فيما بدا أنه تصعيد للإستعدادات لعملية عسكرية وشيكة ضد سوريا, نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أمس عن مسئولين بارزين بالإدارة الأمريكية قولهم إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدرس تنفيذ عملية عسكرية محدودة النطاق والمدة بهدف عقاب سوريا علي استخدام الأسلحة الكيميائية وكذلك لردعها, مع الحيلولة دون انخراط الولاياتالمتحدة بشكل أعمق في الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد. وذكرت الصحيفة أن الهجوم الذي ربما لن يستغرق أكثر من يومين وتستخدم فيه صواريخ كروز تطلق عن طريق البحر أو ربما قاذفات قنابل بعيدة المدي ويستهدف أهدافا عسكرية لا تتعلق مباشرة بترسانة الأسلحة الكيميائية السورية سيعتمد في توقيته علي ثلاثة عوامل هي: اكتمال تقرير استخباراتي يقيم مدي ضلوع الحكومة السورية في هجوم الأسبوع الماضي, والمشاورات الجارية مع الحلفاء والكونجرس, وتحديد مبرر للهجوم في ظل القانون الدولي. وقال مسئول طلب عدم الكشف عن هويته: نحن ندرس بشكل نشط الزوايا القانونية العديدة التي ستبلور قرارا. وكان البيت الأبيض قد ذكر أمس الأول أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يقع تحت طائلة المسئولية في هجوم الأسبوع الماضي بالأسلحة الكيميائية, الذي قالت المعارضة عنه إنه أسفر عن مقتل1300 شخص في ضاحية بدمشق.وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض إنه لا يمكن إنكار أنه تم استخدام أسحلة كيميائية علي نحو واسع النطاق ضد مدنيين أبرياء مما أسفر عن نتائج مأساوية.وكانتشاك هاجل وزير الدفاع الأمريكي قد صرح بأن بلاده بصدد وضع قواتها البحرية في تشكيلات قتالية تحسبا لأي قرار قد يتخذه الرئيس أوباما بشن هجوم علي سوريا ردا علي استخدام الاسلحة الكيميائية. في حين حث أعضاء في الكونجرس أوباما علي التشاور معهم لدي اتخاذ قرار فيما حول كيفية الرد علي الهجوم المزعوم. يأتي ذلك في وقت, بدأت استعدادات أوروبية للعمل العسكري المرتقب, حيث أعلنت الحكومة البريطانية أمس أن القوات المسلحة البريطانية تعد لخطط طوارئ لعملية عسكرية في سوريا ردا علي استخدام أسلحة كيميائية هناك.وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أمس أن طائرات وحاملات عسكرية بدأت الوصول الي قاعدة اكروتيري الجوية البريطانية في قبرص, وفي الوقت ذاته, وذكر وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله أن بلاده تنسق بشكل وثيق مع الحلفاء بشأن أي تصرف دولي مشترك ضد سوريا.كما ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي بحث مع رئيس الوزراء الأسترالي كيفن رود أعمال العنف الجارية في سوريا. وأعرب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن تأييده لشن عملية عسكرية ضد سوريا, وفي تركيا أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في حديث خاص لصحيفة ميلليت عن استعداد بلاده للانضمام إلي أي تحالف دولي ضد نظام الأسد. بينما حذرت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو من مخاطر تدخل عسكري غربي في سوريا, ودعا إلي ضرورة التفكير ألف مرة قبل أية مبادرات عسكرية محتملة في سوريا مؤكدة أن ذلك من شأنه أن يحدث نتائج مأساوية. وفي عمان, أكد مصدر حكومي أردني أن الأردن لن يكون منطلقا لأي عمل عسكري ضد سوريا, بينما اختتم10 رؤساء هيئات أركان لجيوش عربية وأجنبية اجتماعا في المملكة حول تداعيات النزاع في سوريا. وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن الأردن لم يغير موقفه من الأزمة في سوريا ولن تكون أراضيه منطلقا لأي عمل عسكري ضد دمشق. ودعت عمان غير مرة لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا. وقد ضم الاجتماع رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية الجنرال مارتن ديمبسي ورؤساء هيئات الاركان في كل من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا والمملكة المتحدة وفرنسا والمانيا وايطاليا وكندا لبحث تداعيات النزاع السوري. وفي موسكو, دعت وزارة الخارجية الروسية أمس الولاياتالمتحدة والاسرة الدولية الي الحذر بشأن سوريا محذرة من أن أي تدخل عسكري ستكون له عواقب كارثية علي دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا.وأعلنت الوزارة في بيان ان المحاولات الرامية الي الالتفاف علي مجلس الامن وإيجاد ذرائع واهية وعارية عن الأساس مرة جديدة من أجل تدخل عسكري في المنطقة ستولد معاناة جديدة في سوريا وستكون لها عواقب كارثية علي الدول الاخري في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وتابع البيان ندعو زملاءنا الامريكيين وجميع أعضاء الاسرة الدولية الي الحذر والي احترام صارم للقانون الدولي القائم قبل اي شيء علي المبادئ الجوهرية لميثاق الاممالمتحدة. وأعربت الخارجية مجددا عن خيبتها البالغة لقرار الولاياتالمتحدة إرجاء اجتماع ثنائي كان مقررا عقده في لاهاي حول الازمة السورية. واعتبر الناطق باسم الخارجية الروسية ان الدعوة الي مؤتمر سلام هي المهمة الاكثر الحاحا. وفي طهران, حذرت أمس من أي تدخل عسكري خارجي في سوريا قائلة إن الصراع الذي سينجم عن ذلك سيحيق بالمنطقة كلها. وقالت ايران التي تساند الرئيس السوري إن مقاتلي المعارضة هم من نفذوا الهجوم, وأن الغرب يستغل هذا كمبرر للتدخل في سوريا. وفي تل أبيب, ذكر تقرير إخباري أمس أن مصادر أمنية إسرائيلية قللت من فرص قيام النظام السوري بإطلاق النار علي أراضيها ردا علي ضربة عسكرية أمريكية محتملة إدراكا منه للنتائج شديدة الخطورة المترتبة علي ذلك في الوقت الذي يخوض فيه هذا النظام صراع البقاء. كما رجحت المصادر, التي لم يتم الكشف عنها, عدم قيام حزب الله اللبناني بفتح جبهة جديدة مع إسرائيل, بحسب ما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية.غير أن المصادر أوضحت أن إسرائيل تستعد لأي سيناريو, مرجحة أن يطلعها الجانب الأمريكي مسبقا علي أي عملية عسكرية له. ومن جانبه, أكد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أنه ليس أمام بلاده إلا الدفاع حال وقع عدوان عليها.وقال الزعبي, في تصريحات لقناة المنار اللبنانية: إذا وقع عدوان علي ليس هناك خيار أمام السوريين سوي الدفاع. وأضاف: نحن لا نتمني أن يحدث ذلك لأن هذا سيكلف الجميع وهذه الحرب لا مشروعية لها لأن ذريعة الكيماوي فاشلة ولأن هناك لجنة مفتشين أممية بدأت بالقيام بعملها وهي من عملها أن تقول إن استخدم السلاح الكيماوي أم لا وليس أن تقول من استخدم السلاح الكيماوي. وأضاف: ليس لدي الدول الغربية أي دليل علي أن الدولة السورية استخدمت السلاح الكيماوي لأن سورية لم تستخدم الكيماوي أصلا.