أطلقت وزارة الإعلام منذ أيام قناة النيل الدولية علي القمر جالكسي19 في خطوة نحو تكوين خطاب اعلامي مصري للغرب غير أن القناة لم تكن مستعدة بمحتواها وإمكانيتها للقيام بهذا الدور, فالخطوة جاءت متأخرة رغم مناداة الخبراء بها علي مدي سنين طويلة مما جعل مهمتها علي المحك من وجه نظر الخبراء الذي وصفوا إطلاقها بأنه عمل غير مدروس. يقول د سامي الشريف أستاذ الإعلام: إن بث قنوات مصرية تجاه الغرب عمل بلا جدوي فالمجتمعات الغربية يطلق عليها مجتمعات الوفرة الإعلامية حيث يعيش المواطن بين آلاف القنوات المحلية وعشرات الصحف ومئات الإذاعات ولا يوجد لديه اي دافع لمشاهده قنوات وافدة من الخارج, فأمريكا علي سبيل المثال يعتمد فيها المشاهد بنسبة كبيرة علي الباقات التي تأتي عبر كوابل تليفزيونية وليس علي محطات تأتي عبر أقمار صناعية, وأشار الي أن إسرائيل ليس لديها قنوات تبث عبر الأقمار الأوروبية والامريكية أو عبر الكوابل بالرغم من تأثيرها الكبير علي الرأي العام الغربي, فهي تقوم بذلك عبر اختراق تلك القنوات والصحف عبر شراء مساحات فيها لعرض وجهة نظرها, وأضاف أن تلك العملية التي بدأتها وزارة الإعلام تحتاج لأموال طائلة ووقت كبير وفي المقابل سيكون التأثير ضئيل للغاية وربما محدودا. وتقول د ليلي عبد المجيد عميد كلية الإعلام في جامعة الأهرام الكندية: إن مخاطبة الرأي العام العالمي أيا كانت وسائله يحتاج الي إستراتيجية ومجموعة من الخطط يتم إعدادها بعناية ودون تسرع وأهم عناصرها هو اختيار اللغة التي سيتم بها مخاطبة الآخر, وأن تكون محددة الهدف هل هي لجذب سياحة أم استثمار أم توجيه خطاب سياسي وقد فشلنا في الماضي في مخاطبة هذا الآخر وأهملنا ذلك بينما كنا في أمس الحاجة إليه عندما استطاعت فئة قليلة أن تشوه ما حدث في مصر أثناء ثورة 30 يونيو لأنها اتخذت الطريق الصحيح الي الرأي العام العالمي, وأشارت الي أن المحتوي الذي يقدم علي تلك القناة يجب أن يعد بعناية وأن يكون لها مراسلون في تلك البلاد وإمكانيات صناعة إعلام متطور كما نشاهد في القنوات الدولية وإلا فلا جدوي من إطلاقها خارجيا, وأشارت الي أن المتلقي إذا وجد شيئا فاشلا سيذهب عنه وسيرتد الفشل الينا مؤكدة أن خطوة الإطلاق كان يجب ان يسبقها إعادة صياغة وبث تجريبي واستطلاع رأي ثم حملة إعلانية كما حدث مع الجزيرة أمريكا ثم نطلق قناتنا بعد ذلك. ويقول د صفوت العالم أستاذ الإعلام وعضو لجنة الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون: إن قناة النيل تواجه مشكلة هندسية تعوق وصولها الي عدد من الدول الإفريقية وهو ما يحتاج الي علاج سريع, وقال ان المحتوي المحلي الذي تقدمه الآن لا يهم الآخر الذي تخاطبه مشيرا الي مشكلة التكرار الكبير للضيوف من القادرين علي التحدث مباشرة بالانجليزية والفرنسية وهو ما يضعف المحتوي, وإطلاق قناة لمخاطبة الأخر أيا كان اسمها تحتاج الي تنسيق مع هيئة الاستعلامات التي يمكنها ان توجه أداء تلك القناة التوجيه الصحيح عبر تحليل الخطاب الاعلامي في الدول التي نرغب مخاطبة الرأي العام فيها. ولا يجوز أن نخدع أنفسنا بأننا نخاطب العالم ونظلم تلك القناة التي تعاني من نقص حاد في الإمكانيات التي تؤهلها الي إنتاج محتوي جيد وعلينا ان نقارن ببساطة بينها وبين القنوات الدولية التي تنافسها لكي نعرف حجم الفارق الكبير.