انتقال الطفل من مرحلة الطفولة المبكرة إلي الالتحاق بالمدرسة حدث ضخم في حياته يتطلب أن يعد له إعدادا طيبا, فهو قبل المدرسة يعيش في البيت الذي يمثل له البيئة الآمنة ويري نفسه محور الاهتمام وفجأة يجد نفسه واحدا من بين مئات وربما آلاف الأطفال الآخرين في مكان غريب بدون وجود والديه أو إخوته ومع أشخاص لم يلتق بهم من قبل.. فكيف نعد الطفل لذلك اليوم؟ يقول د.محمد سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس: لابد أن يدرك الأبوان أن تعليم الأطفال مسئولية كبيرة ولابد أن يخصصوا لها قدرا من اهتمامهم وأن يغمروهم بالعطف والحنان لأن الطفل المشبع عاطفيا تزيد قدرته علي التحصيل والتركيز, وهو في سنة أولي مدرسة يخرج من دائرة الأسرة التي عاش فيها لفترة طويلة وينتقل إلي عالم أكبر يتعلم فيه كيفية مواجهة الضغوط وتحملها وكيفية التواصل مع الأصدقاء, ويتحول بعد أن كان يأخذ كل شيء إلي كائن يعطي ولابد أن يدفع ثمن كل ما يأخذه, ولكي يكون ناجحا في مدرسته لابد أن يقدم ما يستحق ذلك. ويشير إلي أن خوف الطفل من المدرسة شيء طبيعي لأن المدرسة أول مكان يبعده عن ارتباطه بأمه- أقرب الناس إليه- أو عمن تقوم بتربيته, ولذلك فإنها بالنسبة له تعد مكانا غير مطمئن لأنه انفصل عن الحضانة الأسرية. ويضيف: إن هذا الشعور بالقلق أمر طبيعي ولا ينبغي اعتباره ظاهرة مرضية, فحتي الكبار يخافون من الأماكن التي لا يعلمون عنها شيئا فما بالنا بالصغار؟ وغالبا ما نجد تعبير الطفل عن قلقه من المدرسة لا يتوقف عند حد الرفض أو افتعال الحجج حتي لا يذهب إليها, فالأشكال متنوعة ويمكن أن يكون البكاء أو الشكوي من الصداع والغضب, وقد تصل لدرجة التبول اللا إرادي, وبطبيعة الحال فإن هذه الأعراض قد تزعج الأسرة. لذلك يجب الانتباه إلي ضرورة عدم إبداء القلق وتقبل هذه الأعراض واعتبارها شيئا عارضا سرعان ما يزول لأنه ببساطة خوف طبيعي جدا, ويري أن تضخيم الأمر قد يؤدي إلي صعوبة التغلب عليه وإصابة الطفل بالاكتئاب والذي يشكل خطورة شديدة عليه وربما علي حياته. يقول د. أحمد يحيي عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع بجامعه السويس إن أصعب ما يعانيه الطفل في الأيام الأولي من الدراسة هو الشعور بفقدان الأمان, لذلك من المهم جدا التأكيد علي إحساسه به وأنه لن يتم تركه وحده في هذا المكان الغريب بالنسبة له, فعلي الأم والأب ألا يحاولا أن يتركا الطفل في المدرسة ويهربان منه دون أن يتحدثا معه بصدق بأنهما سيأتيان لأخذه عقب انتهاء اليوم الدراسي, ولأنه سيصبح مسئولا عن تصرفاته وسلوكه ومطالبا باتباع قوانين وقواعد لم تفرض عليه من قبل أثناء فترة تواجده بالبيت فيجب علي الوالدين أن يقوما بتهيئته لمواجهه هذا الحدث المهم في حياته وتحضيره له قبل نحو شهر من افتتاح المدرسة, كأن تروي له قصص مشوقه عنها بحيث تغذي هذه الروايات نفسه وتجعله سعيدا بدخولها بدلا عن الخوف من الذهاب إليها, ويفضل أن يصطحب الوالدان أو الاشقاء الأكبرالطفل إلي المدرسة التي سيتم الالتحاق بها قبل بدء العام الدراسي ليتعرف علي المكان في جو مطمئن له, بالإضافه إلي توفير بعض الأدوات والكتب البسيطة التي تحتوي علي الصور الملونة لتقريب فكرة الدراسة إليه وأخباره أن العلم مفيد له وأنه به سيصبح شخصا له مكانة في المجتمع, وأن تقدم له بعض النماذج كقدوة من العائلة أو حتي من التليفزيون, كما يتم إعداد الطفل بأن ينفصل بعض ساعات اليوم عن الام وأن يتم ذلك تدريجيا, وهنا تكمن فائدة الحضانة قبل المدرسة التي فيها يتم تدريبه علي الاختلاط بالآخرين وإقامة علاقات اجتماعية معهم بحيث يكتسب مهارات المشاركة والعطاء وكيفية مواجهة المشاكل وإيجاد حلول مناسبة لها. ويري د. محمد سكران أستاذ التربية بجامعه الفيوم ورئيس رابطه التربية الحديثة إنه يجب تجنيب الأطفال ما يعرف بصدمة المدرسة, فمن الحقائق الثابتة أن الذين يلتحقون بالمدرسة لأول مرة يعانون من هذه الصدمة لوجود فجوة كبيرة بين حياتهم داخل الأسرة التي يتعاملون فيها بالعطف واللين والاستجابة لمطالبهم وبين المدرسة حيث الالتزام بمواعيد محددة والخضوع لعشرات الأوامر أثناء اليوم الدراسي, ويكون ذلك بالتهيئة النفسية للطفل داخل الأسرة والحد من إصدار الأوامر بمجرد دخوله المدرسة, والعمل مع المدرسة علي غرس مشاعر الحب للدراسة داخله وأن تكون جاذبه للتلميذ وليست طاردة له. ويشير إلي أن هناك العديد من المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها, فعلي المستوي الأسري ينبغي توفير الإمكانيات المادية كل علي حسب مستواه حتي يشعر الطفل بالاهتمام وأنه مقبل علي عام دراسي جديد لما لذلك من تأثير إيجابي, أما علي المستوي المدرسي فيجب أن يشعر أن المدرسة جديدة في كل شيء من حيث الفصول والمقعد المريح.