سجد لله شكرا.. بعد عناء يوم طويل محفوف بالمخاطر والهلاك فقد مرت الساعات الطوال دون ان تناله رصاصة غادرة من إرهابي أو بلطجي ورمي عن كاهله هموم عمله واستقل الضابط الشاب سيارته وآمال كثيرة راودته وبداخله كان يهفو للقاء رضيعيه التوأم ولم يدر بخلده أن مصيرا أسود ينتظره وان الطائشة التي فلت منها خلال ساعات عمله تتربص له وهو في طريق عودته لاسرته.. فلم يتناس الشاب القسم الذي اخذه علي نفسه بحماية أبناء وطنه حتي في غير أوقات عمله و في أثناء تأديته لواجبه الوطني نال منه الجناة بعدد من الطلقات ليرقد داخل المستشفي بين الحياة والموت يسطر التاريخ قصة شهامة ضابط جديد لتكتمل ملحمة ضباط مصر الشرفاء. السطور التالية تسرد حكاية ضابط شاب لم ترهبه رصاصات الغدر ولم تثنه عن القيام بواجبه وصمم علي ملاحقة المجرمين حتي لو كان الثمن حياته.. هو ضابط برتبة رائد بإدارة شرطة نجدة الجيزة قال عنه زملاؤه ومعارفه الكثير وما فعله شاهد عيان علي أن كل ذرة في جسده تشع وطنية وولاء لأبناء أرض الكنانة. بعد عناء طويل من المطاردات للمجرمين والقبض علي البعض هنا وملاحقة الآخرين هناك.. والهرولة وراء أي استغاثة انهي الضابط الشاب يوم عمله واستقل سيارته في طريق عودته لمنزله بمنطقة الهرم وراح يصول ويجول بخاطره وابتسامة عريضة ترتسم علي وجنتيه كلما تذكر رضيعيه التوأم اللذين لم يبلغا شهرهما الثامن وأخري تعلو شفتيه كلما تراءت له صورة ابنه الأكبر أحمد ذي الاعوام الخمس وهو يحمل حقيبته المدرسية علي كتفيه ويشكو من ثقلها وصعوبة المواد التي يتعلمها وشريط الذكريات الجميلة كان يمر من أمام الشاب وهو يسرع بسيارته ليلقي هموم عمله علي ابواب منزله ليتنسم عبير أطفاله وزوجته. لم يوقظه من احلامه الجميلة سوي صوت صراخ انطلق من صدر ثلاث فتيات وكأنهن يشاركن في جنازة وبشهامة أبناء البلد وقف بسيارته علي مقربة منهن وتبين له أنهن طالبات بأكاديمية الفنون وكن في طريقهن لمنازلهن واثناء سيرهن في الشارع فوجئن بدراجة بخارية يستقلها ثلاثة اشخاص اقتربوا من الفتيات الثلاثة وقام احد الجناة بخطف حقيبة احداهن وبداخلها هاتفها المحمول ومصروفاتها الدراسية ولاذوا بالفرار. نزل الضابط من سيارته وهرول وراء الجناه وتناسي انه في غير اوقات عمله وصمم علي ملاحقتهم حتي يعيد للفتاة حقيبتها وبعد عمليات كر وفر استمرت لمدة نصف ساعة غافله المتهمون الثلاثة وعاجله احدهم من سلاحه الناري غير المرخص بعدد من الطلقات التي استقرت في اماكن متفرقة من جسده حتي سقط علي الأرض غارقا في دمائه. وحتي تكمل ملحمة نذالة الجناه وغدرهم الرهيب لم يكتفوا بما فعلوه في الضابط الشاب بل انتهزوا فرصة فقدانه الوعي من كثرة الدماء التي خرجت من جسده وسرقوا سلاحه الميري ولاذوا بالفرار. هرول المارة إلي الضابط واستغاثوا بقوات الشرطة وقاموا بنقله إلي مستشفي الشرطة بالعجوزة في حالة سيئة للعلاج بعد ان اجريت له العديد من العمليات الجراحية إلا أنه أصيب بغيبوبة ظل علي آثرها5 أيام داخل المستشفي حتي توفي أمس الأول وتم تشييع جنازته عسكريا تقدمها وزير الداخلية وقيادات الشرطة خاصة وأن الضابط الشهيد ضحي بنفسه من أجل إنقاذ فتاة علي الرغم من أن ذلك لم يكن خلال وقت عمله رسميا وكشفت الطالبة التي سرقت حقيبتها عن مفاجأة اثناء التحقيقات وهي أن الضابط الشهيد اثناء ملاحقته للجانه تمكن من نزع حقيبتها منهم إلا أنه لم يتمكن من الامساك بهم لانه رفض استخدام سلاحه الميري في اجبارهم علي الوقوف وعندما عاد لتسليمها حقيبتها تبعه الجناه واطلقوا عليه الرصاص من الخلف انتقاما منه حتي يلقنوه دروسا في النذالة لن ينساه أبد الدهر ولاذوا بالفرار. لم يتسبب الجناه في إصابة الضابط بفقدان الوعي بل يدهم الباطشة نالت من الفتيات الثلاث اللاتي سلمن من جرمتهن حيث اصبن بحالة من الهيستريا وانتابت احداهن مرض نفسي عندما رأت الدماء تسيل من الضابط أمام عينيها وعجزت عن تقديم المساعدة له ولم يكن امامهن سبيل سوي النواح ولطم الخدود والندم علي الاستغاثة به حتي ساعدهن في استعادة الحقيبة المسروقة وتمنين ان تسرق كل متعلقاتهن ليعود الضابط للحياة من جديد. مباحث الجيزة تكثف جهودها لضبط الجناة الهاربين بعد أن قامت بضبط أحدهما إلا أنه مازال هناك هاربان. وكان أطفال الضابط البطل يناشدون اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بالموافقة علي سفر والدهم إلي الخارج للعلاج عله يفيق من غيبوبته ويعود اليهم حتي تعود البسمة والفرحة إلي شفاههم البريئة. لكن القدر لم يمهل وزير الدخلية لسفره للعلاج للخارج حيث كانت حالته سيئة وأكد الأطباء أن حالته حرجة ولايستطيع السفر إلي الخارج. اللواء كمال الدالي مساعد الوزير لقطاع أمن الجيزة أكد أن أجهزة الأمن تمكنت من تحديد المتهمين من خلال فريق من المباحث الجنائية باشراف اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة ونائبه اللواء محمود فاروق وهما من منطقة العمرانيه وقد تمكنت أجهزه الامن من الوصول الي منزل الجناه ولكن قبل وصول الشرطة قام المتهمان بالهروب من المنزل, حيث قام اللواء مصطفي عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة بتحديد مكان المتهمين في منطقة بولاق, وأمر العميد طارق المرجاوي رئيس مباحث غرب الجيزة بسرعة القبض عليهما.