كشفت هيئة' تومسون رويترز' عن توقعاتها لهذا العام للفائزين بجوائز نوبل المختلفة والتي ينتظر إعلانها أوائل أكتوبر المقبل. توقعات' رويترز' تصدرها اسم العالم البريطاني المخضرم بيتر هيجز لفئة المرشحين لجائزة نوبل في مجال الفيزياء, لتتفق مع ما رجحته صفحة علوم وتكنولوجيا في الشهور الأخيرة حول ارتفاع أسهم هيجز في بورصة نوبل وتوجه المجتمع العلمي الدولي لرد اعتباره بعد خمسة عقود من إطلاقه نظريته الفارقة حول ما يعرف بجسيم هيجز, والتي نالت من الجدل الكثير ومن التشكيك أكثر. توقعات' رويترز' التي أصابت فيما يخص27 فائزا بجائزة نوبل, منذ بدء نشرها عام2002 حددت هيجز ورفيقه العلمي فرنسوا إنجلرت لينالا تقديرا تأخر لكنه أيضا وللمفارقة جاء في موعده. استعرضنا من قبل في تغطيات مختلفة بداية قصة جسيم هيجز حيث طرح الصديقان هيجز و إنجلرت في خمسينات القرن الماضي نظريتهما حول الجسيم الذي يفترض مسئوليته الرئيسية عن نشأة الكون والمجرات والكواكب والأرض وما عليها. وفقا للنظرية الأساسية, فإن الجسيم' هيجز' يعد القطعة الأخيرة والحاسمة فيما يعرف بالنموذج المعياري. ذلك النموذج هو بمثابة تجسيد لكل مادة يمكن رؤيته في الكون. وبناء عليه, فإن الفراغ الكوني هو في الواقع أبعد ما يكون عن الفراغ, بل يطلق عليه في أدبيات النظرية ب' حقل هيجز' حيث تندفع الجزيئات بسرعة الضوء لكن اصطدامها بجسيم هيجز يجبرها علي التباطؤ وعندما تكون لحظة تحول الجزيء من فوتون و إلكترون و بروتون, إلي مادة في إعادة لتقديم مشهد نشأة الكون أو ما يعرف بنظرية الانفجار العظيمBigBang حيث تكون البطولة فيها لجسيم هيجز الذي ظل قبيل الإعلان عنه قبل عقود, مجهولا. بطولة جسيم هيجز ظلت من حينها مجالا للجدل والتأكيد بعض الوقت والتشكيك في أغلبه, حتي كان عام2011, عندما أعلن المركز الأوروبي للأبحاث النووية' سيرن', والذي يتخذ من جنيف مقرا لها, أنه نجح في إجراء تجربة ب' مصادم الهادرون الكبير' لمحاكاة لحظة الانفجار العظيم, ورصد ما يعتقد بنسبة تجاوزت99%, أنه جسيم هيجز. وكانت الأهرام قد توجهت لزيارة الموقع الذي جرت منه محاكاة الانفجار العظيم في قلب' سيرن' وسط تأكيدات بأن الكشف العظيم أو بالأحري ما سيكون تأكيدا لكشف قديم عظيم, سيكون الأهم في الذاكرة العلمية الدولية خلال الستين عاما الأخيرة وأنه سيفتح المجال أمام معرفة المزيد عن كيفية نشأة الكون. الإنصاف يقتضي الإشارة إلي أن آخرين سبقوا' سيرن' في محاولة إثبات صحة جسيم' هيجز' من عدمه. ففي ثمانينات القرن الماضي مثلا, سجل عالما الفيزياء الأمريكيان بيتر ليتلوود و شاندرا فارما- وهما من علماء الفيزياء النظرية- ملاحظات عما يمكن أن يكون جسيم هيجز بدون تقديم دلائل وآراء حاسمة حول وجوده, إلي أن كان المؤتمر الذي عقدته' سيرن' لتعلن أن الجسيم الأعظم بالفعل له وجود وتمكنوا من تسجيل معلومات أساسية عنه مثل حجمه. خلال هذا المؤتمر كان هيجز حاضرا واستمع لكل ما قيل حول جسيمه المشكوك في أمره طوال عقود متأثرا, ليؤكد لاحقا خلال لقاء في جامعة أدنبرة باسكتلندا أنه:' من الجيد أن تكون علي صواب أحيانا', مشيرا إلي أن أكثر ما يقلقه في المرحلة المقبلة, بعد أن تخطي أزمة سنوات من التشكك في صحة نظريته, هو ملاحقة الصحفيين ورجال الإعلام له وهي حتما ستكون أزمة هيجز الكبري إذا ما صدقت توقعات الجميع بحصوله علي جائزة نوبل خلال الأيام القادمة.