لا أستطيع أن أنكر افتناني بأدب أمريكا اللاتينية, وكيف للمرء أن ينسي إبداعات الكولومبي جبرائيل جارسيا ماركيز وعشقه اللانهائي باللغة القشتالية. مع النزول التدريجي علي امتداد الانديز سيزداد الولع بالواقعية السحرية تنطلق مرورا بالبيرو وإنتهاء بتشيلي وسحر ابنته البارة إيزابيل الليندي وروائعها الغزيرة ورغم إدراكي أن المسرود لا يعبر بالضرورة عن سارده بل وكاتبه أيضا وفقا لما ذهب اليه الروسي ميخائيل بختين(1895 1975) غير أنني المح في ثنايا أعمالها الغزيرة نظرة إيزابيلية كارهة للتركي فهو ليس سوي شارب مصموغ إلي أعلي سكير يستبيح النساء يبلغ حقدها للترك مداه خصوصا في حقبتهم العثمانية. وها هي الليندي في رواياتها أنيس.. حبيبة روحي تحكي علي لسان بطلتها أنيس سواريث كيف كان مجرد ذكر اسم سليمان القانوني(1494 1566) كفيلا بإثارة مضاجع الملوك والأمراء والنبلاء في القارة الأوروبية العجوز بيد أن توغله حتي وسط أوروبا, بدا وكأنه الإنذار الأخير لمحو ديار المسيحية من الوجود, عزز حالة الرعب هذه سيل من الاشاعات عن قسوة المسلمين وبشاعتهم. والحق أن ما تضمنته الرواية كان يسير علي نهج رجال الدين الأوروبيين في تلك الفترة حينما أعتبروا الاتراك قساة غلاظ القلوب وأنهم غضبة رب غضوب. ولكن عندما يفعل الاسبان ما هو أكثر رعبا وفزعا يكون هذا هو عين الحقيقة لأنهم ببساطة فوق بقية البشر الفانين فهم المنوط بهم تنصيرالمتوحشين أو قتلهم أو الأثنين معا. ويالطيف اللطف, فبعد المائة صفحة من الرواية السالف الاشارة إليها تصف لنا الليندي الطريق لفتح تشيللي نفسها قبل أقل من ستة قرون, في مشاهد مروعة تقشعر لها الابدان, أبسطها الشواء علي نار هادئة لساعات تبدو كالدهر دون أن يذرف الجلاد الابيض دمعة واحدة. أنها عوالم فن الابادة وإقتلاع أجناس من جذورها لا فرق بين صرخة رضيع وأنين امرأة, الكل سواسية في لغة القتل المغرقة في السادية, المذهل أن تلك الشراسة لا يمكن اعتبارها خطايا بل هي واجبات الفتوح من المسيحي فهل فعل القانوني ذلك.. مجرد سؤال!! لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد