قوة عظمي لديها أفضل الجامعات ومراكز الأبحاث وأكبر وزارة للخارجية وأعتي الجيوش وأقوي جهاز للمخابرات تقترف في منطقتنا الخطأ الجسيم يليه الآخر بطريقة يصعب تفسيرها للعوام أو المتخصصين. يضعون لعلاقاتهم معنا عدة مرتكزات تتعلق بالالتزام بمعاهدة السلام ثم يأتي بعد ذلك عوامل تتصل بالديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحريات الدينية والاقتصاد الحر, الا أنه بعد30 يونيو اضافوا إلي كل ذلك عاملا جديدا يتعلق بضرورة الحفاظ علي جماعة الاخوان المسلمين, ويؤكدون ضرورة ضمان دورها مستقبلا في الحياة السياسية دون إقصاء. وأصبح ذلك يحتل مكانة متقدمة في نسيج علاقاتهم معنا, الإخلال به يقتضي العقاب والتلويح بقطع المساعدات وتشغيل الآلة الاعلامية الغربية الجبارة بهدف التضليل والكذب في ظل تقصير مقصود في ادراك حقيقة ماحدث في مصر أو فهم للتحرك الهادر للشعب المصري بالملايين من أجل تغيير نظام سياسي, وإن كان قد وصل إلي سدة الحكم في مصر من خلال صناديق الاقتراع, إلا أنه لم يفشل فقط في ادارة شئون البلاد, بل أنه حاول تغيير الهوية والذاتية الثقافية والدينية لمصر. كما يلوحون دائما باللجوء إلي استخدام الفيتو ضد اي مشروع قرار يطرح في مجلس الأمن يتضمن إدانة ولو بسيطة لاسرائيل, فإنه يلوحون بإمكانية استخدامهم فيتو من نوع آخر ضد مصر كلها بمسلميها وأقباطها إذا تم إقصاء تلك الجماعة رغم معرفتهم بطبيعتها وكيفية نشأتها وموقع استخدام العنف والقتل والارهاب في استراتيجيتها. ومع تصميمهم علي عدم الفهم, فإنهم هذه المره لايقترفون خطأ جسيما جديدا, بل إنهم يفضحون انفسهم كما يفضحون جماعة الإخوان ذاتها, التي ظهر جليا إن الدوائر الغربية تفضلها عن غالبية الشعب المصري كله. ليس غريبا علينا أن نواجه ازدواجية معايير أوروبية, فالسويد التي تحاول الظهور بمظهر حصن حماية الديمقراطية وحقوق الانسان وتتخذ موقفا سلبيا من الثورة المصرية هي الدولة نفسها التي اعترضت علي انضمام فلسطين لليونسكو, وأن دول الاتحاد الأوروبي, التي تحاول اتخاذ مواقف متماسكة حيال مصر, يعد نمط تصويتها علي قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبنزع السلاح والتحكم في التسلح في منطقة الشرق الأوسط متباينا بين قلة مؤيدة وأكثرية ممتنعة ورافضة. وليس من قبيل المبالغة القول ان الغرب أصبح يواجه أزمة مصداقية في بلادنا يمكن ان تمتد منها تدريجيا إلي باقي دول المنطقة بأسرها, فحرصهم علي جماعة الاخوان المسلمين بات يعزز من مؤيدي نظرية المؤامرة في ظل ماهو منشور عن مشروع الشرق الأوسط الجديد وأهدافه الرامية إلي تدمير دول وتقسيمها وتصعيد ودعم تيارات سياسية ذات أبعاد دينية في ظل قراءة خاطئة لقوة الشعب في إحداث التغيير والازاحة من أجل الحفاظ علي هويته, دونما اكتراث بمواقف غربية جانبها الصواب في الفهم والادراك أو في تبني سياسات يمكن أن تخرجه تماما من المنطقة. وفيما يتعلق بنا, فنحن نواجه مواقف أشبه بتلك التي عبرناها عام1956, لانمتلك ترف الخطأ, أو التخاذل أو الخوف أو الارتعاش والرعب, فنحن في معركة من اجل البقاء يجب أن نواصلها مهما تكن المؤمرات والضغوط والخسائر والدماء, فالغرب في حالة ارتباك كامل خاصة بعد ظهور عامل التضامن العربي, وعليهم أن يفهموا أن تقديراتهم للموقف حتي الآن تعد موتورة متهورة وكارثية, ولا يمثل هذا الرأي دعوة لكراهية الغرب أو سعيا للصدام معه, بل انه محاولة لحث الغرب علي الفهم, فخططهم يجب أن تتغير وفقا لما أحدثه خروج الشعب المصري بالملايين من واقع جديد يجب التعامل معه بالاحترام الواجب وبحسن تقدير, خاصة أن تنفيذ سياستهم في المنطقه لايمكن أن يظل معتمدا علي دولة تمارس الاحتلال, وقوة غير عربية تواجه أزمة هوية, ودويلة كل ماتمتلكه هو آبار للغاز وقناة تليفزيونية تتآكل مصداقيتها. لمزيد من مقالات عمرو حلمي