بعد مرور نحو45 يوما علي توقف خدمة تشغيل القطارات, عادت صافراتها المميزة تدوي في المحطات مرة أخري لتعلن استئناف عملها في نقل الركاب من خلال14 قطارا بين بنها والاسكندرية وقنا وأسوان. ومع عودة المدارس والجامعات لجأ الطلاب والموظفون إلي المواصلات البديلة مثل: الميكروباص والأتوبيس والتاكسي إلا أن جشع السائقين التهم ما تبقي في محفظة نقودهم. المعاناة تزداد والمخاوف تتجدد, والأزمة تتفاقم وصرخات المواطنين متواصلة خاصة مع زيادة أجرة الميكروباص وتذاكر الأتوبيسات الخاصة. يقول المهندس حسين زكريا رئيس هيئة السكة الحديد إن الجهات الأمنية وافقت علي تشغيل عدد محدود من القطارات مع تشديد الإجراءات الأمنية لضمان سلامة الركاب, موضحا أنه تم تشغيل10 قطارات بين الإسكندريةوبنها يوميا,5 قطارات ذهاب ومثلهم عودة, بالإضافة إلي تشغيل4 قطارات علي خط الوجه القبلي بين أسوان وقنا قطاران للذهاب وقطاران للعودة كمرحلة تجريبية. وشدد رئيس الهيئة علي أنه تم نشر أفراد شرطة سريين علي أرصفة المحطة وداخل القطارات مع الاستعانة بالكلاب البوليسية المدربة وخبراء المفرقعات وتشديد إجراءات التفتيش ويقول المهندس جمال دويدار نائب رئيس الهيئة للمسافات الطويلة والقصيرة أن نزيف الخسائر للموارد المالية للهيئة يتزايد مع توقف العمل بالقطارات الرئيسية خاصة السويس- بورسعيد, الأسكندرية مطروح بينما تعمل الخطوط الفرعية. وأضاف أن الخسائر تصل إلي أكثر من4 ملايين جنيه يوميا, فيما قدرت خسائر الاعتداء علي أملاك ومنشآت تابعه للسكك الحديديه ب11 مليونا و700 ألف جنيه. وأوضح نائب رئيس الهيئة أ إ إ لأ. وأشار دويدار إلي أن هناك24 خطا للمسافات القصيرة تعمل بشكل طبيعي بالضواحي والفروع داخل المدن, وأن نوافذ الحجز مفتوحة أمام جميع المواطنين الراغبين في استرداد ثمن التذكرة أو استبدالها بأخري. وأضاف أن, إ الا الأمنيه, لأ أ ت والخسائر التي تكبدتها الهيئات. وفي جولة سريعة ل تحقيقات الأهرام في ميدان رمسيس والقللي رصدت ردود فعل المواطنين مع توقف القطارات. البداية كانت مع راكبة في العقد الرابع من عمرها تحمل طفلا صغيرا, وتتجول بين الميكروباصات للبحث عن وسيلة لنقلها إلي منزلها وقالت بانفعال شديد: هذا ليس عدلا, إننا نتعرض للاستغلال قيمة الأجرة خمسة جنيهات, والسائق يجبرنا علي دفع سبعة جنيهات, ولا مفر من دفعها خاصة في ظل عدم وجود وسائل أخري بديلة. وبنبرة حزينة يروي خالد عبد الله- مدرس ابتدائي معاناته مع توقف القطارات قائلا: ما يحدث في وسائل النقل عذاب للركاب لدرجة أنني أنفق أكثر من15 جنيها يوميا لكي ينتقل من بلدته بالمنوفية للوصول إلي مدرسته التي يعمل بها في القاهرة وذلك بعد استغلال أصحاب الميكروباصات توقف القطارات. ويضيف كنت استقل القطار ولا أدفع شيئا لأن الإشتراك يعفيني من دفع التذكرة, أما الآن فالأزمة متزايدة, في ظل عدم تشغيل القطارات والمواصلات البديلة لا ترحم الركاب. وتطالب سها محمود