تخوض مصر صراعا مصيريا ضد قوي الفتنة والإرهاب والتفكيك والتركيع, وسوف تنتصر فيه دون ريب. ببساطة لأن الأمة المصرية, أعرق الأمم قاطبة, عصية علي الفتن, وتقف موحدة, شعبا وجيشا وشرطة, بمسلميها ومسيحييها, ضد جماعة الإخوان, التي انفضحت خديعة اتجارها بالدين, وانكشفت جريمة خيانتها للوطن, ورفعت النقاب عن وجهها الإرهابي. وقد كتبت علي صفحتي بالفيس بوك, قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة, أقول: ليتذكر الفريق أول السيسي أن ما أكسبه شعبية لم يعرفها المصريون منذ عصر جمال عبد الناصر كان دوره التاريخي في قيادة القوات المسلحة لتنفيذ إرادة الأمة المصرية في ثورة30 يونيو; بانقاذها من براثن حكم جماعة الإخوان. وليتذكر أن مصداقيته في قلوب وعقول الأمة المصرية كوطني جسور كانت بسبب تحديه لإرادة الشريك الأمريكي لجماعة الإخوان في صفقة التمكين مقابل التفكيك. وليتذكر: أنه يخاطر بفقدان شعبيته ومصداقيته, إن لم ينفذ التزامات تفويضه والدولة بفض الاعتصام المسلح, وحل جماعة الإخوان, ورفض التدخل الأجنبي المقيت.. ولتتذكر الإدارة المؤقتة: أن الأمة المصرية لن تفرط في إرادتها الحرة, التي انتزعتها بثمن فادح; وسيكون حسابها عسيرا لمن يخذلها, ووفاؤها نبيلا لمن ينصرها. وقد أوفت القوات المسلحة بعهدها للأمة المصرية, التي قدمت تفويضا مدويا يعلن استعدادها لدفع ثمن تصفية بؤر وقوي العنف والإرهاب, وفضت قوات الشرطة- ملتزمة بالمعايير الدولية- بؤرتي تحريض تجار الدين والدم علي العنف والإرهاب في الاعتصامين المسلحين برابعة والنهضة, فأقدمت جماعة الإخوان مع حلفائها علي تنفيذ وعيدها اليائس والبائس والخاسر: إما أن نحكم أو نحرق مصر!! ورغم كل دواعي الأسي للدم المصري المراق, سواء من شهداء الشرطة أو من ضحايا الجماعة, أذكر بأن هذا ثمن محتوم لثورة30 يونيو, التي أطاحت شعبا وجيشا, بحكم جماعة الإخوان. ولم يعد ثمة خيار, لاستكمال الثورة, سوي حل تنظيم الإخوان السري والمسلح وغير الوطني وغير المشروع, والساعي الي تفكيك الأمة وتقويض الدولة, والمهدد للهوية الوطنية, ومهدر الاستقلال الوطني, والراعي للإرهاب في سيناء, والمستهدف للمصريين المسيحيين. ولا جدال أن التصدي للإرهاب والعنف مهمة الدولة; حيث لا بديل للسلاح في مواجهة السلاح, لكنه من المؤسف أن هب البعض, وعلي رأسهم البرادعي, يدعو في خضم الصراع للرضوخ لإملاءات جماعة فاشية; تتاجر بالدين, وتقامر بالدم, وتزدري الوطن, وتنبذ المواطنة. ومن المذهل أن يدين هذا البعض- باسم حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية- فض اعتصام مسلح; يروع الأمة, ويرعي الإرهاب, وينشر الفوضي, ويجعل من الأطفال والنساء دروعا بشرية. وقد عجز هذا البعض عن إدراك حقيقة أن مشهد رابعة المسلحة, وما تلي فضه الواجب من جرائم قتل مصريين وحرق كنائس وتخريب منشآت وقطع طرق.. إلخ, لم يرتب سوي تفاقم غضبة الأمة المصرية من طغمة وزمرة الإرهاب, الخائنة للوطن والكارهة للأمة. فقد