ظهر المخادع في التليفزيون التركي يبكي علي قتيلة في فض اعتصام رابعة, في عملية تحرير الرهائن داخل الاعتصام وفي المنطقة من حوله, ترك المدعو( أردوغان) رئيس الوزراء التركي المشهد كله ليختزله في هذه القتيلة المسكينة, ليذرف عليها الدموع والتنهدات مصحوبة بالموسيقي والشعر وتأوهات المذيع في مشهد مفتعل ومفبرك, لا أعرف لمن يسوقه ويبيعه للشعب العربي أم التركي؟! وأعتقد أن كلا الشعبين قد كشف النقاب عن حقيقة الصراع الذي يلعب فيه( أردوغان) زعيم الجواسيس والطابور الخامس, فعليه أن يوفر دموع التماسيح الغادرة, فالوطن العربي مليء بالقتلي الأبرياء, ما لم يشهده التاريخ من قتل وتدمير, لا تكفيها دموع الدنيا لتطفئ نارها المستعرة, بأياديه الملطخة بالدماء, هو ومن معه من الكذابين الخونة من الطابور الخامس, أداة الاستعمار الجديد, لتدمير الأوطان, ولتجري فيها الدماء أنهارا, ولا يكفون رغم ذلك عن الكذب.. فامسح دموعك يا أردوغان فهي لا تنطلي علي أحد.. لكنما الكذاب يخلق قوله ما حيلتي في المفتري الكذاب! خلق الكذب أصبح صناعة متقنة يشترك فيها علماء متخصصون في السياسة والتاريخ وعلم النفس والإعلام والاتصال والسينما والموسيقي والشعر, هذه الصناعة تفوق فيها الغرب الاستعماري, مستغلا ضعفا وتخلفا وتقصيرا في العالم العربي, الذي أصبح رجل العالم المريض, يتسابقون علي نهب خيراته, فحكموا عليه بالتخلف بمشروع يسمي الشرق الأوسط الكبير, تضيع فيه الهوية العربية الجامعة, إلي الهويات الطائفية المفتتة, فتقسم المنطقة العربية علي أساس طائفي ديني, فيتحول الصراع إلي صراع ديني فيما بيننا, ويستمر نزيف الدم بلا رحمة وهو مانراه بأم الاعين من ذبح وقتل علي الهوية الطائفية والدينية وليس مجرد, توقع أو نبوءة, فالحقيقة عارية أمام أعيننا, فالغرب يقف إلي جانب المتطرفين العنصريين الدمويين, ويمولهم ويروج لهم بعملائه المدربين لخلق الكذب, لا تحتاج الحقيقة العارية أن نتعجب أو نتساءل هل أسلم الغرب ويساعد هؤلاء المتطرفين لتحقيق مشروعهم الإسلامي المزعوم, أم يستخدمهم كعادته لتحقيق مشروعه الاستعماري المعلن, باسم الشرق الأوسط الجديد علي المنطقة العربية وعلي من فيها! الحقيقة العارية يغطونها بخلق الكذب علي ألسنة وقنوات عربية تحمل أسماء محمد وأحمد وعمرو.. إلي آخر هذه الرموز المفضوحة لكنها تتصنع الوش المكشوف الذي تدربت عليه, فمهما يكن كذبها مفضوحا ومكررا, فهي لا تنتهي عن تكراره, بنفس الاسطوانات عن الخلافة أو المشروع الإسلامي أو حقوق الإنسان والديمقراطية وغير ذلك من الحق الذي يراد به باطل! ويستخدم في ذلك أصحاب المصالح والمطامع من رئيس وزراء دولة كبيرة, إلي حاكم دويلة صغيرة ومن قناة تليفزيونية مأجورة, إلي شاب ضائع وبنت تافهة, فالطينة من الطينة واللتة من العجينة! كلهم مسخرون في أيدي المشروع الكوني الكبير الذي يستخدم استراتيجية الاستدراج ثم الانقضاض! استدرجوا الاتحاد السوفيتي إلي أفغانستان ليغرق في مستنقعها وتستنزفه كما استدرجوه لحرب النجوم ليموت المواطنون من الجوع, واستدرجوا( العراق) لغزو الكويت ليقضوا علي الجيش العراقي, والآن يستدرجون سوريا للحرب الأهلية بتغذية المعارضة المسلحة بكل أنواع الأسلحة, ليضطر لمطاردتها, وينهك الجيش السوري في الحرب الأهلية, فيسهل الانقضاض عليه ليلقي مصير الجيش العراقي تلك الأمثلة القريبة أما البعيدة فما أكثرها, من فن الاستدراج ثم الانقضاض, وهو ما تم إفشاله علي يد الشعب الحضاري المصري, بكل مؤسساته وطوائفه, الذي رفض ما يسمي الربيع العربي, لتنفيذ المشروع الاستعماري الكوني بتفتيت مصر والمنطقة العربية إلي دويلات تابعة تحقق مصالح الآخرين وتغرق, في بحور الدم الطائفي والحرب الأهلية التي لا ينطفيء سعيرها أبدا, وهو ما يدركه الغرب كله فوضع القوانين الرادعة عنده لكل من ينطق ببنت شفه بحديث طائفي, أو يحض علي الكراهية, بينما يشجع ويعضد ويساند ويدعم عندنا وهو الخطاب الطائفي الصريح, ويغض الطرف عن الجرائم الإنسانية البشعة, إلا إن كان ذلك يخضع لعملية الاستدراج للإرهابيين ليرتكبوا المزيد من المجازر ليشوهو الإسلام المراد الانقضاض عليه! صدرت لنا القوي الاستعمارية الصراع, فبدلا من أن يكون بين المقاومة والاحتلال وبين الاستقلال الوطني والتبعية السياسية والاقتصادية, استدرجت فصيلا متطرفا يحمل أفكارا وهمية, لا تنتمي للواقع, ويعتمد العنف منذ نشأته, ليكون السرطان الذي يدمر الوطن من داخله, فأغوته بالاستبداد والقهر وسلب الحريات ليدفع البلاد لحرب أهلية, كما يحدث في سوريا الحبيبة, ولا أري حادث كرداسة البشع إلا خطوة لاستدراج الأمن باستفزازه, ليرد بنفس الوحشية, إلا أن هناك رجالا بحق الكلمة يعلمون ما وراء الأكمه من ألاعيب شيطانية, الحرب الدائرة الآن حرب حقيقية, بين طموح شعب حضاري يطمح للتقدم والحرية وفق فلسفة العصر الحديث, وبين فرض التخلف باستخدام المشاعر الدينية المغيبة المضرة بالدين الذي جاء لينصر العقل والإنسانية, فالحرب أصبحت حقيقة عارية تحتاج رجالا يعرفون معني الرجولة لايغضون عنها الطرف ليواجهوا قوي عالمية تعرف ما تريد, وعملاء بالداخل منهم من يعرف ما يريد من سلطة وتسلط, ومنهم من لا يعرف ولكنه يعاني من عصاب يفقده القدرة علي فهم الواقع والتعامل معه, لديه إحساس كاذب بالكمالية والهوس, ما يمنع تطوير الشخصية, والعدوانية, والتصرفات القهرية المضرة بالنفس وبالآخرين, مواجهة هذه الحقيقة العارية متعددة الأوجه والأدوات تحتاج أعين رجال فقط ورثوا الرجولة عبر تاريخ حضاري طويل جعل حتي المرأة بميت رجل! لمزيد من مقالات وفاء محمود