«التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة مسابقة وظائف وزارة العدل    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    «الصناعات الهندسية» وجامعة بورسعيد يبحثان تأهيل الطلاب لسوق العمل    سعر طن الحديد اليوم الجمعة 7-6-2-2024 في المصنع وللمستهلك    «التنمية المحلية» في أسبوع.. تسليم مدفن صحي شبرامنت ومتابعة جهود «أيادي مصر»    قبل عيد الأضحى.. أسعار الأضاحي 2024 في الأسواق ومزارع الماشية    تموين الإسكندرية تشكل غرفة عمليات لمتابعة توافر السلع استعدادا لعيد الأضحى    رانيا المشاط تبحث مع وزير النقل الأذرى ترتيبات انعقاد لجنة التعاون المشتركة    الأمم المتحدة تدرج إسرائيل بالقائمة السوداء للدول المتورطة بإلحاق الأذى بالأطفال    زيلينسكي: الحرب الروسية ضد أوكرانيا نقطة تحول في تاريخ أوروبا    الأيرلنديون والتشيكيون يتوجهون لمكاتب الاقتراع في ثاني أيام انتخابات البرلمان الأوروبي    يورو 2024 – مدرسة هولندا الخاصة لغات.. لم ينجح أحد    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024 في مصر.. «كم يوما إجازة؟»    صدمته سيارة مسرعة.. الاستعلام عن صحة شخص أصيب فى حادث مروري بالهرم    100 لجنة لاستقبال 37 ألف و 432 طالباً وطالبة بامتحانات الثانوية العامة في المنيا    خلال ساعات.. تعرف على موعد نتيجة الشهادة الإعدادية فى محافظة قنا 2024    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى المنيب دون إصابات    استجابة لأهالي الحي السابع.. إزالة إشغالات مقهى بمدينة نصر    محمد صابر عرب: أهم ما نملكه التراث وعملت 20 سنة في إدارة وتطوير مؤسسات ثقافية    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    مسئولة فلسطينية: الموت جوعا أصبح حالة يومية فى قطاع غزة    «8 الصبح» يحتفي بذكرى ميلاد الفنان الراحل محمود مرسي.. شارك في 300 عمل فني    دعاء للمتوفى في العشر من ذي الحجة.. «اللهمّ اغفر لأمواتنا ذنوبهم»    داعية إسلامي: أبواب الخير كثيرة في ذي الحجة ولا تقف عند الصيام فقط    «السبكى»: توقيع عقدي تعاون لتعزيز السياحة العلاجية ضمن «نرعاك في مصر»    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    واشنطن تطالب إسرائيل بالشفافية عقب غارة على مدرسة الأونروا    التعليم العالي: إدراج 15 جامعة مصرية في تصنيف QS العالمي لعام 2025    خالد جلال ناعيًا محمد لبيب: ترك أثرًا طيبًا    سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام    ذا جارديان: "حزب العمال البريطانى" قد يعلن قريبا الاعتراف بدولة فلسطينية    لوكاكو يكشف إمكانية إنتقاله للدوري السعودي في الموسم الجديد    تعرف على فضل صيام التسعة أيام الأوائل من ذي الحجة    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    قافلة طبية مجانية بقرى النهضة وعائشة في الوادي الجديد    ارتفاع حجم التجارة الخارجية للصين بواقع 6.3% في أول 5 أشهر من 2024    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر لخدمة أهالى محافظة مطروح    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    إبراهيم حسن: الحكم تحامل على المنتخب واطمئنان اللاعبين سبب تراجع المستوى    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة الانقلابات الأمريكية
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 08 - 2013

في الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة ومن خلفها الغرب مهووسة علي نحو مرضي بإلصاق تهمة الانقلاب العسكري علي الثورة الشعبية التي قام بها المصريين في30 يونيو,
تخرج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية منذ أيام قليلة لتعترف رسميا وللمرة الأولي وبالوثائق, بالحقيقة التي يعرفها الجميع يقينا, أن الانقلاب العسكري, الذي أطاح بمحمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني وحكومته, منذ ستين عاما, كان عملية امريكية من البداية الي النهاية, وكأنها تود أن تقول وفي هذا التوقيت, أن الانقلابات ليست بالضرورة شرا مطلق, لكنها فقط تكون طيبة ومشروعة, عندما تنفذها الولايات المتحدة, لتقلب تاريخ ومسار الدول رأسا علي عقب, تلعن أي تدخل عسكري أو شبه عسكري حتي لو جاء لحفظ دماء الشعب, في حين أنها تبارك وفق منطق المعايير المزدوجة العديد من الانقلابات التي اشرفت عليها في جميع انحاء العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
قبل ستين عاما تعرضت ايران لما قلب تاريخها السياسي الحديث رأسا علي عقب, كان هذا عندما تمت الاطاحة بحكومة رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا, محمد مصدق, عقب انقلاب عسكري حقيقي, ظلت اصداؤه تتصاعد علي مر السنين وتلقي بظلالها علي مسار الشعب الإيراني, الذي عرف منذ اللحظة الأولي تدخل الولايات المتحدة في الاطاحة برئيس حكومته المحبوب. رغم هذا اليقين لدي الجميع, لم يخرج من المجتمع الإستخباراتي الأمريكي, ما يؤكد ولو لمرة واحدة انه كان ضالعا في هذا الانقلاب, لقد استغرق الأمر ستون عاما حتي تعترف وكالة الاستخبارات المركزية بدورها, وذلك عندما نشرت للمرة الأولي منذ أيام قليلة علي موقع أرشيف الأمن القومي الإلكتروني, الوثائق التي تفيد دعمها لهذا الانقلاب, وذلك وفق قانون حرية المعلومات, والوثائق عبارة عن مقتطفات موجزة من تقرير أسمته معركة ايران, وهو تقرير داخلي كان قد اعد في منتصف السبعينيات.
كان قد تم الافراج عن الوثيقة للمرة الاولي في عام1981, لكن ظلت أجزاء كبيرة منها سرية, وخاصة الجزء الثالث منها, وهو تحت عنوان العمل السري, وهو الجزء الذي يصف الانقلاب نفسه, وما زال الكثير من التفاصيل التي وردت في هذا الجزء سرية حتي الآن, علي الرغم من اعتراف الوكالة رسميا وبشكل علني بدورها في الانقلاب, وقد جاء في الأجزاء التي أفرج عنها من معلومات ما يلي: الانقلاب العسكري الذي اطاح بمصدق وحكومته التي كانت تحمل اسم الجبهة الوطنية, نفذ بتوجيه من السي اي ايه, باعتباره عمل من أعمال السياسة الخارجية الأمريكية, حتي لا تترك إيران عرضة للعدوان السوفيتي ويضيف التقرير مما اجبر الولايات المتحدة علي التخطيط وتنفيذ العمليةTPAJAX, في عام1953, وهو الاسم السري لمؤامرة وكالة الاستخبارات المركزية للاطاحة بمصدق وحكومته, وقد تضمنت تلك العملية عدة خطوات كان من بينها, استخدام الدعاية السلبية لتقويض شعبية مصدق سياسيا, دفع الشاه للتعاون مع قادة الانقلاب العسكريين, رشوة اعضاء في البرلمان ممن أطلق عليهم الأصدقاء القدامي, وأيضا رشوة اعضاء في قوات الامن وتسليحهم, والدفع نحو حشد مظاهرات شعبية, كان ذلك بعد ما يقرب من عامين علي تولي مصدق رئاسة الوزراء, وقتها لاحظت واشنطن قيام الرجل بتحدي سلطات الشاه, وأغضبها قراره بتأميم صناعة النفط الإيرانية, التي كانت تعمل تحت قيادة الشركات البريطانية والأمريكية, الانقلاب العسكري اجبر مصدق في النهاية علي التخلي عن منصبه ووضعه رهن الإقامة الجبرية حتي نهاية حياته.
يظل التوقيت الذي اختارته الوكالة لنشر اعتراف رسمي بدورها فيما حدث في ايران1953, غير واضح الأسباب, تماما كما كانت الأسباب التي جعلتها تصر علي ابقائه غير معلن طوال العقود الماضية, في الوقت الذي كتب فيه عملاء الوكالة, وعملاء الاستخبارات البريطانية عشرات الكتب والمقالات حول العملية, ولاسيما كيرميت روزفلت, رئيس الوكالة وقتها والمشرف علي الانقلاب, بل وايضا مع اعتراف رئيسين أمريكيين هما كلينتون واوباما, علنا بدور الولايات المتحدة فيه.
ومن بين ابرز الانقلابات المؤكدة التي قامت بها وكالة الاستخبارات الامريكية, كان الانقلاب العسكري في غواتيمالا عام1954, عندما تمت الإطاحة بالرئيس جاكوبو اربينز, وهو الرجل الذي كانت قد ايدته ودعمته من قبل, الا انها سرعان ما قررت التخلي عنه عندما بدأ في تطبيق سلسلة من الإصلاحات الزراعية, مما هدد شركة الفاكهة المتحدة المملوكة للولايات المتحدة هناك, وسرعان ما دفعت الوكالة الجيش الغواتيمالي الذي كان قادته قد تم تدريبهم في الولايات المتحدة, واصبح منهم من يوصف بالاصدقاء القدامي للقيام بانقلاب علي أربينز اجبره علي الخروج من السلطة وسمحت ان يخلفه حكم المجلس العسكري, كانت التفاصيل السرية لهذا الانقلاب قد نشرت للمرة الاولي عام1999 وقد تضمنت التفاصيل تمويل المتمردين والقوات شبه العسكرية, ومحاصرة البحرية الامريكية لساحل غواتيمالا.
بعدها كان الانقلاب في الكونغو عام1960, عندما اجبر باتريس لومومبا, أول رئيس وزراء للكونغو, علي التخلي عن منصبه, ونصب بدلا منه جوزيف كازافوبو وسط تدخل من الجيش البلجيكي( الذي تدعمه الولايات المتحدة) في البلاد, وكان تدخل عسكري عنيف من اجل الحفاظ علي المصالح التجارية البلجيكية بعد انتهاء الاستعمار, حاول لومومبا التصدي امام القوات البلجيكية, وحاول ايضا التقرب من الاتحاد السوفيتي لتمويل جيشه, ولكن ووفقا الي ما يعرف بتقرير لجنة تشيرش, وهي لجنة مكونة من11 سيناتور شكلت عام1975 داخل الكونجرس الأمريكي للإشراف علي الإجراءات السرية التي تقوم بها اجهزة الاستخبارات الامريكية, فإن الوكالة ظلت تمول وتشجع المعارضيين الكونغوليين الذين ابدوا رغبتهم في اغتياله, وبعد ان تم احباط محاولة لقتله عن طريق منديل مسمم من قبل قوات حرسه, قام وكلاء السي اي ايه, باخبار معارضيه الذين سلحتهم, عن مكان اختباءه, الي ان تم القبض عليه في اواخر عام1960 وتم قتله فيما بعد بطريقة غامضة في بداية عام.1961
ايضا كان قد تم الكشف عن تورط الولايات المتحدة في فيتنام الجنوبية عام1963, عندما بدأت علاقتها تتوتر مع زعيم البلاد نغو دينه ديم, واتخذت من حملة القمع الذي شنها ضد معارضيه من البوذيين, ذريعة لدفع جنرالات الجيش للانقلاب ضده, وهو ما تم الاعتراف به في تقرير شهير للبنتاجون في23 أغسطس1963, الا ان تمكن جنرالات الجيش من الاستيلاء علي السلطة وقتلوا ديم في1 نوفمبر.1963
في العام التالي تدخلت الولايات المتحدة بشكل سافر في البرازيل, خوفا من ان تقوم حكومة الرئيس البرازيلي جواو جولارت, علي حد تعبير السفير الأميركي لينكولن غوردون, من تحويل البرازيل الي صين الستينيات وقد دعمت الولايات المتحدة الانقلاب ضده عام1964 بقيادة أومبرتو كاستيلو برانكو, الذي كان وقتها قائد اركان الجيش البرازيلي, وقد اعترف وكالة الاستخبارات الأمريكية انه مولت المظاهرات في شوراع البرازيل ضد الحكومة, وقدمت للجيش الوقود والاسلحة التي تمكنه من حسم معركته, وقال وقتها الرئيس الأمريكي ليندون جونسون لمستشاريه الذين يخططون للانقلاب: أعتقد أننا يجب أن نأخذ كل خطوة ممكنة, وان نكون مستعدين للقيام بكل ما يتعين علينا القيام به وذلك وفقا لسجلات الحكومة الأمريكية في أرشيف الأمن القومي, التي كان قد رفع عنها السرية, وقد تولي الجيش حكم البلاد وبدعم من الولايات المتحدة حتي عام.1985
اما في تشيلي, فكانت الولايات المتحدة قد رفضت منذ اللحظة الاولي, نجاح المرشح الاشتراكي سلفادور الليندي, الذي انتخب رئيسا لتشيلي عام1970, وقال وقتها الرئيس الامريكي ريتشارد نكسون, لمدير السي اي ايه, اجعلوا الاقتصاد التشيلي يأن وقد ظلت هذه المحاولات لعرقلة الاقتصاد التشيلي الي ان قاد الجنرال أوغستو بينوشيه انقلاب عسكري ضد الليندي في عام1973, وفيما بعد مولت وكالة الاستخبارات المركزية حملة دعائية قوية لدعم نظام بينوشيه الجديد بعد توليه منصبه في عام1973, علي الرغم من معرفة الحكومة الامريكية بالانتهاكات المرعبة لحقوق الإنسان, بما في ذلك قتل المنشقين السياسيين.
يبقي أن هناك العديد من المؤامرات لإحداث انقلابات في أنحاء مختلفة, قد تم الاعتراف بها رسميا من قبل الحكومة الأمريكية, لكن ظلت الوكالة تتمسك برفضها حتي الآن تقديم تفاصيل بشأنها, أو تقديم اعتراف رسمي, ولكن مع كل هذه السرية والغموض, فلا يوجد شك في أن هناك علي الأقل سبعة انقلابات ناجحة دبرت لها الولايات المتحدة, وان ظلت السرية هي البعبع الذي تستخدمه الوكالة المركزية ليبعدها عن التوترات السياسية اليوم, ويبقي لها قدرا من القدرات الهائلة المفترضة, في الوقت الذي تراجع فيه نفوذ الحكومة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.