برغم الخطوات التي جرت علي الساحة السياسية, وهي تحديدا الانتخابات التي تمت هذا الشهر, ومهما كانت نتائجها ترضي البعض أو لا ترضيه ولكنها خطوات علي طريق الاستقرار السياسي. الذي نرجوه ونتمناه, ولكن السؤال الذي لايزال مطروحا هل مصر دولة بلا حكومة مثلما عاشت دول أخري كالصومال؟ أم أن هناك حكومة ولكنها مترددة ومهزوزة إذ حينما تتخذ قرارا تتراجع فيه بعد لحظات, أو عندما تتخذ قرارا فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع, بل يعود الي المربع رقم واحد؟. هناك أمثلة كثيرة منها موضوع الاقتراض من الخارج, وتحتار الحكومة هل تقترض أم لا؟ وهل تعلن ذلك صراحة أم لا؟ وحينما تضيع الفرص وينأي العالم الخارجي عن اقراضنا تتجه الي الداخل لتقترض في صورة أذون خزانة, أو أذون دولارية من البنك المركزي, وعندما تحاول مرة أخري الاقتراض الخارجي تكون قد ضاعت سياق الفرصة التي يمكن أن نقترض فيها دون شروط مجحفة, ثم تعود وتبدأ من جديد في اتصالات للاقتراض, ولكن في ظل الأوضاع الحالية لن يكون بشروطنا أو بالحد الأدني الذي نرتضيه, ومثال آخر عندما تصدر وزارة المالية قرارات بشأن الأسواق الحرة, ثم قبل أن يجف المداد تتراجع بسرعة. ومثال آخر عندما تكشر الحكومة عن أنيابها علي مستثمري أراضي الطريق الصحراوي لمخالفتهم الصريحة بأنهم حصلوا علي الأرض للاستثمار الزراعي, ثم تحولت الي منتجعات وملاعب جولف وتعلن أن عددهم يبلغ26 حالة وبعدها تتراجع وتتراجع. هذه بعض أمثلة عن دولة تحتاج الي حكومة قوية لها رؤية ولها سياسات واضحة ومعلنة, وقبل هذا كله تري الوضع الحالي بوضوح وتضع له الإجراءات والقرارات المناسبة قبل أن يستفحل الأمر الاقتصادي ويصعب معه العلاج ولا تأتي الحلول بما يفيد, وقد خرجت بعض الصحف قبل أيام بمانشيت: لابديل عن الاقتراض من الخارج, وفق تصريح مصدر مسئول, والسؤال: هل عجزنا عن تدبير موارد؟ صحيح أن السياحة انخفضت وكذلك معظم الصادرات ولكن كيف يمكن أن نبعث برسائل طلب الاقتراض الي المؤسسات الدولية وقد وقعت الواقعة وأصبح اقتصادنا علي حافة الأزمة إذ أن المالية تصدر أسبوعيا أذونا للخزانة لاقتراض مليارات تزايد العائد عليها الي15%, ويصدر البنك المركزي سندات دولارية بأكثر من ملياري دولار والثالثة قادمة بمليار دولار ثالث. العيب هنا ليس في الاقتراض, ولكن السؤال لماذا يتم الاقتراض؟ وكيف يمكن سداد هذه الديون خاصة الدولارية؟ واذا تم الاقتراض من مؤسسات دولية فما هي الشروط التي سوف توضع علي رقبة الاقتصاد؟ إن علينا أن ننظر حولنا ونبحث ماذا يمكن أن نساعد به أنفسنا قبل أن نطلب المساعدة من الغير, ومن المؤكد أن هذه المسألة ليست عويصة لقد مرت مصر بأزمات ومشكلات وتم علاجها وشارك الشعب في ذلك وتحمل الكثير, وفي اعتقادنا أن هذا الشعب قادر علي الصبر والتحمل مادامت الأهداف واضحة ومحددة نحو التنمية والعدالة. ونحن نطرح أسئلة ومقترحات.. ماذا يضير الحكومة لو أعلنت عن خفض الضريبة علي الموظفين الي النصف؟ ألا يحقق هذا زيادة في دخولهم تذهب الي الانفاق علي المنتجات المصرية وانعاش السوق. ماذا يضير المنتجين أيضا اذا ما أعلنوا عن البيع بالتقسيط وفق حملة ترويج واسعة؟ أليس هذا أفضل من تكدس السلع في المخازن وفترينات العرض؟ ماذا يضير الحكومة أن تبحث في ملفاتها القديمة عن نحو40 مليار جنيه ضرائب متأخرة؟ ألا يمكن تحصيل نصفها علي الأقل سريعا؟ ماذا يضير الحكومة لو أعلنت عن طريق بنوكها عن شهادات استثمار جديدة بسعر فائدة وليكن20% حتي تجمع أكبر كمية ممكنة من النقود تسد بها العجز وتخفض بها معدل التضخم؟ ماذا يضير الحكومة لو عكفت علي طرح10 فرص استثمارية عملاقة لرأس المال العربي مع ضمانات عدم المصادرة أو الرجوع في الكلام, ألا يؤدي هذا الي جذب الأموال والاستثمارات بدلا من انتظار دعم أو معونة. ماذا يضير الحكومة لو طلبت من بعض الدول العربية إنشاء أحياء جديدة بدلا من الأحياء العشوائية, ألا يؤدي هذا الي تشغيل آلاف الأيدي العاملة كبديل عن المعونة. ماذا يضير الحكومة لو أوقفت لمدة ستة أشهر مثلا السلع الكمالية وغير الضرورية ومن بينها أكل القطط والكلاب والتي تستنزف ملايين الدولارات وإليكم بعض أسعار بيع مستلزماتهم: بيت كلاب كبير865 جنيها عامود خربشة للقطط375 جنيها بيت تواليت275 جنيها قصافة أظافر للكلاب45 جنيها, والسؤال: ألا يمكن الاستغناء عن هذه الواردات مؤقتا؟ وأخيرا, أليس هناك عبرة مما فعلته تونس بقصور الرئاسة؟ لماذا لا نفكر مثلها في بيع قصر الرئاسة بمصر الجديدة والذي افتتحته الشركة الفرنسية المالكة في أول ديسمبر1910 كباكورة فنادقها الفاخرة في إفريقيا كفندق جراند أوتيل ويحتوي علي400 غرفة و55 جناحا فاخرا وقاعات ضخمة, وكان عامل جذب سياحي للعديد من الشخصيات التملكية في مصر وخارجها ورجال الأعمال الأثرياء, وبعد تأميمه ظل مهجورا حتي شغله اتحاد الجمهوريات العربية في1972 ثم استخدم قصرا للرئاسة خلال أوقات العمل الرسمية. هل يمكن فتح القصر المهجور وجرده وإعادة بيعه كفندق عالمي سوف يصبح مزارا له معني كميدان التحرير يؤمه نجوم العالم وأثرياؤه بعد افتتاحه بحفل عالمي ضخم وبعد أن زالت الحاجة إليه, فهناك قصور أخري ومبان يمكن أن تقوم بوظيفة قصر الرئاسة؟ [email protected] المزيد من مقالات عصام رفعت