المدرسة هي الصرح التعليمي الذي يتلقي فيه الطالب تعليمه طوال سنوات المدرسة.. وهي التي تشكل مستقبل حياته القادمة.. خاصة في مرحلة ما قبل الابتدائية والتي تعرف ب(الروضة).. والتي تمثل الصدمة الأولي للطفل.. لذا فهي من أخطر مراحل التعليم ولذلك ينصح الخبراء بأن تحظي هذه المرحلة بالاهتمام الأكبر وأفضل المعلمين والمؤهلين لها.. ولكن للأسف الشديد ما يحدث في الواقع عكس ذلك تماما.. فهذه المرحلة تكاد تكون مهملة وتضم أقل المعلمين كفاءة.. فيوضع بها أي مدرس غير مؤهل ولا يستطيع التعامل مع الطفل بطريقة تربوية سليمة.. وقد يعكس ذلك عقدا نفسية تؤثر عليه بعد ذلك.. بل وتربي عنده فوبيا المدرسة وتصبح مشكلة ضخمة تواجه أولياء الأمور.. ليس الأمر في المدارس الحكومية فقط.. ولكن نفس الشيء ينطبق علي المدارس الخاصة أيضا.. بل قد يتعدي الأمر أيضا للمرحلة الابتدائية. هناك مشاكل أخري قد تواجه التلميذ وهي عدم التكيف مع المناهج وصعوبتها في المراحل التالية.. بالإضافة لدور المدرس في عدم قدرته علي توصيل المعلومة بشكل جيد للطالب فيجد نفسه غير متكيف.. بالإضافة لتهديد المدرس له بالضرب حال عدم فهمه.. كل هذه المشكلات تواجه مستقبل أطفالنا التعليمي.. وللأسف قد تواجه بالإهمال الذي قد يتفاقم بعد ذلك.. (آخر ساعة) وضعت هذه المشكلات علي مائدة المختصين لمعرفة آرائهم حولها. حالات كثيرة من واقع تجاربنا الحياتية تعكس أسباب رفض الطفل للمدرسة في أكثر من مرحلة وللأسف يكون سببها الأول هم المدرسون.. فالمعلمة التي من المفترض أنها بمثابة أم له في المدرسة تنقلب لجلاد للطفل وقد تقوم بتفريغ غضبها ومشاكلها الشخصية علي ذلك الطفل البرئ الذي لا ذنب له ولا تدري بمدي الكارثة التي تسببها له بعد ذلك.. وقد يهرب أولياء الأمور من المدارس الحكومية ويلجأون للخاصة اعتقادا منهم بأنها أكثر جودة لأبنائهم ويتحاملون علي أنفسهم بدفع مصروفات عالية بخلاف المتطلبات الأخري التي تطلبها المدرسة أيضا ولكن للأسف قد يصدمون بمعرفة الواقع الذي يجدونه عكس ما كانوا يتصورون.. فالمدارس الخاصة الآن تضم مدرسين غير متخصصين وغير تربويين أصلا.. مجرد أنه يحمل شهادة جامعية فقط.. ولا يهم المدرسة سوي جمع المصروفات من أولياء الأمور فقط.. هذا في حال المدارس الخاصة.. وأما المدارس الحكومية ليس من حقك أبدا أن تطالب بالمعاملة الحسنة لابنك أو تبحث عن الجودة لأنها مدارس مجانية.. المدرس فيها دائما علي حق والتلميذ ليس له أي حق.. والنتيجة لهذه وتلك إما أطفال ضعفاء دراسيا أو ذوو عقد نفسية مما يحدث لهم في المدارس. يقول الدكتور أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع جامعة السويس: الفترة الأولي في دخول المدارس للأطفال وخاصة مرحلة الروضة تمثل صدمة اجتماعية كبيرة لأنها تنتزعه من أحضان الوالدين لعالم مجهول ربما