الدكتور صابر عرب راح وجاء علي وزارة الثقافة خلال الأعوام الصعبة التي مرت بها مصر بعد ثورة يناير حيث تولي الوزارة3 مرات.. وكان ولايزال يواجه الصعاب. تحدثنا إليه عن الفساد المالي في الوزارة, وهو الموضوع الذي اثاره بشدة سلفه الدكتور علاء عبدالعزيز ودخل بسببه في صراع مرير ضد مثقفي مصر كلهم.. الدكتور صابر عرب قال ل الأهرام ليس في وزارة الثقافة ما يفسد من أجله فهي وزارة فقيرة تنفق85% من ميزانيتها أجورا للعاملين و15% فقط للإنتاج الثقافي وأكثر ما يواجهنا من صعاب هو صعوبة التمويل. ولكن الحديث مع الدكتور صابر لم يخل من الأمل والتفاؤل وهو يقول إن الوزارة تجتهد لاستكمال البنية التشريعية لإنشاء الأرشيف الوطني المستقل, كما تسعي لتدعيم قصور الثقافة في المحافظات بعد أن كانت قد غرقت في الإهمال وأظلمت. وعن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قال عرب إن تأجيله كان حتميا بسبب تردي الأوضاع الأمنية.. وإلي نص الحوار: وزارة الثقافة هي الجهة المنوط بها نشر الوعي لمواجهة الإرهاب في الوقت الراهن, فما هو الدور الذي تقوم به الوزارة في ذلك الشأن في المرحلة الحالية. الدور الثقافي مهم جدا بل هو أهمهم علي الاطلاق فالثقافة لم تعد كما كانت عليه من قبل بالمعني المتعارف عليه من قراءة وكتابة ومعرفة نظرية, لكنها أصبحت أسلوب حياة وتشمل الجانب العملي والنظري منها, بحيث يمكننا أن نحكم علي ثقافة أي بلد من النزول لأي شارع فيها, وتظهر تلك الثقافة من سلوكيات الناس بالشوارع أو المحال التجارية والمقاهي فالثقافة هي محصلة حراك الناس في الحياة اليومية. والثقافة المصرية دائما ما تخضع لمقارنة لما كانت عليه في نهاية الخمسينيات, والوقت الراهن, وكيف كان للدولة المصرية مشروع للثقافة وضع أساسه جمال عبدالناصر وتولاه كبار من أمثال الدكتور ثروت عكاشة. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك تليفزيون حتي بداية الستينيات فكان أغلب توجه المواطنين إلي المكتبات وقصور الثقافة والتي وجدت نفسها في حالة من التواصل المجتمعي المهم ولذلك تركت قصور الثقافة أثرا إيجابيا في حينها بالمجتمع رغم ان تلك القصور عملت في تلك الفترات دون توافر لإمكانات لها وندرتها ولكنها تجاوزت ذلك وعبرت من المحافظات إلي القري من خلال سيارات تجوب القري تعرض أعمالها ومن خلال أيضا مسارح تسمي بمسرح الجرن بالريف المصري إضافة إلي الدور الذي قدمته وقتها مراكز الشباب بما تحويه من مكتبات وما قدمته من أنشطة ثقافية بالقري. وهل هذا المشروع مناسب للفترة الحالية ويساعد في نشر الثقافة والوعي لدي المواطنين؟ المشهد الحالي مقارنة بالسابق الذي كان في حقبة الستينيات مختلف تماما, لأن الشباب حاليا أمامهم عالم ساحر من الإنترنت يتواصلون معه ليل نهار, والمجتمع أمامه قنوات فضائية تطلعه علي كل مجريات الأمور بالعالم كله في نفس لحظة وقوع الحدث كما يمكنهم كذلك الاطلاع علي كل الحراكات والحوارات الثقافية في العالم كله وليس مصر وحدها.. وهذا ما يفسر في أحيان كثيرة حجم الكتب التي توزع في مصروكذلك حجم الذين يترددون علي المكتبات العامة والاقاليم والذين لا يتناسبون مع عدد السكان والذين يزيد عددهم علي90 مليون مواطن, فتصور البعض أن كلمة الثقافة مرتبطة فقط بوزارة الثقافة وهي التي تضعها وهي المسئولة إذا حدث تطور أو تراجع بالثقافة دون أن تدرك أن الوزارة دورها هو تلقف المبدع الذي جاء من المدرسة أو الجامعة أو المراكز الشبابية والذي تواصل مع مجتمعه وقريته ومهمتنا الأساسية في تلك الحالة أن نعظم من دوره ونسانده في مجال إبداعه سواء في الفن التشكيلي أو المسرحي أو الأدبي. قدمتم مبادرة لنشر الثقافة عن طريق التواصل بين الوزارات مثل وزارة الثقافة والتعليم والإعلام وغيرها من الوزارات, فما هي ملامح تلك المبادرة وآليات تنفيذها؟ مؤسسات المجتمع المصري كانت تعمل بمثابة جزر منعزلة, فوزارة الثقافة تعمل في واد والتعليم في واد آخر, ثم طل علينا الخطاب الزاعق من مساجد مصر وهو خطاب في مجمله يحتاج لوعي مجتمعي بالوظيفة الأساسية للخطاب الديني, بالإضافة إلي دور المراكز الشبابية المنتشرة في انحاء الجمهورية وكذلك دور الإعلام بحيث إن هذه المجالات كلها هي العناصر التي تشكل وعي الناس. فليس هناك مجال للقول بأن وزارة الثقافة هي الأكثر تأثيرا من الإعلام رغم أن الأخير هو المؤثر الأكبر في وعي وثقافة المواطنين خصوصا في مجتمع تنتشر فيه نسبة كبيرة من الأمية, ولذلك دعوت منذ تولي وزارة الثقافة بالوزارة السابقة إلي ضرورة وجود رؤية ثقافة للدولة المصرية الوطنية الحديثة والمستهدف أن نتجه إليها ولذلك وجدنا تعاونا في الوزارة الحالية من الوزارات المعنية ابتداء من التعليم العالي والتعليم والإعلام والشباب والرياضة والأوقاف. وصدر قرار من رئيس الوزراء بتشكيل لجنة واجتمعنا ووضعنا الخطوط العريضة ووجدنا مجالات هائلة مشتركة للتعاون. ما هي تلك المجالات التي سيتم التعاون فيها؟ هناك مثلا سبع عشرة مؤسسة منتشرة بالمحافظات المختلفة تضم المسارح والمكتبات والقاعات الفنية والأنشطة المختلفة وهذا يشكل اثراء للعمل الثقافي لان بعض المحافظات لا يوجد لوزارة الثقافة منافذ للعمل من خلالها إلا أنه حاليا يمكننا تقديم الأنشطة من خلال المنافذ الخاصة بوزارة الشباب بالتنسيق معها. كما وجدنا أيضا في وزارة التعليم استجابة لاراء اللجنة الثقافية الموجودة بوزارة التعليم وخصوصا بما يتعلق بثقافة الهوية المصرية والتي كانت معرضة لمخاطر كبيرة والمناهج كانت متجهة إلي الخلو من ثقافة الهوية والتي اعتبرها تراكما ثقافيا وحضاريا في كل المجالات الاجتماعية والفنية والدينية من سبعة آلاف سنة إلا ان ذلك لا يقلل من الهوية الإسلامية التي تمتد إلي4001 سنة, ولكن تلك الهوية تكتمل في أبهي صورها حينما تكون جزءا منسجما مع التاريخ الممتد علي مدار آلاف السنين فلابد أن يكون للتعليم دورة للثقافة أيضا دورها من مسرح وسينما. متي يتم البدء في تنفيذ تلك المنظومة الثقافية؟ بدأ بالفعل تشكيل اللجان الفرعية والتي تختص بوضع الآراء للعمل في هذا المشروع وسنجتمع كوزراء بعدها لاقرار هذه الآراء والمشروع نفسه بحيث يشكل رؤية متكاملة لكل الوزارات التي تعمل عليه والمعنية بالأساس بالثقافة بالمجتمع وتعظم من دورها, لكي يصبح ذلك المشروع بمثابة مشروع الثقافة للدولة المصرية. ما هو دور الوزارة علي المدي القصير وقبل تنفيذ ذلك المشرع؟ علي المدي القصير وفي الوقت الراهن نحن نعمل في مجالات متعددة ولو أخذنا قطاع النشر كمجال فنحن معنيون بكل القطاعات وفي هذا المجال للاهتمام بثقافة الهوية, ولا نقصد بها المعني التاريخي لها بل نقصد المعني السياسي الاجتماعي والإنساني والقاري بحيث نهتم بنشر الكتب التي شكلت وعي المصريين واكسبتهم هذه المقدرة العالية من التسامح والوعي. يحتاج الصعيد المصري لاهتمام كبير من وزارة الثقافة لنشر الوعي حتي لا تؤثر فيه جماعات إرهابية كما يحدث حاليا؟ نحن متجهون بالفعل للتواجد بداية من الأسبوع القادم في أسيوط, حيث انتهينا بالفعل من اعداد قصر الثقافة هناك لكي تمارس عليه كل الأنشطة وسنبدأ في افتتاحه الأسبوع القادم ومن خلال القصر ستقدم برامج فنية وموسيقية وغنائية ومحاضرات في الثقافة العامة الاجتماعية والدينية وبرامج أخري, ومن أسيوط سننطلق إلي الأقصر, فلدينا رؤية للتواجد في كل المحافظات حتي التي لا تتواجد بها قصور ثقافة جاهزة للعرض من خلالها فسنقدم العروض واللقاءات بالميادين والمحافظات المختلفة وستنتقل من المحافظات إلي المراكز. والصعيد المصري يأخذ اهتماما كبيرا منا الآن. فنحن نسعي لإعادة عمل نوادي السينما المعطلة لكل المحافظات لعرض السينما القديمة أو الحالية. وما نريد توضيحه أننا نعمل علي نشر الوعي والثقافة في كل المناطق ولكن يجب ألا نتصور أن الحلول ستأتي من مجرد اتخاذ إجراء معين ولكن هذا الأمر بمثابة تراكم المياه في البحار والمحيطات فالحضارة والوعي والتقدم يأتي بالتراكم فنحن نحتاج لسنوات عدة لنحققه. ما هو تقييمك لقصور الثقافة الآن وهل يمكنها اداء دورها تجاه المجتمع في الوقت الراهن؟ كثير من قصور الثقافة كانت مغلقة ومظلمة وتحتاج لترميم أما الآن انتهينا من قصور ثقافة وسيتم افتتاحها بالفعل وأخري ستفتتح بالشهور المقبلة وبعض القصور جار رفع كفاءتها الفنية كما كانت لكي تقدم من خلالها البرامج والأنشطة فهناك رؤية لعودة وزارة الثقافة لدورها المنوط بها سواء في النشر أو دور قصور الثقافة في مجال الترجمة أو تواجدنا في كل العالم. بذكر تواجد وزارة الثقافة في العالم الخارجي فما الدور الذي لعبته الوزارة حيال الهجمة الخارجية ضد مصر الآن؟ خطابنا لم يكن بصورة مباشرة, ولكننا نتواجد في كل المحافل العالمية, والمؤتمرات وكل الفاعليات سواء كان ذلك في مجال الشعر أو الأدب أو الموسيقي أو الفنون بشكل عام في كل المناطق بالعالم, لأننا دولة معنية بالثقافة ولدينا رصيد هائل من الثقافة والفن ونعمل بذلك علي المستوي الخارجي, ونسعي الآن لاستضافة بعض الشخصيات العالمية المؤثرة في الرأي العام الدولي لكي نزيل الصورة السلبية التي صورها البعض. تخصصك الأول هو الوثائق والتاريخ وطوال السنوات الماضية أنقذت وثائق ملفات كثيرة وتم ترميم مئات الألوف من الوثائق وانت مسئول عن دار الكتب ومنها ملفات قناة السويس بصراحة هل الوثائق المصرية في أمان بعد تعرضها للعدوان والعبث علي يد قيادات الإخوان السابقة؟ وما الدليل علي أنها في أمان؟ الوثائق عملنا منذ سنوات وقد عملت علي تطوير تلك المؤسسة والتي تسمي بالارشيف الوطني وعملنا علي تحقيق التنمية الأساسية للتطوير وعمل قواعد بيانات لها والارشفة هناك فهي جديدة مخصص لها وسيفتح في نهاية هذا العام. لكن حتي تكتمل الصورة وليكون أرشيفا بالمقاييس الدولية نحن في انتظار قانون والذي يتحتم صدوره الخاص بالوثائق ولذلك نحن بصدد التوجه للحكومة لكي يصدر قانون بقرار من رئيس الجمهورية بتحويل المؤسسة لكي يكون أرشيفا وطنيا مستقلا بعيدا عن دار الكتب, ففي كل دول العالم المتقدمة والتي نهتم بثقافتها وتاريخها لديها أرشيف وطني مستقل ابتداء من الارشيف الأمريكي أو البريطاني أو الفرنسي أو الأسباني والهندي والصيني. فالارشيف هو أهم مؤسسة علي الاطلاق بأي دولة متقدمة لأنه يعني الذاكرة الثقافية والاجتماعية والسياسية للأوطان فلابد للارشيف لكي يستكمل هيكله الفني والإداري والسياسي والاجتماعي لابد أن يكون مؤسسة مستقلة. فلقد انتهينا من الجزء الكبير في البنية والتطوير, ولكن يلزمنا استكماله بالبنية التشريعية المنظمة للعمل. فالقانون سينظم عملية حفظ الوثائق والأوراق في المؤسسات بالدولة, بحيث يكون للأرشيف سلطة اجتماعية وإدارية علي تلك المؤسسات من خلال العلاقة التي سينظمها القانون الخاص بالوثائق, والذي سينظم أيضا قواعد حفظ الوثائق والأوراق, وسيحدد كيفية التخلص من الأوراق الأخري بشكل قانوني, بحيث لا تتم بطرق عشوائية, كما يحدث حاليا, كما أن القانون سيحدد مدة حفظ الأوراق سواء كان الحفظ أبديا, وسيكون مرجعا وثائقيا, أو أن يكون الحفظ لفترة محددة ثم يتم التخلص منها, فالقانون هو المنوط بتنظيم كل تلك الأمور الخاصة بالوثائق وتحديد مدي أهمية كل وثيقة ومدة الاحتفاظ بها. هل عدم وجود مثل ذلك القانون أدي إلي فقدان وتسرب الوثائق؟ الوثائق المدونة في دار الكتب المصرية معرفة ومحفوظة وموثقة ولها قواعد بيانات. هل يوجد جرد كامل للوثائق حتي يمكننا القول إنه لا توجد وثائق مفقودة؟ نعم توجد قاعدة بيانات عنها جميعا, ولكن الوثائق التي لا نعرف شيئا عنها الموجودة بالوزارة والمصالح والهيئات المختلفة بدون مسميات, وهذه الحالات والوثائق لا نتمكن من التعامل معها إلا في ظل قانون, أما في غيبته فمن الممكن أن تتعرض للإهمال الشديد. وماذا عن الأحاديث التي ترددت عن فقدان وثائق مهمة بدار الكتب المصرية؟ لا يوجد أي شيء فقد بدار الكتب, ولم يتمكن أحد من تسريب أيا من الوثائق الموجودة بالدار, والوثائق المودعة بدار الوثائق المصرية في أمان تام, ولم يمسها أحد, ولكن ما نخشي عليه الوثائق الموجودة بالهيئات والمؤسسات والمصالح المختلفة بالدولة. ألا تسعي للحصول علي تلك الوثائق من تلك الجهات لحفظها بدار الوثائق؟ نحاول بالفعل عمل ذلك, ولكن هناك من المسئولين من يقبل ذلك ويتعاونون معنا, وآخرون لا يتعاونون, والأمر يحتاج لقانون لكي يضبط تلك المسألة, ويحددها, ويقننها, بحيث نضمن حفظ كل الوثائق المصرية في مكان واحد. هل من الممكن أن تكون هناك بعض المؤسسات قد سربت عددا من وثائقها خلال الفترة الماضية؟ لا نحب أن نفترض سوء النية في أحد. هذا ليس سوء نية, ولكن خوف علي الوثائق المصرية في كل جهة؟ بحجم تجاربنا في ذلك المجال, ووجود أوراق كثيرة في أي جهة أو مؤسسة يتم التخلص منها أحيانا بالبيع لتجار الورق المهمل والمتخصصين في شراء تلك الأوراق, الذين يقومون بفرزها, وبمحض المصادفة يتم اكتشاف أوراق ووثائق مهمة جدا, وفي أحيان كثيرة تباع ونري بعضها في الدول الأجنبية أو العربية, وهذه هي طريقة لتسرب الوثائق. من رؤيتك.. كيف يتم النهوض بالواقع المصري؟ من حسن حظنا أننا دولة ضخمة في حجمها ومؤسساتها وتاريخ تلك المؤسسات المصرية عريق وبدايته الحقيقية منذ عهد محمد علي الذي وضع اللبنة الأساسية لمؤسسات الدولة, والتي خضعت لقواعد تشريعية وقانونية, والتي كانت أحيانا صارمة, وفي أحيان أخري كانت قابلة للتعديل, لكن في المجمل استمرت تلك المؤسسات, وخصوصا المؤسسات الكبري كالقوات المسلحة والداخلية. فالثورات التي حدثت في مصر, لو حدثت في أي دولة هشة بدول العالم, لكانت انهارت تماما, ولكن لأننا دولة عميقة جدا في مؤسساتها, والتي كانت تحكم مفاصل الدولة حافظت عليها من الانهيار, رغم أنه حدث تشويش وتشويه في بعض الرتوش بالشكل العام, ولكن في المضمون, كانت المؤسسات راسخة حتي في ظل محاولات الاختراق لهذه المؤسسات في شكل أشخاص, وكان يدفع بهم لشغل مناصب بما يسمي سياسة الأخونة, ولكن رغم ذلك ظلت المؤسسات عصية علي الانقياد, لأن القطاع العريض من المواطنين كانوا ضد هذه المسألة, ومن حسن حظنا أن عاما من الحكم لم يمكنهم من تغيير آليات ونظم وتشريعات وثقافة المجتمع, ولذا بقيت المؤسسات هي الحاضنة والحامية للدولة المصرية. سبق وصرحت بأن الشأن السياسي يحتاج لتوافق وطني.. فما تصورك لهذا الحوار؟ في كل أمورنا يجب أن ندرك الحدث في العالم, و يجب ألا نخرج عن سباق الدنيا ونقول إن لنا سياقات مختلفة عن العالم, كل البلاد مرت بتجارب مثل تجربتنا الثقيلة, لذا هناك إجراء أمني يتم تجاه كل من حرض أو اعتدي أو تجاوز, فهناك قانون لابد أن يطبق تجاههم, فلو تخلينا عن فكرة القانون, ستضيع الدولة, فمن أخطأ لابد أن يحاسب وفقا للقانون, ومن خلال محاكمات عادلة, ثم نفتح الباب للحوار لكل من لم تتلوث يداه بدماء المصريين لكي يراجع نفسه. ما أهم الأمور التي يجب أن تهتم بها الحكومة الحالية؟ ما تحتاجه وبسرعة شديدة هو تحقيق الأمن الاجتماعي, والذي يتمثل في توفير العيشة الكريمة للمواطن المصري, وخصوصا الفقراء منهم, من إيجاد مسكن مناسب, وفرص لتعليم أبنائهم, والرعاية الصحية لهم ولأسرهم, وإيجاد مواصلات آدمية, كما لابد من التأكيد علي تطبيق فكرة الحد الأدني للأجور, وكل تلك الأمور هي حزمة مهمة, والتي تحتاج إلي مجموعة من الإجراءات يجب أن تتخذها الإدارة المصرية الجديدة, والتي أعتقد أنها تعمل في هذا الاتجاه. ما المدة التي نحتاجها لتصل ملامح هذا الأمن الاجتماعي للمواطن المصري؟ الحلول واضحة جدا, لكن المدة التي تستلزم لتحقيقها, هذا لا يمكن تحديده نظرا للظروف الصعبة التي مرت بها البلاد أخيرا, والتي عاني المصريون منها جميعا من أزمات مختلفة سواء من البنزين أو الكهرباء أو المواصلات, والتي اكتشف المصريون مؤخرا أن تلك الأزمات لم تكن طبيعية, وذلك يتضح من تصريحات وزير البترول الأسبق في عهد الإخوان بأن حجم الطاقة والسولار المهرب إلي غزة يقدر ب20 % من المتداول يوميا, فمن الواضح أن ثمة المشكلة كانت في إدارة الطاقة في مصر في هذه الفترة, ويقاس علي ذلك كل الأمور. ولذا أناشد أصحاب المؤسسات الاقتصادية بأن يراعوا الله في هامش الربح علي المنتجات, لأن التجار لا يراعون وضع هامش الربح حاليا, فهذا البلد لو حدث به ضرر, هم أول من سيدفعون الثمن, فيجب أن يشاركوا بالضريبة الاجتماعية لرأس المال في المرحلة الحرجة التي نعيشها, ويسهمون في تخفيف العبء عن المواطن البسيط مراعاة للبعد الاجتماعي من نابع القانون الوطني. مسرح العرائس الذي تربت عليه أجيال.. متي يعود ليمارس دوره بالمجتمع؟ مسرح العرائس إلي الآن يؤدي وظيفته لفترة قريبة, ويعملون في الظروف الصعبة بالمنطقة المحيطة به, فميدان العتبة الذي كان منطقة ملحقة بالقاهرة الخديوية, والآن أصبح شيئا بدون معالم, ولا يتمكن أحد بالسير بقدميه وسط زحام الباعة الجائلين, وسطوة وتشويه الكباري من فوقه, والجراجات التي تحيط به, بحيث يضيع المشهد الجمالي بمنطقة الأوبرا القديمة, فهذه منطقة تحتاج إلي إعادة صياغة لحركة المرور, وتفكير طويل الأمد لوضع الكباري بالمنطقة, بحيث ترفع مرة أخري. فمسرح الأوبرا جزء من منظومة المسارح, ونحاول تدبير أموال لإعادة افتتاحها, فلدينا منشآت أقيمت في بداية ثلاثينات مصر, وكانت معطلة مثل مسارح طنطا والمنصورة والإسكندرية, ففي الفترة المقبلة, وبناء علي دراسة قدمناها لوزارة التعاون الدولي والتخطيط, لنجد تمويلا لإعادة تشغيلها مرة أخري, وفي أولي الاهتمامات بإعادة المسارح هو المسرح القومي, والذي يستلزم تطويره تنسيقا حضاريا للمنطقة كلها, وهذا ما نسعي لتنفيذه في المرحلة المقبلة. ما أهم المشكلات التي تواجه وزارة الثقافة في الوقت الراهن؟ المشكلات التي تواجهنا هي مشكلات التمويل, ونحن نعلم أن أزمة التمويل ستحل بخروج مصر من محنتها الحالية, ويساعد علي ذلك عودة السياحة والآثار والثقافة, لأننا نعلم بوجود ندرة في الموارد بالوقت الراهن. ما هي آخر أخبار مهرجان السينما؟ اللجنة التي شكلت برئاسة سمير فريد الذي يتولي الدورة القادمة رأي بالأعضاء مجتمعين أن الفترة المتبقية في ظل الظروف التي تمر بها البلاد, وما يتطلبه ذلك المهرجان السينمائي من توافر للأمن, وخصوصا أن عالم السينما مجتمع حساس له أصداء عالمية, رغم أننا نعلم أنه كان شيء مهم إقامة المهرجان, لكن تأجيله في الوقت الراهن كان أمرا حتميا حتي نتمكن من إعداد مهرجان نحتفي به جميعا في ظل استقرار المجتمع وعودة الأمن, بحيث يأتي السينمائين في جو آمن ومستقر. الأزهر وجه مصر العظيم الحامي للواجهة الإسلامية.. ألا تري أنه يجب أن يكون هناك تواصل بين الأزهر ووزارة الثقافة وخصوصا في تلك الفترة الحرجة؟ نحن في حالة تواصل فعلية مع مؤسسة الأزهر, كما أنني عضو في بيت العيلة, ومطلع علي التفاصيل الكبيرة والصغيرة بالأزهر, وعلي المشكلات التي واجهها خلال العام الماضي, وما سبقه, ومنذ أن قامت الثورة وانقسمت مجموعات معينة علي الأزهر, وتصوروا أنها فرصة للانقضاض وللإجهاز علي الأزهر, وكان من حسن حظنا أن علي رأس قيادة الأزهر شيخ جليل هو أحمد الطيب, وتعامل مع كل تلك التجاوزات بقدر هائل من الحكمة والوعي, فالأزهر يأتي في مقدمة المؤسسات الداعمة للواجهة المصرية, والذي تخرج منه رؤساء دول, وشخصيات عظمي بالعالم الإسلامي, فالأزهر هو جسر الوسطية الذي أعاد نشر الإسلام في إفريقيا وآسيا من خلال الدارسين الذين أتوا من كل بلاد الدنيا وعادوا إلي بلادهم وساعدوا في استقرار الإسلام بها بسبب ما تلقوه من علوم الدين بالأزهر الشريف, فالأزهر كان يتعرض لهجمات, ورغم ذلك كان يحرص علي التواصل بين الأحزاب والمجتمع, ويلعب دورا مؤثرا, وأعتقد أن الأزهر سيشهد حالة من الهدوء واستعادة الروح مثل ما سيحدث بمصر كلها. ماذا تقول فيما تردد قبل30 يونيو عن تفشي الفساد في وزارة الثقافة؟ هل وزارة الثقافة بها ما يفسد الناس من أجله, وزارة الثقافة تستنفد85 % من موازنتها للأجور15 % إنتاج ثقافي, لكن ما قيل عن فساد هي طريقة قديمة لنشر الأكاذيب والتهم الباطلة, ومن يريد التشويه لشيء لا يستعصي عليه ذلك.