نستكمل هذا الأسبوع شهادات عمالقة المسرح عن شيخ المخرجين حسن عبدالسلام الذي يعد بحق يوسف شاهين المسرح المصري, فقد رحل عن عالمنا تاركا لنا إرثا فنيا يتجاوز المائتي مسرحية فبعد شهادة النجمة شويكار والمخرج الكبير سمير العصفوري, يروي النجم سمير غانم قصة لقائه الأول بحسن عبدالسلام وكيف توطدت علاقتهما الفنية, كما يكشف المخرج القدير عصام السيد أسرار الحلول الإخراجية التي كان يبتكرها حسن عبدالسلام هربا من فقر الميزانيات, وغيرها من طرق الإخراج التي جعلته أول من أخرج30 عملا ينتمي للكوميديا الموسيقية وأول من قدم المسرح الآسيوي في مصر, وأول من قدم الملحمة الشعبية بعرض ايوب المصري في باريس وموسكو, بالإضافة لأنشودة أكتوبر التي أخرجها عام1991 بمشاركة4000 ممثل وراقص, كما قدم له التليفزيون المصري أكبر عدد من المسرحيات لمخرج مسرحي مثل العالمة باشا, هالة حبيبتي, وغيرهما الكثير من الأعمال التي شكلت اسم حسن عبدالسلام في تاريخ المسرح بحروف مضيئة.. حسن عبدالسلام هو صانع الممثل المسرحي سمير غانم.. هكذا بدأ الفنان سمير غانم كلامه عن الراحل حسن عبدالسلام, وقال: لن أنسي كيف صنعني هذا المخرج شديد الذكاء بدءا من عرض طبيخ الملائكة حينما تعرفت عليه من خلال صديقنا المشترك الراحل الضيف أحمد, وقررنا التعاون معا في تلك المسرحية, واكتشف حسن في هذا العمل قدرتي علي الارتجال وكرهي لقيود الالتزام حرفيا بالنص المكتوب, لذا كان دائما يشعرني أني أنا القائد وأنا المخرج, فكان يعطيني توجيهات عريضة ويترك لي اختيارات طريقة التنفيذ, وذلك ثقة منه في شخصي وأسلوبي المهني, بينما كان يركز كثيرا في توجيه صديق عمري جورج سيدهم الذي كان يحب تنفيذ تعليمات المخرج حرفيا, وظلت علاقتنا دائما قائمة علي هذه الثقة الفنية فيضع هو بصماته واقوم انا بالارتجال الخاص بي كيفما يتناسب مع رد فعل الجمهور وقت العرض, خاصة أنني أعتبر نفسي اسوأ ممثل في مرحلة البروفات, حتي إنه في مسرحية المتزوجون لم يكن يعلم أنني سأفتتحها بالمزمار قبل ليلة العرض.. وأضاف سمير غانم: براعة عبدالسلام كانت في قدرته علي خلق كل ما هو جديد حتي أواخر ايامه, ففي مسرحية اخويا هايص وانا لايص مثلا صنع نافورة حقيقية علي المسرح, ناهيك عن عشقه للمسرح الذي دفعه للعمل حتي وهو قعيد, لدرجة أنه اخرج لي في هذه الفترة مسرحية دو ري مي فاصوليا وكانت علاقتنا الأسرية لا تنقطع ودائما ما يدعو لي أنا وزوجتي وبناتي وتربطنا صداقة وطيدة, والحديث عنه يحتاج إلي ساعات لا تنتهي. أما المخرج البديع عصام السيد فقد أكد حرصه الشديد علي العمل كمساعد مع حسن عبدالسلام حتي بعد أن بدأ مشوار الإخراج منفردا, وفسر هذا بقوله: تعلمت منه سرعة الإيقاع, وقدرته العالية علي الابتكار وإيجاد حلول إخراجية غير متوقعة لفقر الميزانيات, فكان مثلا أول من استخدم المستويات في المسرح, وليس المقصود هنا البرتكابلات ولكن أن يستخدم أشياء متنوعة في تنفيذ حركة الممثلين, ففي مسرحية طبيخ الملائكة التي قام بتمصيرها علي سالم عام1964- مثلا جعل الممثلين يؤدون أغنية راقصة بالكامل علي كنبة, أو يجعل الممثل مثلا يتحرك علي سلم خشبي يتم طيه والتحرك به علي الخشبة بحسب الحركة المرسومة, وفي المسرحية العالمية راشمون استخدم مثل هذه المستويات كأنها طرق داخل غابة, وجعل الكورس يرتدون ملابس الغربان, وفي مسرحية رصاصة في القلب أخرج أغنية علي الحجار بشكل اشبه بالفيديو كليب نظرا لسرعة تغيير المناظر في الخلفية برشاقة لا متناهية, واضاف عصام السيد: دقة وسرعة إيقاع حسن عبدالسلام جعلته ينتهي من اخراج كعبلون لسعيد صالح في15 يوما, وفي مسرحية زقاق المدق عام1985, تم اسناد العمل له بعد اعتذار اثنين من المخرجين, ورغم هذا بدأ العمل وفي ذهنه أن التصور الإخراجي مكتمل فظللنا نعمل وقتها ليلا ونهارا دون انقطاع حتي أنهاها في11 يوما فقط, وما لا يعرفه الكثيرون أنه قدم مثلا سيدتي الجميلة في نفس توقيت عرض طبيخ الملائكة رغم اختلاف توجههما المسرحي. وقد فسر عصام السيد سر الإخراج العذب لحسن عبدالسلام بعشقه الشديد لفن السينما, وكان لهذا أكبر الأثر في تقديمه لمشاهد مسرحية أشبه بالمشاهد السينمائية, ولا شك أنه كان حريصا علي أن يبدو الممثل في أبهي صوره, وهو ما استفدته منه فالممثل هو حامل الرسالة للمتلقي لذا يجب الاهتمام به علي مستوي الأداء وتقديمه للجمهور بشكل جيد, لذلك صنع نجوما كثرا مثل ثلاثي أضواء المسرح, شويكار,حسن مصطفي, سيد زيان, فاروق فلوكس, سعيد صالح, شيرين, نجاح الموجي, وغيرهم.