ارتبطت مصر منذ فجر التاريخ بعلاقات متميزة وقوية مع دول الخليج العربي, انطلاقا من اقتناع مشترك بين الطرفين بأن أمن مصر القومي يبدأ من منطقة الخليج, وأن دول الخليج لا تنسي لمصر أبدا مواقفها الثابتة والراسخة. سواء في مرحلة الاستقلال أو البناء, وإمداد الخليج بالمعلمين والكوادر في مختلف المجالات, وتعليم أبناء الخليج في القاهرة. والتاريخ يذكرنا بوقوف مصر مع دولة الكويت ضد محاولات قادة العراق احتلالها واحتوائها, سواء في عهد عبدالكريم قاسم في الستينيات, أو صدام حسين في بداية التسعينيات من القرن الماضي, ولولا هذا الموقف المصري القوي والمساند للكويت لكان من الصعب الحفاظ علي كيان الكويت, كما لاتزال مصر تساند دولة الإمارات ضد احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث في الخليج وهي: طنب الكبري, وطنب الصغري, وأبو موسي. وأهل الخليج لم ينسوا وصية الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية, والشيخ زايد آل نهيان مؤسس دولة الإمارات لهم بضرورة الحفاظ علي متانة العلاقات مع الشقيقة الكبري لهم مصر. ومن هنا فقد حرص الرئيس المصري عدلي منصور علي أن تكون أول زيارة خارجية له لمنطقة الخليج, بدأها بالسعودية, لأن مصر بعراقتها وشموخها لن تنسي لدول الخليج دعمها السياسي والمادي لها بعد قيام ثورة30 يونيو, والتخلص من حكم الإخوان. ولاشك أن العلاقات المصرية الخليجية باتت تشهد حالة من الانتعاش والعودة إلي طبيعتها المعهودة علي مر التاريخ مع دول الخليج, وتحديدا مع دول المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدةوالكويت ومملكة البحرين, الذين وقفوا بجوار الشعب المصري في ثورته وفي الحرب ضد الإرهاب, خصوصا بعد أن شهدت العلاقات بين مصر وهذه الدول حالة من الجمود تارة وتوتر العلاقات تارة أخري خلال عام كامل مدة حكم الإخوان المسلمين لمصر, ذلك النظام الذي سعي إلي التقارب مع إيران واللعب بهذه الورقة علي حساب أمن دول الخليج الذي يعد بعدا استراتيجيا مهما لأمن مصر في الوقت ذاته. وعلم' الأهرام' أن الرئيس المصري سيقوم بثاني جولاته الخارجية خلال أيام, وتحديدا في النصف الثاني من شهر أكتوبر الحالي, إلي كل من دول الإماراتوالبحرينوالكويت ومن قبل زيارته للسعودية, حاملا معه ملفات عديدة أهمها توجيه الشكر لقادة وشعوب الخليج الذين وقفوا بجانب مصر في محنتها الأخيرة والتي دعمت الإقتصاد المصري بأكثر من12 مليار دولار, وذلك حسبما أكدت لنا مصادر مطلعة. وتأتي أهمية زيارة الرئيس عدلي منصور, إلي دول كل من الإماراتوالبحرينوالكويت في هذا التوقيت, لتوصيل رسالة إلي العالم أجمع بأن مصر عادت إلي وضعها الطبيعي ودورها الريادي في قلب الأمة العربية والخليج العربي الذي يحتضن مصر دوما. فعلي صعيد العلاقات المصرية الإماراتية, يبرز الدور العروبي الذي قامت به دولة الإمارات إبان ثورة30 يونيو ودعمها لأمن واستقرار مصر, ودعمها الإقتصاد المصري لاسترداد عافيته, رغم ما شهدهته العلاقة من توتر بسبب محاولة الإخوان إلي قلب نظام الحكم في الإمارات, خلال حكمهم لمصر, وما كشفت عنه الإمارات من القبض علي خلية إخوانية تبدأ محاكمتها في5 نوفمبر المقبل. وتتسم العلاقات بين الدولتين بأنها نموذج يحتذي في العلاقات العربية العربية سواء من حيث قوتها ومتانتها وقيامها علي أسس راسخة من التقدير والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة أو من حيث استقرارها ونموها المستمر أو من حيث ديناميكية هذه العلاقة والتواصل المستمر بين قيادتي البلدين وكبار المسئولين فيها. أما علي صعيد العلاقات مع دولة الكويت, فتتسم بسمات وخصائص تؤكد عمق الترابط الرسمي والشعبي بين البلدين تؤكدها الزيارات المتبادلة سواء علي الصعيد الرسمي أو الشعبي, ولعل الخصوصية التي تميزت بها علاقات البلدين هي التي جعلتها تتنامي علي نحو سريع وتزداد رسوخا, علاوة علي ذلك تتميز هذه العلاقات علي مدي تاريخها الطويل بتطابق وجهات النظر حيال القضايا الحيوية التي تهم الأمتين العربية والإسلامية والتي تقوم علي ثبات المواقف ووضوح الرؤي. وقد شهدت العلاقات بين البلدين نموا مطردا علي جميع الأصعدة, انعكاسا للدفعة القوية التي اكتسبتها هذه العلاقات إبان العدوان الذي تعرضت له الكويت علي يد النظام العراقي السابق بعد أن أكدت مصر رفضها العدوان ودفاعها ووقوفها إلي جانب الحق الكويتي, مثلما وقفت دولة الكويت مع مصر إبان العدوان عليها عام1967 وحرب أكتوبر عام.1973 وتنتظر مملكة البحرين زيارة الرئيس المصري, خصوصا بعد أن كان لجلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة السبق في زيارة مصر في الأول من شهر أكتوبر الحالي, كأول زعيم خليجي يزور مصر بعد ثورة30 يونيو, أكدت أن مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا, تقف دائما مع الشعب المصري, وتحترم إرادته الحرة وما يختاره ويقرره بشأن حاضره ومستقبله. وتبرز هنا أهمية الاقتراح الذي طرحه الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة السفير البحرينيبالقاهرة حول أهمية دراسة إقامة ملتقي استثماري بحريني- مصري, بهدف طرح الفرص الاستثمارية المتاحة ويتم دعوة المستثمرين العرب بما يصب في مصلحة التعاون الاقتصادي المشترك, باعتبار أن أمن واستقرار مصر هو من أمن واستقرار جميع الدول العربية.. ويمكن أن يعقد هذا المؤتمر سنويا بالتبادل بين المنامة والقاهرة.