ثمة مخاوف وهواجس من جراء تصدر التيار الاسلامي بجناحية: حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية المصرية لجماعة الاخوان المسلمين, وحزب النور السلفي للمشهد السياسي المصري في ضوء النتائج التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات الأولي من انتخابات مجلس الشعب إلي الحد الذي أخذت تحذر فيه بعض الدوائر من تداعيات قد تطول بعض مناحي الحياة خاصة في قطاعات السياحة والاقتصاد والمصارف والفن والنوادي الخاصة بكبار الأثرياء مما دفع بعضهم إلي التهديد وفقا لتقرير لوكالة الأنباء الفرنسية بالهجرة إلي خارج مصر خوفا من أن يؤدي صعود الاخوان والسلفيين إلي سدة الحكم لتغيير نمط الحياة في مصر واختفاء نوادي الطبقات الغنية وأسواق السلع الفاخرة فضلا عن التخوف من فرض الحجاب ورفض أي مظاهر للثقافة الغربية. وفي المقابل فإن العقلاء من المتابعين للعملية الانتخابات المصرية ويعتبر كاتب هذه السطور نفسه منتميا اليهم لم يروا مبررا لهذه المخاوف والهواجس والتي صاحبتها مبالغات من قبل اتجاهات معروفة بليبراليتها المفرطة وارتباطها علي نحو شديد بالتوجهات الغربية مستندين أي العقلاء إلي أن ما جري هو إفراز عملية اقتراع مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والشفافية علي نحو غير مسبوق في التاريخ المصري فضلا عن مشاركة واسعة لم تتحقق منذ العصر الفرعوني علي حد تعبير رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبد المعز إبراهيم بلغت60 في المائة, أي أن هذه النتائج التي حصل عليها الإسلاميون جاءت تعبيرا عن إرادة شعبية لمنحهم الفرصة لتطبيق رؤاهم التي جسدها خطابهم السياسي والإعلامي علي مدي الأشهر التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير وما يلفت الانتباه في هذا السياق هو موقف المجلس الأعلي للقوات المسلحة الحاكم في مصر الذي لم يعلق علي تصدر الاسلاميين للمشهد الانتخابي حتي الآن ويرجع المراقبون هذا الصمت إلي ما أعلنه المجلس مرات عديدة خلال الأشهر القليلة الماضية بأنه يقف من جميع القوي السياسية والحزبية بمسافة واحدة وأنه يترك الأمر لصناديق الاقتراع, بيد أن ذلك لم يحظ برضا بعض الدوائر التي سارعت إلي القول بأن ثمة صفقة في المسألة يترك العسكر البرلمان للاخوان والسلفيين مقابل حصوله علي رئاسة الجمهورية سواء عبر مرشح يمثله بشكل مباشر أو مرشح يحظي بدعم المؤسسة العسكرية وقد راجت مقولة الصفقة بين الاسلاميين والمجلس العسكري منذ اختيار المستشار طارق البشري القانوني الشهير ذي المرجعية الاسلامية لترؤس لجنة تعديل الدستور والتي ضمت بين أعضائها لأول مرة قياديا بجماعة الاخوان المسلمين. ومن الضروري بل الملح في تقديري أن تسارع رموز التيار الاسلامي خاصة تحالف الاحزاب السلفية إلي بث رسائل اطمئنان عاجلة إلي الشارع المصري بشرائحه المتعددة ولعل ذلك ما بدأه حزب الحرية والعدالة وبعض قيادات جماعة الاخوان المسلمين وفي هذا السياق فإن ما يقوم به رموز حزب الحرية والعدالة فضلا عن بعض قيادات الحركة السلفية المعروف عنهم الرؤية المعتدلة والفهم الوسطي للإسلام من تقديم طروحات تفند مخاوف البعض خاصة من الاقباط والعاملين في قطاع السياحة وغيرهم يمثل بداية موفقة. غير أن ثمة عناصر داخل الحركة السلفية في حاجة إلي اعادة نظر في قناعاتها وأظن أنه ليس من المعيب أن يحدث نوع من الرشد في الخطاب الموجه للشعب المصري الذي يقيم الاسلام بوجدانه وعقله منذ ألف واربعمائة عام ترسخ في السلوك وفي القناعات.