مع قراءة المؤشرات الأولية لانتخابات مجلس الشعب في مرحلتها الثالثة تقترب الأحزاب الإسلامية من حسم الأغلبية البرلمانية بارتياح تام, وبفارق كبير من المقاعد بينها وبين الأحزاب الأخري, سواء كانت ليبرالية أو تقليدية. وأيا كانت المزايا السياسية لحزب الأغلبية تحت قبة البرلمان المقبل, فإن لهذه الأغلبية مثالب وعيوبا إذا انفردت بالرأي, واحتكرت الرؤية لمصلحتها مع ترك هامش ديكوري لديمقراطية الاعتراض. والدرس ليس بعيدا.. فإذا عدنا للوراء قليلا عندما كانت أغلبية الوطني المنحل تحتكر التشريع وحدها, وتؤيده بالتصويت لمصلحتها, وتفرض تطبيقه علي السلطة المنفذة دون مراعاة للفصل بين السلطات!! وحتي لا تتكرر خطايا الأغلبية التي عاني منها المشهد السياسي عقودا طويلة, فإن الأغلبية المحتملة عليها أن تراعي العدل في التشريع, وتحترم حرية التصويت المخالف لرؤيتها, خاصة ونحن مقبلون علي تشكيل لجنة إعداد الدستور. وبرغم أن حزب الحرية والعدالة قد أعلن علي لسان مستشاره القانوني الدكتور أبوبركة أنه لا يسعي للانفراد بإعداد الدستور أو اختيار لجنة إعداده, إلا أن ذلك ليس منحة من جانبه, وإنما حق يفرضه وضع الدستور لمصر الجديدة. نريد دستورا محددا يؤكد الفصل الواضح بين السلطات بعد سقوط نظام كانت فيه السلطة التنفيذية هي التي تأتي بالسلطة التشريعية بعيدا عن إرادة الناخبين ويعين السلطة القضائية التي يجب أن تحاكمها. نريد دستورا حريصا علي النص بوضوح أن المادة الثانية خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه, أو الاجتراء عليه. نريد دستورا حاميا بكل السبل لحرية التعبير, مشجعا بكل الوسائل لمواهب الإبداع دون قيود أو حواجز. نريد دستورا قاطعا في توصيف وظيفة رئيس الجمهورية, والحد من سلطاته حتي لا نعود من جديد لصناعة الفراعنة. نريد دستورا حاسما في تحديد شكل النظام الرئاسي.. هل هو برلماني أم رئاسي أم مختلط بتمهيدا لاختيار رئيس الجمهورية المقبل علي أسس واضحة. نريد من الأغلبية المقبلة أن تدرك أن كل ما سبق لا يمكن أن تحققه بمفردها, لأن أغلبية اليوم ربما تكون أقلية الغد.. وفي صناعة الدساتير الأغلبية وحدها لا تكفي. [email protected] المزيد من أعمدة عبد العظيم الباسل