المساعي السياسية والدبلوماسية من جانب إسرائيل لإقناع دول عديدة في أنحاء العالم بفرض عقوبات علي إيران لمنعها من تطوير سلاح نووي لا تتوقف, علي الجانب الآخر نجد المؤسسة العسكرية في تل أبيب تعمل أيضا ضد طهران ولكن بشكل آخر. ففي الفترة الأخيرة بدأت وزارة الدفاع في تنفيذ خطة تجنيد الفتيات الإيرانيات اللاتي هاجرن إلي إسرائيل للخدمة في صفوف الجيش خاصة في سلاح المخابرات العسكرية للاستفادة من اتقانهن للغة الفارسية هؤلاء الفتيات اللاتي يطلق عليهن' المجموعة الإيرانية' تم دعوتهن الأسبوع الماضي للمشاركة في احتفال ما يسمي بكتائب الشباب الذي اقيم في قاعدة جوعرا العسكرية بمنطقة راموت منشه والمخصص للفتيات المتدينات واللاتي ينتمين لعائلات يهودية متدينة ومنهم يهود إيران الذين هاجروا إلي إسرائيل في فترات مختلفة- في هذا الاحتفال تعرفت الفتيات علي نمط الحياة العسكرية لتشجيعهن علي الانضمام للجيش ومن بين عشرات الفتيات المتدينات كان الاهتمام منصبا علي فتيات إيران لأنهن المرشحات للخدمة في سلاح المخابرات في اطار خطة تشجيع الفتيات المتدينات بصفة عامة علي الانخراط في صفوف الجيش ولقلة عدد اليهود الإيرانيين الذين هاجروا إلي إسرائيل في الآونة الأخيرة, فإن المؤسسة العسكرية والأمنية في تل أبيب تتلهف علي أي مهاجر من إيران ولأن غالبية يهود إيران متدينين فإن فتيات هذه العائلات يشعرن بحالة حيرة وتمزق بين الدين والخدمة في الجيش, يقول أحد قادة الجيش الإسرائيلي ان انضمام هؤلاء الفتيات للخدمة العسكرية له أهمية بالغة فإلي جانب إجادة الفارسية فهن علي معرفة بالعقلية الإيرانية ونمط تفكيرها ويضيف انه حتي اللاتي ولدن في إسرائيل ولا يجدن اللغة الفارسية نجد ان قدرتهن علي تعلم اللغة واستيعابها سريعة للغاية وأسرع من الشخص العادي الذي يتعرف علي اللغة لأول مرة. تقول إحدي الفتيات لقد تحدث معنا مسؤلون من الجيش مرات عديدة ونحن ندرك ونعي جيدا أن إسرائيل في حاجة الينا ولكن من وجهة النظر الدينية سوف يكون من الصعب أداء الخدمة العسكرية ونحن نتمزق بين الدين والخدمة الوطنية. فتاة أخري من أصول إيرانية قالت ان الجيش يحاول إيجاد حل لهذه المعضلة بتوفير ظروف تجنيد ملائمة لنا أما داليا يانكو مسؤلة كتائب الشباب في وزارة الدفاع الإسرائيلية فقد أشارت إلي أن هؤلاء الفتيات سيتولين مهام متعددة ومختلفة فور اجتيازهن عملية التصنيف والتدريب. وسائل الإعلام الإسرائيلية تولي هي الأخري اهتماما كبيرا بالشأن الإيراني فصحيفة يديعوت أحرونوت تري أن تصريح وزير الدفاع الامريكي, ليون بانيتا بأن قنبلة نووية في يد ايران هي' خط احمر بالنسبة لأمريكا' وأنه' اذا اضطرت الولاياتالمتحدة الي ان تهاجم لمنع هذا فستهاجم مما سيثير ابتهاجا في إسرائيل لأن هناك من ينتظرون سماع نتائج القصف المرجولكن احتمال ان تهاجم الولاياتالمتحدة منشآت ايران النووية كما تقول الصحيفة ليس صفرا في الحقيقة, لكنه ضئيل جدا. وان بانيتا, وهو رجل سياسة في الاساس أراد ان يصد هجمات مرشحين جمهوريين للرئاسة يتهمون الرئيس اوباما بسياسة خارجية مهادنة لأعداء الولاياتالمتحدة, وربما أراد مغازلة الصوت اليهودي في الانتخابات التي ستجري بعد أقل من سنة وتري إسرائيل ان الولاياتالمتحدة لا تريد ان تمتلك إيران سلاحا نوويا وستفعل الكثير لمنع هذا, لكن ليس كل شيء وهناك في تل أبيب من يدرك أن ايران حبة جوز كسرها أصعب من كسر العراق و يتساءل هل تتطابق مصالح إسرائيل ومصالح الولاياتالمتحدة في الشأن النووي الايراني؟ والجواب الذي يأتي علي لسان معظم الخبراء هو بالنفي. فالولاياتالمتحدة لا تري وجود سلاح نووي في يد ايران تهديدا وجوديا بل خطرا علي مصالحها الحيوية في المنطقة و اسرائيل التي تشيع أن القنبلة الايرانية تهديد وجودي لها تدرك أن هذا غير صحيح. من المؤكد ان ايران كما يقولون في تل أبيب كانت تريد اختفاء اسرائيل لكن لو ان ايران كان لديها الآن50 قنبلة نووية وقدرة علي اطلاقها علي أهداف اسرائيلية فمن المؤكد بنسبة تكاد تبلغ100% أنها كانت ستحجم عن فعل هذا لأنها تعلم ان لإسرائيل قدرة علي' ضربة ثانية' أي القدرة علي محو ايران عن وجه الأرض حتي لو تلقت قبل ذلك ضربة نووية. وفي هذا الشأن, لا يهم هل هذا التقدير صحيح أم لا. ان الذي يهم هو كيف تري القيادة الايرانية اسرائيل. ومن يزعم ان القيادة الايرانية غير عقلانية فهو مخطئ. فمنذ سيطرت علي ايران في1979 الي اليوم عملت القيادة بصورة عقلانية تماما.و يجمع معظم المحللين في تل أبيب أيضا علي أن الضجة التي تثيرها اسرائيل في العالم عن المشروع النووي الايراني ونشر معلومات عن استعدادات وتأهب وتدريبات وتجارب عسكرية وما أشبه, الغرض منها إخافة طهران. فلا سبب يدعو الي ان ينام خامنئي واحمدي نجاد في هدوء, بل من المرغوب فيه ان يعيشا في خوف دائم. ان ايران مع قدرة نووية عسكرية هي تطور سيء ومضر لكنها ليست تهديدا وجوديا لأمريكا أو لإسرائيل.