تتابع ألمانيا بقلق شديد الاعتدءات التي يتعرض لها الأقباط وخاصة في صعيد مصر علي يد المتطرفين المتشددين سواء في جماعة الإخوان أو غيرها من الجماعات الإسلامية. ورغم ادانتها للعنف الذي تمارسه هذه الجماعات ضد الأقباط الذي بلغ ذروته منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة فإن برلين لا تزال تنظر بشك للحكومة الانتقالية في مصر في الالتزام بخريطة الطريق وتسليم السلطة لحكومة منتخبة والعودة للمسار الديمقراطي, كما تصر برلين في تصريحات رسمية عديدة علي تحميل الحكومة المصرية مسئولية حماية الأقباط وممتلكاتهم من اي اعتداءات عليهم. وقد دفع ذلك الموقف الأنبا دميان اسقف الأقباط في المانيا إلي مناشدة الحكومة في برلين عبر وسائل الإعلام الألمانية وفي اكثر من مناسبة مثل الصلاة المشتركة للكنائس الألمانية تضامنا مع الأقباط في مصر, بأن تدعم المانيا الحكومة المصرية الحالية وان تتوقف عن انتقاد الجيش المصري الذي إستجاب لإرادة الشعب المصري والا تتعامل مع عزل الرئيس مرسي علي انه إنقلاب عسكري بل تدخل لتحقيق رغبة المصريين في تغيير نظام الإخوان المسلمين. ومؤخرا صدرت تصريحات عن فولكر كاودر رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديموقراطي الحاكم الذي ترأسه المستشارة انجيلا ميركل تعد الأكثر وضوحا في إدانة العنف الذي تمارسه بعض عناصر الإخوان ضد الأقباط. فوصف المسئول البارز استهداف الاقباط في مصر حاليا بأنه فظيع بعد ان باتوا اليوم مهددين في بلادهم. وقال كاودر إن قرار المانيا و دول اوروبية اخر بمعاقبة الحكومة الإنتقالية والجيش في مصر بوقف المساعدات الألمانية بسبب استخدام العنف ضد الإخوان عند فض الاعتصامين هو قرار صائب, ولكننا يجب أن ندين الإخوان المسلمين والا ننسي أنهم يرفضون اي حوار لإنهاء العنف ويشنون اعتداءات علي الكنائس. واضاف قائلا إنه علي الرغم من أن الرئيس المخلوع محمد مرسي كان رئيسا شرعيا منتخبا فإنه وخلال فترة حكمه حاولت جماعة الإخوان تدريجيا تحويل مصر لدولة ذات طابع ديني وسلب المسيحيين في مصر حقوقهم وتقويض موقعهم كجزء من المجتمع المصري. لا يوجد اي مبرر لجرائم الإعتداء علي الاقباط وحرق كنائسهم وقتلهم, لذلك فإننا نطالب الدول الإسلامية في الخليج العربي وغيرها التي لا يزال لديها بقية تأثير علي جماعة الإخوان المسلمين بأن تتدخل وبخاصة الحكومة التركية التي ساندت الإخوان مؤخرا لكي تدعوهم للعودة إلي الحوار والتسامح تجاه المسيحيين في مصر. وقالت صحيفة فرانكفورتر الجماينة بأن الأقباط في مصر حاليا يدفعون ثمن تخليهم عن سياسة البابا السابق شنودة الذي تجنب وجنب كنيسته ورعاياها في مصر الخوض في السياسة مؤثرا السلامة فكان اسوأ ما يعاني منه الأقباط في عهد مبارك مظاهر التعسف في بناء دور العبادة او عدم المساواة في الوظائف الحكومية وفرص الترقي. غير ان انحياز البابا الجديد تواضروس للجيش في إزاحة الإخوان المسلمين من الحكم جعلهم الآن في فوهة المدفع ليعانوا من عنف غير مسبوق ضدهم. في حين رأت صحيفة دي تسايت ان العنف في مصر حاليا من قبل الإخوان المحبطين لا يقتصر علي الأقباط وحدهم بل هو موجه للجميع ويدفع ثمنه المسلمون المعتدلون ايضا ويطال كافة منشآت الدولة المصرية ويشمل محاولات تعطيل الحياة العامة والإضرار بها عملا بمبدأ هدم المعبد علي من فيه انتقاما من عزل الرئيس مرسي. فالصراع ليس بين الإخوان والأقباط كما يصوره الإعلام بل هو بين الإخوان والجيش ويتم استخدام الأقباط فقط كورقة ضغط للايحاء بإمكانية إشعال حرب اهلية في مصر قد تدفع الغرب للتدخل. غير ان هناك سببا آخر وراء الاهتمام الإعلامي هنا بما يحدث للأقباط وهو رصد السلطات الألمانية لموجة غير مسبوقة من طلبات اللجوء لألمانيا من قبل اقباط مصر بعد30 يونيو الماضي. فبعد الحديث عن موجة هجرة الأقباط للولايات المتحدة وكندا فجرت صحيفة بيلد اشهر الصحف الألمانية واكثرها توزيعا مفاجأة بالكشف عن ان عدد اللاجئين الأقباط الي المانيا في ازدياد وبلغ خلال الاشهر الثلاثة الماضية فقط564 مصريا غالبيتهم من الأقباط. وحسب الشرطة الأتحادية في مدينة بوتسدام فإن المصريين اللاجئين كلهم يستخدمون نفس الأسلوب للوصول إلي الأراضي الألمانية, حيث إن القوانين هنا تلزم طالب اللجوء ان يطأ الأراضي الألمانية أولا كشرط لتقديم طلب اللجوء. فلجأ المصريون إلي حيلة ذكية حيث يستقلون رحلات طيران تابعة لشركة لوفتهانزا من القاهرة إلي تفليس في جورجيا ويحجزون التذاكر ذهاب وعودة ولكنهم يستغلون التوقف ترانزيت في مطاري فرانكفورت او ميونيخ للتوجه لسلطات المطار وتقديم طلباتهم للجوء إلي المانيا بسبب ما يتعرضون له من ملاحقة في مصر. ويبدو ان الأقباط وجدوا في هذه الطريقة حلا مؤقتا في ظل رفض الحكومة الألمانية الاستجابة لمطالب سياسيين المان عديدين وكذلك اسقف الأقباط في ألمانيا الأنبا دميان بأن تفتح برلين الباب علي الأقل لإستقبال الأقباط المضطهدين او المصابين بسبب الاعتداءات وان تضع برنامجا خاصا بهم اسوة بما فعلته مع مسيحيي العراق أو المسيحيين المضطهدين في سوريا. ويؤكد الأنبا دميان الذي تبلغ عدد جاليته القبطية في المانيا حسب تقديره8500 مصري قبطي, أن السماح للأقباط بالقدوم لألمانيا مفيد للطرفين معا, فعلي سبيل المثال تعاني مصر من فائض في الأطباء والأقباط منهم يجدون مصاعب في الحصول علي عمل في حين تعاني المانيا نقصا كبيرا في الأطباء!