الذين يعرفون الدكتور أسامة الباز جيدا يعلمون تمام العلم أن اسمه وتاريخه وثقافته وسلوكه تشكل خلطة سحرية تبقي أكبر من أي كلمات وأبقي من أي رثاء ويكفي أن يقال أنه عاشق لمصر ومؤمن بها وبقدراتها! كان دائما يفكر بصوت عال ويجاهر بأن مصر تملك كثيرا من المفاتيح التي توفر لها صياغة استراتيجية عليا تضمن مصالحها الحيوية مثلما تضمن لها- هذه المفاتيح- أن تكون بمنأي عن مخاطر الظروف المتغيرة. لم يكن يجادل في أن مصر تواجه منذ يونيو 1967 واقعا بالغ الصعوبة يفرض عليها حدودا معينة في السلوك الدولي والإقليمي لتفادي مخاطر الاستدراج نحو فخاخ جديدة ولكن الإدارة السياسية المصرية استطاعت- طبقا لرؤيته- أن تتفادي في زمن عبد الناصر والسادات ومبارك ضغوطا دولية عنيفة تستهدف الانتقال بمصر من مجرد القبول بقدر محسوب من الترويض إلي حتمية الانزلاق نحو ما يراد لها من تركيع وإذعان! وإذا كنت قد حظيت بشرف معرفته لنحو 30 عاما واستمتعت بصحبته في جولات خارجية شملت معظم دول العالم علي مدي يزيد عن 20 عاما فإنني لم أر فيه صورة الثعلب السياسي كما كان معروفا عنه وإنما رأيته مفكرا لديه شيء يريد أن يقوله بصوت عال سواء نال إعجاب السلطة التي كان جزءا منها أو نال غضب البعض وحقد وغيرة البعض الآخر! كان رجلا له شخصية فريدة وطابع مميز ولم تستطع أضواء النجومية أن تغطي علي بساطته وتواضعه ومن ثم لم يكن مهتما ولا منشغلا بأن يصنع أسطورة شخصية وإنما صنع- وباقتدار- أسطورة نجاح! خير الكلام: رزانة في العقل أنفع من لسان في الفم! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله