برنامج «نورة» يضم لأول مرة فتيات من ذوي الهمم    الفقه والنحو.. انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج    براتب 13 ألف ريال.. وزارة العمل تعلن عن وظائف في السعودية    وكيل وزارة التربية والتعليم فى أسيوط يتابع سير العملية التعليمية بإدارة أبوتيج    بروتوكول تعاون بين جامعتي الأزهر وعين شمس لدعم أهداف التنمية المستدامة    وزارة التضامن تقرر إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    وزير الإسكان يُتابع مشروعات صيانة الصرف الصحي بعدد من المدن    محافظ المنيا: رصد أية تداعيات محتملة للزلزال ورفع درجة الاستعداد بكافة الأجهزة التنفيذية    رئيس هيئة قناة السويس يدعو وفد «ميرسك» لتعديل جداول إبحارها والعودة التدريجية للعبور    المشاط تستعرض مع صندوق النقد الدولي مؤشرات الاقتصاد الكلي وتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية    محافظ الدقهلية يضبط صاحب مخبز يبيع الخبز بالسوق السوداء: القرش اللى خدته هتدفعه عشرة    الدفاعات الروسية تدمر 12 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    الأمم المتحدة ترحب برفع العقوبات على سوريا    «ماسك» يشكر السعودية لدعم ستارلينك في الطيران    الصين تعتزم تعديل الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية المستوردة    «وقع العقود».. شوبير يعلن رحيل نجم الأهلي للدوري السعودي    موعد مباراة الأهلي والبنك| والقنوات الناقلة    مدرب سلة الزمالك: سعداء بالفوز على الأهلي وسنقاتل للتأهل لنهائي دوري السوبر    «مجهود النحاس».. شوبير يكشف موعد تولي ريفيرو قيادة الأهلي    كرة اليد.. انطلاق بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس اليوم في الأهلي    «الداخلية» تستجيب لشكوى أهالي شارع ستاد العريش بشأن حوادث المرور    جداول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني في 19 محافظة    وفاة شرطي متقاعد في حريق منزل بسبب ماس كهربائي بطامية في الفيوم    ضبط لحوم غير صالحة للاستهلاك وتحرير 273 محضرا في حملات تموينية بأسيوط    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    الأرصاد تكشف حقيقة العاصفة شيماء وموعد ارتفاع درجات الحرارة    تحرير 11 محضرا لمخالفات تموينية بكفر الشيخ    السجن المشدد 15 عامًا للمتهمين بقتل مواطن بعد خطفه في الشرقية    وزير الثقافة: يجب الحفاظ على الهوية المصرية وصونها للأجيال القادمة    فتح باب استقبال الأفلام ل الدورة الثالثة لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من مايو 2025.. أفكار جديدة ومكافأة مالية    ماذا يقال من دعاء عند حدوث الزلازل؟    عبد الغفار يشهد توقيع بروتوكول لتحسين جودة الرعاية الصحية في مصر    «الصحة العالمية» توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية    لليوم الثالث على التوالي.. محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي في جديلة    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية تطلق خدمة «واتساب» لتيسير التواصل مع الشركات والمصانع    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    وزير العمل يستعرض جهود توفير بيئة عمل لائقة لصالح «طرفي الإنتاج»    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    سعد زغلول وفارسة الصحافة المصرية!    حقيقة القبض على رمضان صبحي لاعب بيراميدز خلال تأدية امتحان نهاية العام الدراسي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    ياسر ريان: حزين على الزمالك ويجب إلتفاف أبناء النادي حول الرمادي    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فتحي عبد الوهاب: عادل إمام أكثر فنان ملتزم تعاملت معه.. ونجاحي جاء في أوانه    فتحي عبد الوهاب: عبلة كامل وحشتنا جدًا.. ولا أندم على أي عمل قدمته    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    «السرطان جهز وصيته» و«الأسد لعب دور القائد».. أبراج ماتت رعبًا من الزلزال وأخرى لا تبالي    بقوة 4.5 ريختر.. هزة أرضية تضرب محافظة القليوبية دون خسائر في الأرواح    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة الانقلابات الأمريكية
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 08 - 2013

في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة ومن خلفها الغرب مهووسة علي نحو مرضي بإلصاق تهمة الانقلاب العسكري علي الثورة الشعبية التي قام بها المصريين في30 يونيو,
تخرج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية منذ أيام قليلة لتعترف رسميا وللمرة الأولي وبالوثائق, بالحقيقة التي يعرفها الجميع يقينا, أن الانقلاب العسكري, الذي أطاح بمحمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني وحكومته, منذ ستين عاما, كان عملية امريكية من البداية الي النهاية, وكأنها تود أن تقول وفي هذا التوقيت, أن الانقلابات ليست بالضرورة شرا مطلق, لكنها فقط تكون طيبة ومشروعة, عندما تنفذها الولايات المتحدة, لتقلب تاريخ ومسار الدول رأسا علي عقب, تلعن أي تدخل عسكري أو شبه عسكري حتي لو جاء لحفظ دماء الشعب, في حين أنها تبارك وفق منطق المعايير المزدوجة العديد من الانقلابات التي اشرفت عليها في جميع انحاء العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
قبل ستين عاما تعرضت ايران لما قلب تاريخها السياسي الحديث رأسا علي عقب, كان هذا عندما تمت الاطاحة بحكومة رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا, محمد مصدق, عقب انقلاب عسكري حقيقي, ظلت اصداؤه تتصاعد علي مر السنين وتلقي بظلالها علي مسار الشعب الإيراني, الذي عرف منذ اللحظة الأولي تدخل الولايات المتحدة في الاطاحة برئيس حكومته المحبوب. رغم هذا اليقين لدي الجميع, لم يخرج من المجتمع الإستخباراتي الأمريكي, ما يؤكد ولو لمرة واحدة انه كان ضالعا في هذا الانقلاب, لقد استغرق الأمر ستون عاما حتي تعترف وكالة الاستخبارات المركزية بدورها, وذلك عندما نشرت للمرة الأولي منذ أيام قليلة علي موقع أرشيف الأمن القومي الإلكتروني, الوثائق التي تفيد دعمها لهذا الانقلاب, وذلك وفق قانون حرية المعلومات, والوثائق عبارة عن مقتطفات موجزة من تقرير أسمته معركة ايران, وهو تقرير داخلي كان قد اعد في منتصف السبعينيات.
