هذه المقترحات قدمتها للجمعية التأسيسية التي اعدت دستور2012 وقرأناها في جلسة استماع بمجلس الشوري في صيف2012 وهي تتضمن خمس ورقات كل ورقة تحتوي مشروعا أوليا لمادة من مواد الدستور في أمور الثقافة والفنون والإعلام.. وعدت وأرسلتها بالبريد الإلكتروني إلي لجنة العشرة في يوليو.2013 أجد أنه من المناسب الآن أن تنشر في الصحافة في أثناء انعقاد لجنة الخمسين آملا أن نصل إلي صياغة دقيقة ومعبرة وشاملة وأيضا مستقبلية ترضي كل متطلع إلي وطن لن ينهض إلا بالثقافة والفكر والإبداع التي هي روح كل حضارة, فلا صناعة ولا زراعة ولا بناء بلا فكر وبلا فلسفة. أولا: الحق في الثقافة والفن, الفنون والآداب والمعرفة حق أصيل لكل مواطن علي أرض مصر يعادل الحق في الرعاية الصحية, وعلي الدولة أن تؤدي هذا الحق لأبنائها بكل الوسائل الممكنة والمتاحة وبالنظم والآليات التي يتفق عليها والتي تنظمها القوانين وعلي الدولة أن تعمل علي نشر الثقافة والفنون والآداب في الريف كما في الحضر, وتكون عاملة علي التخلص من مركزية الثقافة لتنتهج سياسة لا مركزية الثقافة فتسن القوانين وتكون المؤسسات والهيئات وتساعد علي انشاء الجمعيات التي تعمل علي توصيل الخدمة الثقافية الي الريف والصحراء والساحل والمناطق النائية. يجب أن نعمل علي تبني مبادئ ديمقراطية الثقافة حتي يصل المنتج الثقافي الي الجميع وحتي تتمكن جموع الشعب في كل مكان من إنتاج الثقافة المعبرة عنها وعندما يحصل الشعب علي حقوقه الثقافية والمعرفية ترتفع قدرات الإنسان وترتقي ويؤثر هذا تأثيرا مباشرا في إثراء الحياة وفي رفع مستوي الإنتاج العام للمجتمع. حق الثقافة والفن هو أحد مستحقات العدالة الاجتماعية. ثانيا: تأكيد الهوية المصرية العربية في الفنون, فمن الضروري تشجيع الفنون التي تستقي مادتها وأشكالها الفنية من البيئة والتراث والتي تحسن توظيف التراث في أطر معاصرة او حديثة: إن مصر التي تتمتع بأعظم مخزون تراثي في تاريخ الإنسانية:( فرعوني, بطلمي, قبطي, إسلامي: قديم, وسيط, حديث ثم تراث حديث: عهد محمد علي باشا). ينبغي أن ينص في دستورها علي أهمية أن يستقي الفن ويستلهم إبداعه من التراث الذي هو أهم مصادر تجسيد الشخصية القومية واهم ملامح تميزها وأهم عناصر تأكيدها وإبرازها بين شعوب العالم أجمع: وفي معرض الحديث عن التراث والهوية يأتي التحذير من خطر التغريب وهنا نفرق بين التغريب والتحديث, فالتغريب يطمس الشخصية القومية ويعمل علي تشويهها وذوبانها ثم تلاشيها: والتغريب يمهد المجتمع للخضوع والقبول بعملية الاستلاب الحضاري, ثم بعد ذلك تصبح البلاد أرضا سهلة للغزو الثقافي والاحتلال الاقتصادي والسياسي وفرض أنماط سلوكية وعادات اجتماعية دخيلة وغريبة, ما يلبث المجتمع أن يجدها تعيش وتمارس بين ظهرانيه. إن مبدأ الأصالة والمعاصرة يجب أن ينال عناية دستور مصر الثورة. ثالثا: حرية التعبير..إن التعبير بالفنون المرئية والمسموعة: المسرح, السينما, التليفزيون, الفن التشكيلي, الفن الإذاعي, فنون الأدب والكتابة والشعر لهو عنصر أساسي في حرية التعبير وهو أحد المكونات الرئيسية لحرية التعبير الشاملة ويجدر بنا أن نضيف هنا حرية التعبير بواسطة الفن الرفيع حتي لا يختلط الفن الراقي بالفن الهابط ولكي نحمي العقل والوجدان القومي من خطر الفن الرديء كما انه وفي هذا الإطار( حرية التعبير) يجب أن يتوافق المجتمع علي ضوابط وميثاق لحرية التعبير فلكل مجتمع تاريخ وتراث ودين وقيم فيجب ألا تتعدي هذه الحرية المنشودة علي قيم المجتمع, ولا تزيف تاريخه, ولا تشوه تراثه, ولا تكفر بدينه, ولا تنتهك قيمه: هذه ضوابط يجب أن نتوافق عليها جميعا ونصل فيها إلي حلول وسط وتوافق مجتمعي بما لا يحد من انطلاق هذه الحرية أو يصادرها ويكون نقد الحاكم. رابعا: المناطق النائية والمجتمعات المهمشة: للمناطق النائية والمهمشة الحق في التعبير الفني عن أهلها وعلي الدولة أن تساعدهم في إنتاج الفنون المعبرة عنهم بإتاحة كل الوسائل الممكنة من أماكن ودور عرض ومعدات وآلات وكل أدوات الإنتاج الفني. كذلك علي وزارة الثقافة والأجهزة والمؤسسات المعنية المساعدة في إنتاج اعمال فنية نابعة من هذه المناطق اعمال تتناول حياة المواطنين في هذه البيئات وتعرض لعاداتهم وتقاليدهم وتجسد لهجاتهم وتقدم تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة, آن الأوان أن يشعر أهالي النوبة وسيناء وعرب الصحراء الشرقية والغربية بالانتماء لوطنهم الأم وبأنهم يعيشون في قلب الوطن وليسوا علي هامشه, كما لا يخفي علينا جميعا سياسات الاستعمار الهدامة التي تعمل علي تشجيع النعرات العرقية والطائفية والجهوية, وكذلك نظرية دافيد بن جوريون المعروفة ب( شد الأطراف), أي العمل علي تمزيق الوطن العربي بإثارة القلاقل والنزعات العرقية والطائفية وخصوصا في أطراف الوطن سواء شرقا أو غربا شمالا أو جنوبا. إن تأكيد الهوية في الفنون النابعة من هذه البيئات والاهتمام بالتركيز علي التميز الحميد في العادات والتقاليد واللهجات يقدم صورة عظيمة للتعددية التي هي إثراء وقوة للمجتمع. والاعتراض علي سياساته بوسيلة الفن الرفيع حق اصيل للفنان والاديب يعادل حقه في نقد سلوك المحكومين. خامسا: الاعلام يجب علي الدولة ان تضع القوانين المنظمة لعمل القنوات التليفزيونية االحرة او التجارية بالقنوانين التي يدعمها ميثاق شرف وما نود التنبيه اليه: ان هذا الفضاء هو فضاء الدولة المصرية انه ليس فضاء مفتوحا علي المطلق وهذه العقول التي تستهدفها هذه القنوات هي عقول ابناء الوطن فيجب ألا يترك الفضاء المصري والعقل المصري نهبا لكل صاحب اجندة او اهداف معادية او ضارة بمسيرة الثورة والتنمية او بالامن الاجتماعي او بعملية تربية وبناء الانسان روحيا وثقافيا وتعليميا. لمزيد من مقالات عبد العزيز مخيون