شهدت مدينة القدس خلال الألفية الثانية قبل الميلاد أحداثا كثيرة, أولها وصول أبو الأنبياء وداعية التوحيد إبراهيم الخليل عليه السلام, مهاجرا من مدينه أور بأرض بابل( العراق) وبصحبته زوجته سارة ونبي الله سيدنا لوط وبعض الذين آمنوا بدعوته بعد أن رفض( الملك النمرود) ملك بابل دعوة التوحيد كما جاء في القرآن الكريم ونجيناه ولوطا إلي الأرض التي باركنا فيها للعالمين الأنبياء/.71 وكان ذلك حوالي سنة(1900 ق.م) وبعد أن أصاب الجفاف ارض كنعان( فلسطين) رحل إلي مصر وأقام بها عدة سنوات, يقال إنها خمس سنوات, ثم عاد بعدها إلي ارض كنعان وبصحبته زوجته سارة وجاريتها المصرية هاجر التي تزوجها وأنجب منها نبي الله إسماعيل عليه السلام, وأمره الله سبحانه وتعالي أن يسكن زوجته هاجر وابنها إسماعيل في ارض الحجاز, حيث أقام إبراهيم وإسماعيل بعد ذلك البيت العتيق أول بيت لله في الأرض, وبعد حوالي ثلاثة عشر عاما من ولادة سيدنا إسماعيل عليه السلام رزقت سارة بسيدنا اسحق الذي أنجب بعد ذلك ولدين عيسي وسيدنا يعقوب( إسرائيل) عليهم السلام, الذي تزوج من أربع سيدات( ليئه وراحيل وزلفه وبلهه) وأنجب منهن إثني عشر ولدا عرفوا( ببني إسرائيل). وفي عام1650 ق.م شهدت مدينة القدس هجرة سيدنا يعقوب وعائلته( بني إسرائيل) إلي مصر بعد أن دعاهم سيدنا يوسف عليه السلام والذي شاءت الأقدار أن يستقر في مصر ويصل إلي السلطة بأمر الله وكان ذلك في زمن حكم الهكسوس لمصر واستقر بنو إسرائيل في شرق الدلتا( أرض جاسان) كما ذكرت التوراة فتره تصل حوالي350 عاما, الفترة الأولي منها عاشوا عيشة طيبة وكان ذلك أثناء حكم الهكسوس الذين حكموا مصر نحو250 عاما(15401790 ق.م), ولما حررت مصر بواسطة القائد الكبير أحمس الأول( طارد الهكسوس) أظهر الفراعنة المعاملة القاسية لبني إسرائيل كما جاء في القران الكريم وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم(49) سورة البقرة. وذلك حتي ظهور نبي الله موسي عليه السلام الذي أمره الله أن يقود بني إسرائيل إلي ارض سيناء عام(1300 ق م), حيث تلقي الألواح علي جبل موسي, ثم أمره الله أن يدخل أرض كنعان فرفض بنو إسرائيل ذلك, ففرض عليهم التيه أربعين سنة. وبعد وفاة سيدنا موسي عليه السلام, قاد نبي الله يوشع بن نون عليه السلام بني إسرائيل ودخل بهم مدينة أريحا بأرض كنعان, وبعد وفاه يوشع بن نون عليه السلام انقسم بنو إسرائيل إلي قبائل عدة, وكان حكامهم يسمون بالقضاة, وانتهي هذا العصر بآخر القضاة وهو النبي صموئيل الذي طلب منه بنو إسرائيل أن يختار لهم ملكا يوحد صفوفهم ويقاتلون خلفه, فبعث الله لهم الملك شاءول( طالوت) وكان ذلك حوالي(1095 ق.م) كما جاء في القرآن الكريم وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم البقرة/247). قاد طالوت بني إسرائيل في حربهم ضد الكنعانيين بقيادة( جالوت) والذي قتل علي يد سيدنا داود عليه السلام كما جاء في القران الكريم فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء البقرة/250). وبعد هذه الأحداث في أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد شهدت مدينة القدس قيام الدولة العبرانية بقيادة طالوت ثم جاء من بعده سيدنا داود عليه السلام الذي اختار مدينة القدس عاصمة لدولته بعد أن ظلت أكثر من ألف عام في أيدي اليبوسيين(الكنعانيين). وهناك سؤال لابد من إجابته بوضوح وهو ما علاقة بني إسرائيل ببناء الأهرامات, حيث ظهرت في السنوات الاخيرة عدة ادعاءات تقول إن بني إسرائيل هم بناة الأهرامات, وطبقآ للوثائق التاريخية القديمة فلقد بني الهرم الأكبر في عصر الدولة القديمة في عصر( الملك خوفو) حوالي2450 ق.م أي حوالي800 عام قبل هجرة بني إسرائيل إلي مصر عام1650 ق.م وكان عددهم في ذلك الوقت70 فردا طبقا للنصوص التوراتية مما يؤكد عدم صحة هذا الادعاء.... وللحديث بقية لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض