في ذلك الزمن البعيد, كانت صلاة الجمعة تحمل لصاحب تلك السطور مزيدا متضاربا من المشاعر, بيد أن نفحاتها الروحانية الجياشة, دائما ما إصطدمت بحالة رعب من فرط الأدعية القاسية التي كان يصرخ بها إمام المسجد, ويرددها وراءه المصلون. متوجها بها لرب العزة متوسلا إياه أن ينزل غضبه علي أولئك المتربصين بأمة محمد, وهذا لا بأس منه, لكنه سرعان ما ينحو منحي طائفيا, حينما يرفع يده نحو السماء مستغيثا بالمولي عز وجل كاشفا عن كراهيته الشديدة لغير المسلمين, زاعقا اللهم شتت شملهم ورمل نساءهم ويتم أطفالهم. وهكذا دخل قطاع من أهالينا ومواطنينا, دائرة اللعنات, وليتساووا مع الأعداء وحلفائهم من الطواغيت الكفرة, والحق كان البدن يقشعر وهو يسمعها, فكيف لرب الرحمة أن يلبي هذا الدعاء المقيت الذي لا يقره أي دين أو ملة سماوية كانت أم أرضية. لكن ما كان يصيب بالحيرة أن الادعية تلك, سرعان ما تأتي بالعكس علي الاشرار المدعو عليهم, وذلك بمزيد من الرفاه والفلاح والتقدم في حين وجدنا اصحاب الحناجر الصاخبة يغرقون هم وقومهم في أتون من الجهل والتخلف. ويمر الزمن وتدور الدوائر لنجد العجب العجاب, فها هم سدنة الاسلام الغيورين علي دينهم والذين لا يرضون بديلا عن الهوية الإسلامية العربية, يستغيثون بالغرب الصليبي لعلهم يأتون وينقذونهم من الانقلابيين الفاشيين. يالطيف اللطف القطبيون الذين سبق وكفروا حسن البنا يتحالفون مع جماعته ويعقدون الأواصر ويؤكدون لاتباعهم أن العم سام وريث الكاوبوي الهمام, معهم ويساند نضالهم لاستعادة الشرعية ومعها الرئيس المعزول مرسي فاصبروا وواصلوا فالبوارج الامريكية قادمة لا محالة للكنانة يحرورنها مثلما حرورا أفغانستان من براثن السوفيت الشيوعيين قبل أن يسلومها لطالبان. وهنا تتضح المأساة الحقيقية, فالفرنجة حماة الديمقراطية يساندون هؤلاء المتأسلمين الذين وصفوا من قاموا ملبيين إرادة شعوبهم بالدمويين والارهابيين, في الوقت الذي غضوا فيه البصر عن حرق الكنائس. إذن ابشروا يا من لم ترضوا بالاسلام دينا, لقد صرتم أنتم الأعداء الحقيقيون, ولتستعدوا لبطش وإبادة برعاية أوروبية امريكية. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد