مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه واحدة من أعظم الكلمات التي قالها البابا شنودة وقد تذكرتها وأنا أتابع ما يحدث في سيناء حيث يقوم الجيش بأشرف معركة لتطهير أرض مصر من الإرهابيين الذين استباحوا أرضها وناسها ولم يشفع لهم أنهم يحملون الديانة الإسلامية, إلا أنهم يحملون إلا البطش والكره لكل من هو مسلم يعيش علي هذه الأرض الطاهرة, واتساءل: لماذا أصبح الكثيرون اليوم أفرادا وجماعات يسعون ويناضلون من أجل تحقيق رغباتهم حتي لو كانت علي حساب مصلحة الوطن العليا لماذا أصبح بعضنا يسعي لتخريب وطنهم بمصالحه ومنجزاته من أجل إرضاء تطلعاتهم الشخصية أو الانتقام من غرمائهم السياسيين, وإرضاء جهات داخلية أو خارجية لا يهمها مصلحة مصر وأمنها واستقرارها, هل من يقطع الطريق ويخرب الأرض ويكتب علي الجدران تلك العبارات المسيئة ويعيث في أرض الوطن فسادا, يمكن أن يكون مصري الانتماء محبا لوطنه وحريصا علي أمنه وتقدمه واستقراره؟ هل كل من يسعي جاهدا لبث الفتنة والخلاف بين أبناء الوطن يمكن أن يكون مخلصا له؟ هل فقد الكثيرون منا الاحساس بالحب والانتماء لمصر؟! الوطن ليس قطعة من الأرض التي نعيش عليها وحسب, بل هو القطعة التي تعيش فينا أيضا وهو ليس مساحة جغرافية بما يعلوها ويدنوها, بل هو الأم التي يعتز بها الإنسان الصالح, الذي لا ينكر الجميل فوراء كل رجل عظيم وطن أعظم, وأمامه أيضا إذ لا يكفي أن يكون الوطن دافع الإنسان بل ينبغي أن يكون هدفه أيضا فالعلاقة بين الإنسان ووطنه متبادلة وجدلية, فكما أن الإنسان بحاجة لوطن يشعر بدفء وجوده فيه, فإنه بحاجة لمن يحبه ليس ليصبح وطنا بالطبع بل هو بحاجة لمن يرعاه كما يرعي هو من يعيش علي أرضه..والانتماء إلي الوطن يتجلي في أروع صوره حينما يكون بلا مقابل أو فائدة, في الحرص علي سيادة القانون وتقديسه وتطبيقه بالعدل المطلق..و ليس مجرد علم, وليس سلاما وطنيا ولا أغنيات أو شعارات أو خطبا رنانة, إنه المكان الذي نشعر إننا ننتمي إليه وينتمي إلينا, أنه يجب أن يظل حرا ومستقلا يرفض التمييز بين أبنائه. أما عن حب الوطن, فهو تهذيب النفس وإخضاعها علي تطبيق السلوكيات الحميدة والأخلاق الفاضلة وفق تعاليم ديننا الحنيف إنه قبول بعضنا البعض والتعاون للعيش بأمن وأمان وهو الاشتراك الحقيقي للأفراد في نهضة الوطن والحفاظ علي مستقبله, والوفاء له وتقديم كل غال ونفيس من أجل الحفاظ عليه. إن من لايحب وطنه ويعمل علي معاداته وتخريبه ويخطط لدماره ويشترك في خلخلة أمنه واستقراره ويساعد علي انهياره فهو خائن له وعلي كل فرد مهما كان مركزه ومجال وطبيعة عمله..ويعيش علي تراب هذا الوطن ويستظل بسمائه أن يدرك جيدا أن الأوطان بأبنائها وأن الإنسان لا يكبر إلا بإكباره وطنه ولا عزة ولا كرامة له إلا بعزة وكرامة وطنه وأنه لا سبيل لتطور هذا الوطن إلا بتضافر جهود أبنائه وإخلاصهم في الولاء والانتماء له. د. حامد عبد الرحيم عيد أستاذ بعلوم القاهرة