انكشف تحول جماعة الإخوان من متاجرين بالدين الي مقامرين بالدم; جمعوا بين خلق المنافق المخادع بالدين من أجل اغتصاب حكم مصر, وبين جرم الإرهابي المقامر بدم مخدوعين يدفعهم للانتحار بوهم استرداد حكمها الذي اغتصب في غفلة من الأمة, ولن يعود!! وانصياعا لإرادة الأمة المصرية, شعبا وجيشا- حين استحال كسرها- جاء تسليم الإدارة الأمريكية بواقع إسقاط حكم الإخوان, واعترافها علي لسان وزير خارجيتها بأن ما حدث لم يكن انقلابا; وإنما استعادة للديمقراطية. لكن الضغوط الأمريكية لم تتوقف من أجل وأد ثورة30 بونيو, وإنقاذ صفقة التمكين مقابل التفكيك; أقصد تمكين الإخوان مقابل تفكيك مصر- علي مثال العراق وسوريا وليبيا- إن أخفقت ضغوط تركيعها. وفي تدخل مهين للكرامة ومهدر للسيادة وحام للإخوان ومعاد للديمقراطية, حاول مبعوثو أوباما والكونجرس- وذيلهم القطري- إنقاذ جماعة الإخوان; بالضغط للإفراج عن مندوبها المعزول من رئاسة مصر وغيره من قادتها المتهمين في جرائم الدم والخيانة, الذين برهنوا أنهم أدوات طيعة لمخطط الهيمنة الأمريكية الاسرائيلية. وفي هذا السياق دون غيره ينبغي أن نفهم مؤامرة تدويل ما يسمي الأزمة المصرية عبر طرحها في مجلس الأمن, تقويضا للقرار الوطني المصري, الذي أسقط مشروع تمكين الإخوان ومخطط تركيع أو تفكيك مصر في آن واحد. لكن وحدة وإرادة مصر الوطنية, وهي شرط انتصارها علي قوي الفتنة والإرهاب في الداخل وقوي التفكيك والتركيع في الخارج, عصية علي الانكسار, ببساطة لأنها أمة لم تعرف القسمة منذ تكوينها قبل أكثر من خمسة آلاف وأربعمائة عام, وبقيت قوة صامدة صابرة وكتلة صماء صلبة معافاة من الفتن. ويكفي أن أشير الي ما أعلنه بيان تاريخي لاتحاد شباب ماسبيرو, عن الهجمات التي وقعت يوم الأربعاء الماضي, يقول: لقد حصرنا حتي الآن استهداف15 كنيسة وديرين و20 منزلا مملوكا لأقباط و5 مدارس قبطية في ست محافظات. ومحذرا من أن هذه الهجمات تهدف الي جر مصر لسيناريو حرب اهلية, أعلن أن ارواح المصريين- مسلمين ومسيحيين- أغلي من أي مبان للكنيسة. ومؤكدا أننا واثقون من أننا سنعيد بناء ما تهدم, في وطن أكثر حرية واستقلالا, أوضح أن ما يحدث ليس فتنة طائفية بل حربا علي الوطن, وهذه الحرب ليست فقط حربا علي الارهاب, لكنها أيضا حرب للاستقلال الوطني, ولا يسعنا امام هذا الموقف الا أن نضع ارواحنا وكنائسنا فداء للوطن. وعلي طريق تعزيز الوحدة الوطنية, لنتذكر: أن تأسيس ونشاط أحزاب الإخوان والسلفيين, ودستورهم المختطف المكرس لدولة الفقهاء والخلافة والمنكر لحقيقة أن الأمة المصرية عنوان الهوية والولاء والانتماء, قد جاء مخالفا لأسس دولة المواطنة, دولة كل المصريين, التي أري أن بناءها هو عنوان انتصار ثورتي25 يناير و30 يونيو. ومع حل تنظيم جماعة الإخوان, ومحاكمة مرتكبي الجرائم, ينبغي توفيق أوضاع الأحزاب المذكورة وفق أسس دولة المواطنة, لأن أعضاءها ليسوا مستهدفين بالإقصاء. لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم