يا ليلة العيد... طقطوقة كل عيد

عاشت في وجدان مسلمي العالم منذ72 عاما كلما هل هلال عيد الفطر المبارك أو عيد الأضحي المبارك, تشعرنا بقدوم العيد وفرحته
وعاشت بداخلنا من أيام الزمن الجميل و ستظل عبر الأجيال هي اللحن المميز للاحتفال بالأعياد في حياة المصريين بل الأمة العربية بأسرها لما تحمله من معان و موسيقي معبرة.
في فيلم دنانير ثالث أفلام أم كلثوم الذي أخرجه أحمد بدرخان وكتبه الشاعر أحمد رامي وأنتجته شركة أفلام الشرق داخل استوديو مصر في الفترة من5 مارس وانتهي في أغسطس1940, عندما جاءت ليلة عيد الفطر المبارك في أحداث الفيلم أعدت في قصر الخليفة هارون الرشيد( عباس فارس) ببغداد حفلة ساهرة قام الوزير جعفر( سليمان نجيب) بتقديم دنانير( أم كلثوم) لتغني أمام الرشيد طقطوقة أو أنشودة يا ليلة العيد التي كتبها شاعر الشباب أحمد رامي و لحنها رياض السنباطي ويقول مطلعها:
يا ليلة العيد أنستينا... وجددت الأمل فينا
وقد سجلت في عام1939 قبل الشروع في تصوير الفيلم, بعد ذلك ظلت أم كلثوم تتغني بها في حفلاتها وبعد ثلاث سنوات قدمت طقطوقة حبيبي يسعد أوقاته علي أسطوانة من كلمات محمود بيرم التونسي وألحان رياض السنباطي عام.1943
وفي مساء يوم الأحد17 سبتمبر1944 الموافق29 رمضان1363 ه أحيت أم كلثوم حفلا ساهرا بحديقة النادي الأهلي بناحية الجزيرة( جزيرة الخديو إسماعيل) بدأته بوصلة لأغنية ذكرياتي تلتها برق الحبيب وفي الوصلة الثانية غنت يا ليلة العيد للمناسبة المباركة, وقدمها المذيع حافظ بك عبدالوهاب مكتشف عبدالحليم حافظ فيما بعد, مع بداية ثورة1952 وكان معه علي بك خليل الإذاعي الكبير وما أن بدأت أم كلثوم تشدو بمطلع طقطوقة يا ليلة العيد أنستينا وجددت الأمل فينا, حتي وبعد نحو دقيقتين فقط دخل الملك فاروق ملك مصر والسودان الحفل, وما أن أعلن ذلك مذيع الإذاعة حافظ عبدالوهاب للحاضرين والمستمعين معا عن تشريف جلالة الملك الحفل حتي ضج السرادق بالتصفيق والهتاف بحياة الملك( يعيش الملك فاروق ملك مصر و السودان.. يحيا جلالة الملك فاروق) وتوقفت أم كلثوم عن الغناء إلي أن جلس الملك وأذن لهم بالغناء فأبدعت وتسلطنت و غنت كما لم تغن من قبل حتي أن الأغنية التي تبلغ مدتها4 دقائق فقط لكونها أغنية فيلم دنانير إلا أنها غنتها في38 دقيقة و16 ثانية كاملة.
وقد أمتعت الحاضرين و غيرت بداية الطقطوقة ل هلالك هل بعنينا بدلا من هلالك هل لعنينا, وبين مقاطع الأغنية علت الهتافات مدوية للاحتفاء بالملك فاروق, وعندما وصلت للمقطع الأخير غيرت في كلماته قائلة يا نيلنا ميتك سكر وزرعك في الغيطان نور يعيش فاروق ويتهني ونحيي له ليالي العيد وانتقلت و معها تختها من المقطع الأخير من الطقطوقة إلي طقطوقة حبيبي يسعد أوقاته التي غنتها سنة1943, وقالت حبيبي يسعد أوقاته ع الجمال سلطان, وغنت:
حبيبي زي القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد
حبيبي زي القمر يبعت نوره من بعيد لبعيد
وكل ما يهل هلاله تتعاد الأعياد
والليلة عيد علي الدنيا سعيد
عز وتمجيد لك يا مليكي
وبعد انتهائها من الغناء استدعاها الملك فاروق ليصافحها فقبلت يده, و ابلغها سعادة أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي بالإنعام الملكي عليها بنيشان الكمال, فهرع الصحفي فكري أباظة إلي ميكروفون الإذاعة ليذيع نبأ منح أم كلثوم النيشان, فتقدمت أم كلثوم لتلقي كلمة تشكر فيها الملك فاروق علي هذا الإنعام و تغني الوصلة الثالثة أغنية أنا في انتظارك.
و كان هذا ثالث نيشان تحصل عليه أم كلثوم بعد نيشان الاستحقاق السوري و نيشان الاستحقاق اللبناني.
و في صباح يوم الاثنين أول أيام عيد الفطر المبارك ذهبت أم كلثوم علي رأس وفد من نقابة الموسيقيين بصفتها نقيبة الموسيقيين إلي القصر الملكي في عابدين لقيد أسمائهم شكرا للملك علي إنعامه السامي عليها.. تلك هي طقطوقة يا ليلة العيد عبر72 سنة. ومازالت هي أغنية كل عيد التي تشعرنا بقدومه.