من أسباب معاناة الناس الفجوة بين ضخامة الجهاز الحكومي وأدائه الفعلي فإعادة تأهيله ضرورة أهم من الجدل في أيديولوجيات لاتمطر ذهبا ولا فضة, ولا أمل في سرعة التأهيل إلا بالاستخدام الكفء للتكنولوجيا في جميع نواحي الحياة بلا استثناء, والحل ليس في تجارب الآخرين بل في التجربة المصرية فبعد مرور أكثر من12 عاما علي التعامل بالرقم القومي المهم شخصيا وأمنيا لكل منا, مازال طلب أو تجديد البطاقة يشوبه تخلف يتبين من ملء نموذج من أربع صفحات من البيانات بدون تطوير ولا توفير وكل صفحة تحتاج إلي أدلة ثبوت تسبب التكدس والزحام والتنقل في ظروف مستحيلة, فما الحاجة لعبء هذه الصفحات وكل بيان بها قد جمع سلفا بوسائل عدة أي أنه متوافر الكترونيا ومحدثا لدي المصدر الأساسي كأجهزة مكاتب الصحة للمواليد والوفيات ومكاتب التوثيق بالنسبة لعقود الزواج وعدد الزوجات والجامعات للمؤهل العلمي الخ؟! فلا داعي لتقديم وتدقيق هذه البيانات مرات أخري عند طلب أو تجديد البطاقة مادام من الممكن الاعتماد علي المصدر الأساسي, لكي نتجنب التزوير الورقي المتقن, والحل في مشروع قومي لتأهيل وتوصيل قواعد بيانات هذه الجزر المنعزلة الكترونيا, أما من الناحية الشكلية, فما زالت البطاقة عاجزة عن استيعاب السمات الحديثة! ناهيك عن تشوه الصورة الشمسية بسبب رداءة أجهزة التصوير وعدم المهنية فلا يستطيع صاحب الصورة ذاته التعرف علي صورته فكيف سيتعرف عليها الآخر؟ أما عدم توفير آلية المطابقة الكترونيا والاعتماد علي الفحص اليدوي للأوراق بلجان مركزية بعيدة عن السجل المدني فهو ثغرة للتلاعب. شيء آخر له علاقة باستخدام البطاقة في النواحي المالية, لماذا يمتنع البنك عن تجديد أو إصدار كارت صرف آلي تعللا بانتهاء تاريخ صلاحية بطاقة الرقم القومي برغم أن حساب الشخص أنشئ أصلا بنناء علي تلك البطاقة وقتما كانت صالحة؟ فهل انتهاء صلاحية بطاقة الرقم القومي يعني انتهاء صلاحية مواطن أو سقوط حقه في خدمة صرف آلي الميسرة لصرف ضمان اجتماعي أو معاش أو مرتب من أي مكان؟.. إن الفجوة الرقمية بين صعوبة توفير آلية الكترونية للاستعلام عن إثبات المواطنة أو سقوطها أمام البنك أو غيره وبين سهولة تحديد مكان شخص أو سيارة حديثة علي الكرة الأرضية بالمحمول إنما هي فجوة رقمية كبيرة. د.هواف عبد الحكيم كلية الحاسبات جامعة حلوان