بداية لا تشكل ثورة23 يوليو المجيدة حدثا احتفاليا مصريا فقط, بل صارت مناسبة يعتز بها العالم الثالث عموما وبلدان القارة الأفريقية بوجها خاص والتي كانت تئن بلدانها من سطوة الاستعمار تتذكر مصر هذه الأيام ثورة23 يوليو1952, وما أن سطع نجمها إلا وأصبحت منارة معها أشرقت شمس الحرية والاستقلال علي بلدان القارة السوداء. فعبد الناصر رمز هذه الثورة وقائدها استطاع أن ينفذ إلي قلوب ملايين البشر في أفريقيا, بعد أن استطاع أن يأثر قلوب المصريين, بفضل مقاومته قوي الشر من الإمبريالية العالمية فقام بتنفيذ مشروع العدالة الاجتماعية وبناء المشروعات الوطنية الكبري, ليرفع المصريين رؤوسهم بعد ان قضوا علي مظاهر الاستعباد التي عاشوا تحت نيرها. لهذا انطلقت فكرة تحرير أفريقيا من القاهرة في منتصف الخمسينيات, مستلهمة ذلك النموذج المصري, كما لم تتوان ثورة يوليو من تحديد ابعاد علاقتها بأفريقيا معتبرة إياها جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري, ففلسفة ثورة يوليو أكدت علي أن الدائرة الأفريقية هي أحد أهم دوائر ثلاث للأمن القومي المصري. ومن هذا المنطلق لعب نظام يوليو, دورا في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام1963, وخرجت منها لجنة تحرير إفريقيا التي ضمت بجانب مصر ثماني دول إفريقية أخري كانت تعمل علي تقديم المساعدات العسكرية اللازمة لكل الدول الراغبة في التحرر. التي اتخذت من الجمعية الافريقية بالقاهرة مقرا لها. وبعد استقلال تلك الدول امتدت المساعدات إلي أمور أخري تساعد في الحفاظ علي هذا الاستقلال, بالإضافة إلي أن مصر فتحت أبوابها أمام الطلاب الدارسين من القارة السمراء وأنشأت مراكز ثقافية عديدة في تلك الدول, كذلك أنشأت القاهرة إذاعة صوت أفريقيا الموجهة إلي كينيا وكل الشعوب الناطقة باللغة السواحيلية. ثم تتابعت الإذاعات والبرامج الموجهة إلي كل دول أفريقيا التي لم تكن قد تحررت من الاحتلال وبلغاتها المحلية( أكثر من12 لغة) بخلاف اللغات المستخدمة رسميا, وهي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية والعربية. كما وقفت ثورة يوليو بكل قوة مع ثورة الماوماو في كينيا, وساندت ودعمت زعيمها جومو كينياتا, ثم ساندت الكونغو حين أرسلت قوات إليها, إضافة إلي موقفها المعادي والمناهض للنظام العنصري في جنوب افريقيا, كما قامت بتكوين كتلة الدار البيضاء في إطار دعم لومومبا في الكونغو, التي كانت الدول الاستعمارية قد قررت عدم السماح باستقلالها, بسبب ثرواتها الضخمة من الماس. وقد نالت مصر بفضل دورها في مكافحة الاستعمار ودعم حركات التحرر في أفريقيا والعالم مكانة متميزة, ترسخت دوليا حينما قامت بدور بارز في تشكيل حركة عدم الانحياز التي خلقت لنفسها مسارا ثالثا بعيدا عن حالة الاستقطاب الدولي.