إحدي القضايا المهمة التي أثيرت في سياق عملية إعداد الدستور المصري, هي تلك المتعلقة بنسبة الخمسين في المائة للعمال والفلاحين, ومصيرها بين الإبقاء أو الإلغاء أو التغيير. وقد قرأت تصريحا للسيد عبد الفتاح إبراهيم, رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال مصر يقول فيه أنه لم و لن يتنازل أبدا عن نسبة العمال و الفلاحين في مقاعد البرلمان في الدستور الجديد. إن من حق السيد إبراهيم, بل إن من واجبه, الدفاع عن الحقوق السياسية للعمال والفلاحين, ولكن من حق وواجب لجنة الدستور ايضا أن توائم بين كل الإعتبارات وتتخذ الإجراءات المناسبة.إن إقرار جمال عبد الناصر ونظام يوليو لقاعدة تخصيص 50% من مقاعد البرلمان للعمال و الفلاحين, جاء في حينه بالقطع تحقيقا وترسيخا لمباديء المساواة و العدالة الإجتماعية بين كل المصريين. ولم يكن عبد الناصر في ذلك متجاوزا أبدا لقواعد عامة عرفتها بلدان أخري لمعالجة ظواهر متشابهه. فالتمييز الإيجابي Affirmativeaction أو الPositivediscrimination يشير إلي مجموعة من الآليات التي تعتمد لتصحيح مظاهر التمييز أو عدم المساواة التي سادت ضد بعض الفئآت الإجتماعية, سواء علي أساس العرق أو اللون أو الطبقة الإجتماعية أو الدين... إلخ وذلك من خلال تخصيص حصص لهم أو ما يعرف بالكوتا, وقد استخدم هذا المصطلح لأول مرة في الولاياتالمتحدة إبان حكم كيندي, كما عرفته دول أخري مثل الهند وكندا... إلخ. ولكن ليس هناك ما يفرض أن يكون هذا التمييز دائما أو مؤبدا إذا زالت الأسباب التي فرض من أجلها, وفي تصوري أن مسألة حق العمال و الفلاحين في الترشح, وشغل المقاعد البرلمانية, وتولي المناصب العامة, أصبحت أمرا مسلما به في الثقافة السياسية المصرية, وممارسات كافة القوي السياسية, وبالتالي فمن الممكن التفكير في إلغائه وفقما يتجه الإجماع الشعبي. غيرأنني أعتقد أنه إذا كان جائزا أن ينص في الدستور علي مبدأ التمييز الإيجابي كمبدأ معترف به ويمكن اللجوء إليه للقضاء علي أي نوع من التمييز ضد أي فئة أو قوة إجتماعية, فإن تحديد تفاصيل تلك النسب ومتي تفرض ومتي تلغي فيجب أن تترك أو تحال للقانون, حسب الظروف المتغيرة. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب