علي خلفية بعض التجاوزات التي تشهدها بعض برامج التوك شو وخروج بعض مقدمي هذه البرامج عن إطار المهنية والحيادية والمطالبة بضرورة الالتزام بهما يبرز تساؤل مهم, وهو: هل من حق المذيع التعبير عن رأيه تجاه القضية التي يطرحها؟ وما حدود وضوابط هذه الحرية؟ هذا التساؤل كان موضوعات لهذا التحقيق. يقول الإعلامي معتز الدمرداش: لا يوجد ما يسمي بإعلام حيادي وإعلام غير حيادي لكن هناك إعلام مهني وإعلام منفلت أو غير مهني, ونحن يمكن أن نقبل أن يكون هناك رأي لمقدم البرنامج أو المذيع لكن في إطار حوار مع مجموعة من الشخصيات للنقاش حول ملف أو قضية معينة بعيدا عن التنظير أو السماح لنفسي كمذيع باستخدام برنامجي كمنبر للتأثير علي المتلقي, إنما التأثير يأتي من خلال الرسالة التي تتمثل في اختيار الموضوع المطروح للنقاش, وتوقيت عرضه واختياري للضيوف, وأؤكد أنه من المهم لتأسيس ثقافة الحوار في المجتمع حول الملفات الحيوية أن يكون هناك تمثيل للنقاش بآراء مختلفة مع بعضها البعض, والبعد عن إعلام اللون الواحد وإعلام المنابر, وأخيرا يمكن للمذيع أن يعبر عن رأيه في إطار المعايير المهنية والدفاع عن الثوابت التي لا جدال عليها إنما القفز في قارب معسكر علي حساب معسكر أخر يفقده المصداقية. وتقول الإعلامية ريهام السهلي: إن المذيع له حق التعبير عن رأيه, فيما يطرحه من موضوعات لكن بدون تخطي لحقوق الآخرين. وعلي سبيل المثال لا يتهم أحدا جزافا, ولا يعبر عن وجهة نظر واحدة, ولا يوجه سبا أو إهانة للضيوف, وأن يلتزم بقواعد المهنية, ولا يفرض وجهة نظره, ولا يوجه المشاهدين في إتجاه رأيه علي حساب الرأي الآخر, وعموما من الصعب أن يكون المذيع محايدا تجاه ما يطرحه من موضوعات, ومع ذلك يجب أن يكون موضوعيا ولا يفرض وجهة نظره علي كل الأطراف. ويقول د. عدلي رضا أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة من خلال المشاهدات اليومية لكثير من البرامج أري أنه ضاعت الحيادية من جانب مقدم البرنامج بسبب أنه هو الذي يطرح السؤال, ويشارك في الإجابة عليه, وأري أن دور المذيع أن يزود المشاهد بالمعلومات حول الموضوع المثار, وأن يعطي فرصا متكافئة لضيوف, وأن ينوع من اتجاهات الضيوف, وأن يراعي آداب الحوار والارتقاء به أمام المشاهدين, وليس له الحق في أن يعبر عن رأيه حول الموضوع المثار, وإنما يترك الأمر للضيوف لإبداء آرائهم وتوجهاتهم حسب الموضوع المطروح, وعلي المشاهد أن يختار من التوجهات المقنعة, ويا حبذا لو شارك الجمهور نفسه في إبداء الرأي بدلا من انحسار البرامج بين 50 شخصية مكررة ومعادة مما يجعل الآراء المطروحة مكررة ومملة ولا تعبر عن الشعب المصري وتوجهاته المختلفة, وإذا كان المذيع يريد إبداء رأيه في القضية المطروحة, فليترك مقعد المذيع ويذهب لمقعد الضيوف.