يثبت التاريخ الحديث تعثر الثورات العتيدة في أوروبا وأمريكا قبل أن تصل الي ديمقراطياتها الحالية التي تتمثل أحسنها في حزب حاكم وآخر معارض. لم تصل هذه الدول الي تناوب الحكم بأغلبية الصناديق بين عشية وضحاها, بل بعد مشاحنات دامية وكبوات قاسية. لقد نبعت ثورة الديمقراطية في انجلترا في9861 وتخبطت03 عاما قبل بدء ثبات غرضها. كذلك تعثرت الثورة الشعبية في فرنسا من9871 عشرة أعوام. كذلك في أمريكا تعثرت ثورة التحرير من6771 قرابة11 عاما. إذن فإن تعثر مسيرة ثورة52 يناير1102 لم تكن ظاهرة فريدة ولكنه نتج عن عدم وجود آلية فورية قادرة علي إرساء نظام ديمقراطي تتقبله الغالبية العظمي من الناس. إضافة الي ذلك يثبت التاريخ أن الانتخابات الحرة في حد ذاتها لا تؤهل الوصول الي حكم مستنير. علي سبيل المثال لقد فاز أدولف هتلر بأغلبية الأصوات ثم انقلب فورا الي ديكتاتور متوحش كادت حروبه أن تفني قارة أوروبا بأكملها. يؤهل التمعن في التاريخ أن نعتبر أن حكم الإخوان في العام الماضي كان كبوة قاسية.. لقد أخطأ قادة الإخوان بالتماري في ديكتاتورية الحكم بناء علي أنهم وصلوا إليه بأغلبية الصندوق. اعتقد هؤلاء ان ذلك يؤهل إلي الاستحواذ ليس فقط علي كل مؤسسات الدولة, ولكن أيضا علي فكر الناس ثم طمس الرأي الآخر. لذلك قد تمادت القيادة التي عافي عليها الزمن في مسيرة طاغية علي طريق أعوج نهايته ظلام مبين. لم يستمع أحدهم لأي نصح وتدهورت أحوال البلاد جميعا. أعلنت مسيرة تمرد في03 يونيو رفضها لهذا الواقع الخطير, وخرج جيش مصر لحماية الشعب الثائر في3 يوليو. لم يكن هذا عملا فريدا ولكنه امتداد لعلاقة وطيدة تاريخية فريدة بين شعب مصر وجيشها, بدأت عند توحيد الوجهين القبلي والبحري منذ0005 عام. بقيت مصر الدولة الوحيدة التي لم تتغير حدودها منذ ذلك التاريخ بحماية جيشها. تنبع جذور العلاقة الخاصة بين شعب مصر وجيشها في أن التجنيد إجباري ويشمل كل طبقات المجتمع. إضافة الي ذلك فلأن لكل عائلة من يخدم في الجيش فهذه الخدمة تعتبر عملا وطنيا وشرفا عظيما. خروج الجيش لحماية شعبها لم يكن جديدا, فلقد سبق أن قام بذلك لدعم الانتفاضات الشعبية ضد الاحتلال الإنجليزي في ثورة أحمد عرابي في9781 وسعد زغلول في9191 وعبدالناصر في.2591 لا يفهم الغرب هذه العلاقة التاريخية, لذلك علينا أن لانهتم بما يقال في بلادهم أو إعلامهم. المهم أن نستمر في إصلاح مسيرة الثورة لرفعة الوطن بجميع طبقاته وطوائفه دون اقصاء. لذلك يجب التركيز الدائم علي اعتدال مسيرة الثورة وبدء التخطيط لمستقبل أفضل. إضافة الي ذلك فإن العمل علي تأمين الغذاء غرض تتفق عليه كل طبقات المجتمع وأحزابه ويمكن تحقيقه بالقدرات الذاتية في وقت قصير. يمكننا في نظري أن نركز فكر الناس جمعيا علي المشاركة في إنتاج مايكفينا من غذاء تحت شعار حنأكل نفسنا هذا شعار سهل الفهم تتدافق عليه كل طوائف المجتمع. العمل اللازم للوصول الي هذا الغرض النبيل هو عام واحد أو عدة قليلة. كذلك فالطريق اليه واضح ومعبر ويؤهل المضي فيه التنافس الحر والإبداع والابتكار خاصة بين العناصر الشابة. أهم من هذا كله فمثل هذا العمل يزيد من الشعور بالمواطنة والعمل المجدي لخدمة مصر ورفعتها بسواعد أبنائها رجالا ونساء. إنتاج مايكفينا من غذاء يعيد لمصر مكانتها المرموقة منذ فجر التاريخ. لقد أنتج شعب مصر مايحتاجه من غذاء ويفيض طوال تاريخها المجيد. لاشك في أن طبيعة الأراضي المصرية في كل صحرائنا شرقا وغربا وفي سيناء تؤهل إنتاج ما نحتاج من غذاء شاملا ذلك علي القمح. إذا لايجب أن تتقيد الجهود بالممارسات الحكومية العقيمة أ المهاترات العلمية. أهم ما نفعله هو تشجيع شعب مصر خاصة شبابها من الجنسين لإثراء إنتاج الغذاء النباتي أو الحيواني بكل الطرق التي تؤهل الوصول الي الاكتفاء الذاتي. إن في ذلك خيرا للوطن ويمكن أن يتم العمل في أي موقع لايستخدم حاليا في صحرائنا. وعلي أجهزة الدولة المتخصصة أن تدعم المسيرة بعرض مالديها من معلومات لدعم وتشجيع العمل الشبابي في هذا العمل الوطني المهم. لابد إذا أن نبدأ في العمل الذي يعتمد علي مخطط يتصف بالرؤية والتعلم من أخطاء الماضي وتمهيد الطريق للجيل الصاعد لإصلاح ما أفسده الوهن علي المدي الطويل. لمزيد من مقالات د.فاروق الباز