الشواف منسق تكتل القوي الثورية القانون بأنه انتهاج الأسلوب نفسه الذي لجأ إليه مبارك واسقطه الشعب, وحاول الإخوان تطبيقه وتخلص منهم المصريون في أقل من عام, وتساءل لماذا يأتي كل نظام يحاول تحصين نفسه من خلال قانون التظاهر, مشيرا إلي أننا لن نسمح أن تعود الدولة البوليسية وعودة الأمور إلي الأسوأ مما كانت عليه ونحن ضد القمع والدولة البوليسية. وأوضح هيثم الخطيب القيادي في حزب الدستور واتحاد شباب الثورة أن قانون التظاهر يحتاج إلي تعديلات وتنظيم التظاهر بحيث يكفل حرية التعبير في الرأي دون المساس بتلك الحريات التي هي أحد مطالب ثورة يناير و30 يونيو, ومن أبرز التعديلات التي يطالب بها الخطيب: المادة التي تنص علي تطبيق غرامة100 ألف جنيه, وأيضا مادة أن يكون التظاهر بعيدا عن حرم المنشآت,كيف تكون الداخلية وسيطا بين المتظاهرين والجهة التي يقام ضدها التظاهر, و طالب بضرورة إدخال تعديلات جوهرية لهذا القانون لأنه سيمنح جماعة الإخوان ذريعة لاستقطاب حركات ثورية ونشطاء سياسيين, موضحا أنه لا يعقل ان نعطي سلاحا للمزايدة علي شباب الثورة. ورأي محمد عطية عضو المكتب السياسي لتكتل القوي الثورية أن القانون يحتاج إلي تعديل, لأن شكله الحالي يهدر مكتسبات ثورة يناير بما يحمله من قيود لحرية الرأي والتعبير, موضحا أن الشعب المصري لن يقبل الخداع مرة أخري, فحفظ الأمن مسئولية الدولة, واحترام الحريات واجبها, وليس منحة, ويجب ألا يكون هناك صراع بين مسئوليات الدولة وواجباتها. وأضاف أن التظاهر السلمي حق مكفول بحكم الدستور والقانون والمواثيق الدولية, ويجب عدم تكبيله أو قمع من يقوم به, مادام يتم في إطار قانوني, ولا يضر بالمنشآت العامة, أو ممتلكات الأفراد, ولا يتسبب في أعمال عنف أو تخريب. وأكد أحمد بسيوني مدير المكتب الإعلامي للحركة وعضوا المكتب السياسي لحركة شباب6 أبريل الجبهة الديمقراطية رفضه قانون حق التظاهر, مشيرا إلي أن إصدار قانون التظاهر دون التقدم وطرح خطوات جدية لملف إعادة هيكلة الداخلية وملف العدالة الانتقالية أمر مرفوض. ومن جهته انتقد شادي العدل رئيس اتحاد شباب حزب المؤتمر عضو المكتب التنفيذي لشباب جبهة الانقاذ القانون مؤكدا أن المطالبة بالحقوق لا تستدعي استئذانا, وقال إنه إذا كان هناك إصرار علي وضع قانون لتنظيم التظاهر, فلابد أن يجرم الخروج عن سلمية التظاهرات فقط, مشيرا إلي أن المطالبة أولا بتصريح للتظاهر من الجهات الأمنية, وانتظار ردها بالرفض أو الموافقة يدخل في حيز العبث والاعتداء علي الحريات. وطالب العدل بضرورة الفصل بين التظاهر وأعمال الشغب بشكل واضح وبتعريفات قاطعة غير قابلة للتأويل. وقانونيا أكد بهاء الدين أبو شقة الفقيه الدستوري ضرورة أن يحقق هذا القانون مواءمة بين أمرين مهمين الأول الحق الدستوري والمقرر دستوريا في جميع دساتير العالم وهو حق التظاهر السلمي, والثاني حق الدولة في أن تراقب هذا التظاهر السلمي وأن تؤمنه فإذا خرج هذا التظاهر عن حدود السلمية وكان من شأنه تكدير الأمن العام أو الاعتداء علي الأموال العامة والخاصة والأرواح أو من شأنه أن يعطل وسائل المواصلات العامة فكل هذه الأمور تشكل جرائم يعاقب عليها طبقا لقانون العقوبات والقوانين الخاصة ويحق للدولة أن تتدخل وهذا التدخل لا يمس الأصل الدستوري في هذا الخصوص والفيصل في هذا الحق هو السلمية. وأضاف أبوشقه, أن هناك فرقا بين تنظيم استعمال الحق وإلغاء الحق ومن سلطة الدولة تنظيم الحق وليس إلغاء الحق وهذا هو الخط الرفيع الذي يفصل بين قبولنا أو رفضنا هذا القانون, مشيرا إلي أن الخلط بين المفهومين هو سبب الجدل والرفض من البعض.