طالبة من المنصورة بضرورة توفير وسائل نقل بتكلفة مناسبة للمواطنين, بدلا من ترك الركاب في معاناة مع السائقين يوميا, حيث تقدر الأجرة حسب أهوائهم, ولا يوجد مبرر لزيادتها سوي المزيد من جشعهم أمام توقف حركة القطارات. وبصوت منفعل يتساءل رأفت محمود- موظف من المسئول عن هذه الأزمة التي قصمت ظهورنا وأصبحنا ضحايا لأصحاب سيارات الأجرة والميكروباص. وبكلمات حاسمة يرفض محمود عبد الرءوف مدرس تعطيل مصالح المواطنين, بدون توفير بديل لنقلهم إلي أماكن عملهم أو منازلهم, حيث إن عددا كبيرا من المواطنين يعتمدون علي القطارات في نقلهم أو نقل بضائعهم من وإلي القاهرة. وعبر عن استيائه الشديد من توقف حركة القطارات حيث إن جميع مصالحه معطلة بسبب هذا التوقف مطالبا الحكومة بسرعة تشغيل القطارات. ويؤكد محمد الروبي بكالوريوس تجارة أن مواقف الاتوبيسات التي تعد بديلا تقليديا للقطار أصبحت تتكدس بالركاب وهو ما أدي إلي ارتفاع أجرة النقل بصورة لا يتحملها مواطن عليه التزامات ومسئوليات. ويضيف أنه يأتي إلي القاهرة لانهاء إجراءات التجنيد الخاصة به, ويتطلب ذلك أن يستقل ميكروباصا من مدينة المحلة الكبري إلي القاهرة ويتكلف ذلك14 جنيها في الذهاب ومثلها عند العودة. الاضرار لم تؤثر علي الركاب فقط وانما ايضا علي عمال السكة الحديد, يقول إبراهيم محمد عامل التحويلة في مزلقان بمدينة بنها: أنا مضطر للمداومة علي العمل يوميا بالرغم من توقف قطارات الركاب, خاصة أن بعض القطارات وعربات الجر ما زالت تعمل, لكن المشكلة أني أتكبد يوميا مبلغا كبيرا من المال للوصول إلي المزلقان الذي يبعد عن منزلي كثيرا, بعد أن كنت أستقل القطار مقابل رسوم زهيدة تقتطع من راتبي, إلا أنني مضطر لاستقلال3 سيارات أجرة بالتتابع ذهابا وإيابا للوصول إلي عملي. وعلي الجانب الآخر يقول محمود زيكو- سائق ميكروباص بميدان رمسيس- إن زيادة أسعار الأجرة بين المحافظات جاء اضطراريا بسبب ازدحام الطرق بشكل كبير, فالمشوار الواحد يستهلك نصف اليوم, بعد أن كنا نعمل3 مشاوير أصبحنا نعمل مرة واحدة مما يؤدي إلي زيادة الأعباء علينا مع ارتفاع الأسعار وأجرة التباع والكارته. وفي موقف عبود الصورة لا تختلف كثيرا فالمعارك والمشادات الكلامية لا تنتهي بين الركاب وأصحاب الميكروباصات بسبب الأجرة ويقول محمد الشربيني- طالب إن جشع السائقين هو السبب في الأزمة حيث استغلوها فرصة ورفعوا الأجرة بنسبة كبيرة خاصة بين المحافظات. ويلتقط محمد منصور- سائق- أطراف الحديث بعد أن أنهي مفاوضاته مع راكب لإقناعه بالتحرك بعد منحه زيادة طفيفة في الأجرة.. ويقول معظم السائقين في موقف عبود يمتنعون عن التحرك إلا بعد الاتفاق علي رفع الأجرة. وفي النهاية تظل الازمة قائمة علي أرض الواقع تبحث عن حلول واقعية, الجميع يتبرأ من المشكلة لكنهم يتعايشون معها, والضحية هو المواطن البسيط.. فهل تمتد يد الدولة لحمايته وتوفير وسائل نقل محترمة له؟.. الإجابة نتركها للمسئولين.