يفشل فيه أو ينجح.. ويتمثل رفض الأطفال في عدة صور إما بالبكاء أو الصراخ أو النوم أو إدعاء المرض.. وهنا يأتي دور المدرسة فإذا كانت تقوم بواجبها التربوي علي الدور الأكمل فإنها تحببهم فيها سواء بالأنشطة أو الألعاب لانتزاع شعور الغربة بداخلهم في هذه المرحلة.. وهنا يأتي دور المعلمين ولكن للأسف المعلم في هذه المرحلة ليس متخصصا وغير مؤهل بشكل جيد لهذه المرحلة.. إذ يجب إخضاع المعلمين لدورة تدريبية لا تقل عن 3 أشهر علي يد متخصصين في الطفولة وعلم النفس والاجتماع حتي يستطيعوا التواصل مع الأطفال بشكل علمي.. ولكن من المعروف أن ليس كل الأطفال سواء فسوف يلاقون صعوبات ومعوقات ولذلك يجب التواصل بين المنزل والمدرسة في تلك المرحلة فتقوم المدرسة باستضافة أولياء الأمور ويحدث مايسمي باليوم المفتوح.. ولذلك يجب ضرورة تفعيل ما يعرف بمجالس الآباء وكذلك مفهوم الثواب بعيدا عن العقاب مثل الجوائز والرحلات.. ويجب أن يكون المعلم علي قدر من الذكاء للتواصل مع الظفل لأن هذه المرحلة تمثل نقلة نوعية للطفل.. والمشكلة ليست في الطرف الصغير ولكنها علي الطرف الأكبر وهو المعلم.. ولذلك أقول ليس كل من يحمل شهادة كلية التربية نفسها يصلح أن يكون معلما.. ولكن من الضروري التأهيل النفسي والاجتماعي والثقافي والتربوي لهؤلاء حتي لاتظهر مشاكلهم الشخصية وعقدهم النفسية علي الأطفال مثل المعلمة التي تعاني من مشكلات مع زوجها في المنزل ومشاكل في بيتها فتقوم بتفريغها في المدرسة فتأتي علي الطفل.. فهي إذن فكرة تحويل غضبي علي طرف ليس له ذنب ربما تترك عنده عقدة.. وهناك أيضا مدرسون منحرفون يستغلون جهل الأطفال وعدم تفرقتهم في التصرفات بين بعضها البعض.. ولكن هذه الأشياء منصوص عليها في الميثاق العالمي لحقوق الأطفال وهي عدم استغلال الأطفال جنسيا. ويضيف د. يحيي : ثمة أطفال عندهم رغبة التعرف والاستطلاع وهو ما يظهر في الأسئلة غير المباشرة ولابد أن يكون لها إجابة عند الوالدين فلا تقول الأم أو الأب أنت صغير أو لا أعرف الإجابة لأنه سيبحث بعد ذلك عن الإجابات في مكان آخر.. فيذهب إلي الأستاذة أو المدرسة فإذا كان عندها عقد نفسية ستصبها علي الطفل ولذلك يجب أن يتأهل المدرس لمواجهتها والتعامل معها.. لأن العلم يقول إن الطفل يبدأ الإدراك من 6 أشهر وهي ذاكرة الليبدو عكس ما يعتقد الآخرون أنه لايفهم.. وفي مرحلة الروضة يكون علاج الطفل عن طريق المعاملة الحسنة والهدايا وعدم الضغط عليه بمعلومات لايسعها مخه فيجب ألا يكون هناك تعليم في هذه المرحلة الصغيرة وتكون كلها ألعاباً.. فكاً.. تركيباً.. شخبطة.. رسماً.. مشاهدة شيء وتقليده وإن كان ولابد من معلومات دراسية بسيطة ففي أضيق الحدود.. فقبل 4 سنوات الطفل يكون غير قادر علي الاستيعاب الكامل. وأما الدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين فتقول: هناك عدة مراحل لرفض الطفل للمدرسة وأولها تظهر في مرحلة الروضة وكذلك في سن 11 سنة وأيضا عند الانتقال من مرحلة إلي مرحلة جديدة من الابتدائية للإعدادية أي سن 41، 51 سنة وكذلك الانتال قمن الإعدادية للثانوية.. ويحدث رفض الطفل للمدرسة في عدة حالات: أولا: الطفل الذي لم يذهب لحضانة مبكرا ودخل المدرسة مباشرة فهو قد تعود علي البيت وارتبط بالأم فعندما ذهب للمدرسة وجد نظاما مختلفا فهو يجلس علي مكتب ويطيع الأوامر فيبدأ الطفل يقلق ويتحرك كثيرا ويحدث له قلق نفسي وبعض المعلمات في هذه الحالات لايعرفن كيفية التعامل مع الطفل فتتعامل معه بعصبية وعنف فيرفض الطفل أكثر ويبدأ في كراهية المدرسة.. الثاني: أن هناك طفلاً منعزلا لأن الأسرة بطبيعتها منعزلة أو الأب كذلك وهذا يكون وراثة في بعض الأحيان.. سبب ثالث: وهو أن يكون الطفل متعلقا بأمه تعلقا زائدا ولا يريد الذهاب للمدرسة مع أنه غاية الذكاء.. السبب الرابع: وهو المشاكل الأسرية في المنزل فيفضل الطفل البقاء في المنزل ليحمي أمه ويطمئن عليها.. خامسا: في حالة وفاة أحد الأقرباء للأسرة أو من المعارف فيخاف الطفل علي من يحب فيجلس بجواره بالمنزل لأنه يخاف علي أبيه وأمه ويريد الاطمئنان علي وجودهما.. أما السبب السادس: وهو أكثر أهمية وشيوعا وهو من خلال تعامله مع أقرانه في المدرسة أو معلمته فمثلا ذهب الطفل للمدرسة فترة صغيرة لعدة أيام وصدم بتعامل معلمته معه بعنف أو معاملة أقرانه أو تعرض للضرب فيحدث للطفل كراهية للمدرسة.. ولذلك يجب أن تكون المعلمة متفهمة لحالة الطفل النفسية ولذا يجب أن تكون مدربة تربويا وليس مجرد أنها تعرف عربي أو إنجليزي.. لأن أسلوب التعامل مع الطفل يحدد قبوله للمدرسة أم لا.. ولذلك نرفض العنف سواء في المنزل أو المدرسة ولهذا يجب أن يكون العلاج هو الذهاب للمدرسة بشكل تدريجي لأن بعض الأطفال يرفضون التغيير لأن إحساسه بالأمان هو فيما تعود عليه والخوف عنده يكون من القادم الذي لايعرفه فيجب تحضير الطفل لذلك. وتواصل د. حماد يجب علي ولي الأمر الذهاب للمدرسة مرتين أو ثلاثاً والجلوس مع المعلمين.. لأن كل أم تعرف ابنها جيدا إذا كان هذا الطفل حساسا أو منعزلا أو جبانا.. وإذا ضرب الطفل من أصحابه أو من معلمته وحدثت له أحداث مؤلمة في المدرسة فيخاف من الذهاب مرة ثانية.. وخطأ أن يقول الأب لابنه (أنت مش راجل) لازم تضرب من يضربك.. لأنه من الممكن أن يكون هناك طفل غير عدواني.. هذا بالنسبة لمرحلة الروضة.. أما بالنسبة لما فوقها فيحدث رفض التلميذ للمدرسة بسبب عدم تكيفه مع المناهج وخوفه من الفشل أو يكون طفلا مثاليا ويريد الحصول علي درجات عالية لتحقيق رغبتهم في المنزل يخشي عدم تمكنه من ذلك فيتفادي كل هذا ويفضل عدم الذهاب للمدرسة أصلا.. وكذلك بسبب انتقاله من مرحلة لمرحلة أخري وهو يخاف من التغيير.