الانسان في هذه الدار معرض دائما للبلاء والفتنة من أجل الاختبار والامتحان والرضا بالقضاء والبلاء من أعلي مراتب الايمان والرسول عليه السلام يقول: ان أعظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ماذايعني الرضاء بالبلاء ؟ هو العبد الذي يحبه الله سبحانه وتعالي فيختبره بالمحن والمصائب فيصبر ويسترجع ويحتسب ذلك عند الله ويرضي بما ابتلاه به فيكون له الرضي وجزيل الثواب علي قدر مصيبته, وابتلاء الله عز وجل عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه بل أما لدفع مكروه أو كفارة عن ذنوب أو لرفع منزلته فاذا تلقي ذلك بالرضا تم له المراد, فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مايصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذي ولا غم حتي الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه وقال عليه السلام: مامن مسلم يصيبه أذي الاحات الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر وفي هذه الأحاديث بشارة عظيمة لككل مؤمن, لأن الآدمي لا ينفك غالبا من ألم بسبب مرض أو هم أو نحو ذلك وأن الأمراض والأوجاع والألام بدنية كانت أم قلبية تكفر ذنوب من. وقال رسول الله: يقول الله عز وجل: من أذهبت حبيبته فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة والحبيبتان هما العينان لأنهما أحب أعضاء الانسان إليه, لما يحصل له بفقدهما من الأسف علي فوات رؤية مايريد رؤيته من خير فيسربه, أو شر فيجتنبه, فيصبر مستحضرا ماوعد الله به الصابرمن الثواب لا أن يصبر مجردا عن ذلك, فيعوضه الله عز وجل بالجنة وهي أعظم العوض لأن الالتذاذ بالبصر يغني بفناء الدنيا والالتذاذ بالجنة باق ببقائها. والصبر إنما يكون عند الصدمة الأولي كما قال عليه السلام: إنما الصبر عند الصدمة الأولي وقال صلي الله عليه وسلم: يقول الله سبحانه: ابن أدم ان صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولي, لم أرض لك ثوابا دون الجنة. ولابد من الاشارة الي أن الصبر الشاق علي النفس الذي يعظم الثواب عليه هو مايكون في أول وقوع البلاء ومفاجأة المصيبة فيفوض ويسلم فيدل ذلك علي قوة القلب وثباته في مقام الصبر, بخلاف مابعد ذلك, فانه علي الأيام يتضاءل, واذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر اذ ذاك. وزيادة علي الصبر والاحتساب والاسترجاع عند الصدمة الأولي فقد علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن ندعو الله سبحانه ونسأله الأجر والثواب والتعويض بخير من المصيبة التي وقعت فقال عليه السلام: مامن مسلم تصيبه مصيبة فيقول ماأمره الله انا لله وانا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها الا أخلف الله خيرا منها كذلك علمنا إذا رأينا مبتلي أن نحمد الله علي المعاناة فقال صلي الله عليه وسلم: من رأي مبتلي فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به, وفضلني علي كثير ممن خلق تفضيلا لم يصيبه ذلك البلاء.