كان قد تم الافراج عن الوثيقة للمرة الاولي في عام1981, لكن ظلت أجزاء كبيرة منها سرية, وخاصة الجزء الثالث منها, وهو تحت عنوان العمل السري, وهو الجزء الذي يصف الانقلاب نفسه, وما زال الكثير من التفاصيل التي وردت في هذا الجزء سرية حتي الآن, علي الرغم من اعتراف الوكالة رسميا وبشكل علني بدورها في الانقلاب, وقد جاء في الأجزاء التي أفرج عنها من معلومات ما يلي: الانقلاب العسكري الذي اطاح بمصدق وحكومته التي كانت تحمل اسم الجبهة الوطنية, نفذ بتوجيه من السي اي ايه, باعتباره عمل من أعمال السياسة الخارجية الأمريكية, حتي لا تترك إيران عرضة للعدوان السوفيتي ويضيف التقرير مما اجبر الولايات المتحدة علي التخطيط وتنفيذ العمليةTPAJAX, في عام1953, وهو الاسم السري لمؤامرة وكالة الاستخبارات المركزية للاطاحة بمصدق وحكومته, وقد تضمنت تلك العملية عدة خطوات كان من بينها, استخدام الدعاية السلبية لتقويض شعبية مصدق سياسيا, دفع الشاه للتعاون مع قادة الانقلاب العسكريين, رشوة اعضاء في البرلمان ممن أطلق عليهم الأصدقاء القدامي, وأيضا رشوة اعضاء في قوات الامن وتسليحهم, والدفع نحو حشد مظاهرات شعبية, كان ذلك بعد ما يقرب من عامين علي تولي مصدق رئاسة الوزراء, وقتها لاحظت واشنطن قيام الرجل بتحدي سلطات الشاه, وأغضبها قراره بتأميم صناعة النفط الإيرانية, التي كانت تعمل تحت قيادة الشركات البريطانية والأمريكية, الانقلاب العسكري اجبر مصدق في النهاية علي التخلي عن منصبه ووضعه رهن الإقامة الجبرية حتي نهاية حياته.
يظل التوقيت الذي اختارته الوكالة لنشر اعتراف رسمي بدورها فيما حدث في ايران1953, غير واضح الأسباب, تماما كما كانت الأسباب التي جعلتها تصر علي ابقائه غير معلن طوال العقود الماضية, في الوقت الذي كتب فيه عملاء الوكالة, وعملاء الاستخبارات البريطانية عشرات الكتب والمقالات حول العملية, ولاسيما كيرميت روزفلت, رئيس الوكالة وقتها والمشرف علي الانقلاب, بل وايضا مع اعتراف رئيسين أمريكيين هما كلينتون واوباما, علنا بدور الولايات المتحدة فيه.
ومن بين ابرز الانقلابات المؤكدة التي قامت بها وكالة الاستخبارات الامريكية, كان الانقلاب العسكري في غواتيمالا عام1954, عندما تمت الإطاحة بالرئيس جاكوبو اربينز, وهو الرجل الذي كانت قد ايدته ودعمته من قبل, الا انها سرعان ما قررت التخلي عنه عندما بدأ في تطبيق سلسلة من الإصلاحات الزراعية, مما هدد شركة الفاكهة المتحدة المملوكة للولايات المتحدة هناك, وسرعان ما دفعت الوكالة الجيش الغواتيمالي الذي كان قادته قد تم تدريبهم في الولايات المتحدة, واصبح منهم من يوصف بالاصدقاء القدامي للقيام بانقلاب علي أربينز اجبره علي الخروج من السلطة وسمحت ان يخلفه حكم المجلس العسكري, كانت التفاصيل السرية لهذا الانقلاب قد نشرت للمرة الاولي عام1999 وقد تضمنت التفاصيل تمويل المتمردين والقوات شبه العسكرية, ومحاصرة البحرية الامريكية لساحل غواتيمالا.
بعدها كان الانقلاب في الكونغو عام1960, عندما اجبر باتريس لومومبا, أول رئيس وزراء للكونغو, علي التخلي عن منصبه, ونصب بدلا منه جوزيف كازافوبو وسط تدخل من الجيش البلجيكي( الذي تدعمه الولايات المتحدة) في البلاد, وكان تدخل عسكري عنيف من اجل الحفاظ علي المصالح التجارية البلجيكية بعد انتهاء الاستعمار, حاول لومومبا التصدي امام القوات البلجيكية, وحاول ايضا التقرب من الاتحاد السوفيتي لتمويل جيشه, ولكن ووفقا الي ما يعرف بتقرير لجنة تشيرش, وهي لجنة مكونة من11 سيناتور شكلت عام1975 داخل الكونجرس الأمريكي للإشراف علي الإجراءات السرية التي تقوم بها اجهزة الاستخبارات الامريكية, فإن الوكالة ظلت تمول وتشجع المعارضيين الكونغوليين الذين ابدوا رغبتهم في اغتياله, وبعد ان تم احباط محاولة لقتله عن طريق منديل مسمم من قبل قوات حرسه, قام وكلاء السي اي ايه, باخبار معارضيه الذين سلحتهم, عن مكان اختباءه, الي ان تم القبض عليه في اواخر عام1960 وتم قتله فيما بعد بطريقة غامضة في بداية عام.1961
ايضا كان قد تم الكشف عن تورط الولايات المتحدة في فيتنام الجنوبية عام1963, عندما بدأت علاقتها تتوتر مع زعيم البلاد نغو دينه ديم, واتخذت من حملة القمع الذي شنها ضد معارضيه من البوذيين, ذريعة لدفع جنرالات الجيش للانقلاب ضده, وهو ما تم الاعتراف به في تقرير شهير للبنتاجون في23 أغسطس1963, الا ان تمكن جنرالات الجيش من الاستيلاء علي السلطة وقتلوا ديم في1 نوفمبر.1963
في العام التالي تدخلت الولايات المتحدة بشكل سافر في البرازيل, خوفا من ان تقوم حكومة الرئيس البرازيلي جواو جولارت, علي حد تعبير السفير الأميركي لينكولن غوردون, من تحويل البرازيل الي صين الستينيات وقد دعمت الولايات المتحدة الانقلاب ضده عام1964 بقيادة أومبرتو كاستيلو برانكو, الذي كان وقتها قائد اركان الجيش البرازيلي, وقد اعترف وكالة الاستخبارات الأمريكية انه مولت المظاهرات في شوراع البرازيل ضد الحكومة, وقدمت للجيش الوقود والاسلحة التي تمكنه من حسم معركته, وقال وقتها الرئيس الأمريكي ليندون جونسون لمستشاريه الذين يخططون للانقلاب: أعتقد أننا يجب أن نأخذ كل خطوة ممكنة, وان نكون مستعدين للقيام بكل ما يتعين علينا القيام به وذلك وفقا لسجلات الحكومة الأمريكية في أرشيف الأمن القومي, التي كان قد رفع عنها السرية, وقد تولي الجيش حكم البلاد وبدعم من الولايات المتحدة حتي عام.1985
اما في تشيلي, فكانت الولايات المتحدة قد رفضت منذ اللحظة الاولي, نجاح المرشح الاشتراكي سلفادور الليندي, الذي انتخب رئيسا لتشيلي عام1970, وقال وقتها الرئيس الامريكي ريتشارد نكسون, لمدير السي اي ايه, اجعلوا الاقتصاد التشيلي يأن وقد ظلت هذه المحاولات لعرقلة الاقتصاد التشيلي الي ان قاد الجنرال أوغستو بينوشيه انقلاب عسكري ضد الليندي في عام1973, وفيما بعد مولت وكالة الاستخبارات المركزية حملة دعائية قوية لدعم نظام بينوشيه الجديد بعد توليه منصبه في عام1973, علي الرغم من معرفة الحكومة الامريكية بالانتهاكات المرعبة لحقوق الإنسان, بما في ذلك قتل المنشقين السياسيين.
يبقي أن هناك العديد من المؤامرات لإحداث انقلابات في أنحاء مختلفة, قد تم الاعتراف بها رسميا من قبل الحكومة الأمريكية, لكن ظلت الوكالة تتمسك برفضها حتي الآن تقديم تفاصيل بشأنها, أو تقديم اعتراف رسمي, ولكن مع كل هذه السرية والغموض, فلا يوجد شك في أن هناك علي الأقل سبعة انقلابات ناجحة دبرت لها الولايات المتحدة, وان ظلت السرية هي البعبع الذي تستخدمه الوكالة المركزية ليبعدها عن التوترات السياسية اليوم, ويبقي لها قدرا من القدرات الهائلة المفترضة, في الوقت الذي تراجع فيه نفوذ الحكومة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.