«نحن واثقون أن مصر ستستعيد ريادتها الإقليمية فى القارة الأفريقية، لنستكمل مسيرة التعاون والتنمية لكل شعوب دول القارة بمساعدة مصرية عقب ثورة 25 يناير».. هكذا أكد أوهورو كينياتا، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الكينى. أوهورو كينياتا، الاسم الذى يعنى «الحرية» باللغة السواحيلية، هو نجل الرئيس الكينى الأول، جومو كينياتا، تولى وزارة المالية والتجارة فى أبريل عام 2008، وهو المنصب الذى رشحه له الرئيس الكينى، كيباكى بعد أن كان وزيرا للحكم المحلى، ورئيس الاتحاد الأفريقى الوطنى الكينى (كانو).. حاورته «الشروق» فى نيروبى حول الأزمة الاقتصادية التى تعانيها كينيا فى الوقت الذى يضرب فيه الجفاف منطقة القرن الأفريقى، والحديث عن أكثر من 3 ملايين كينى مهدد بالمجاعة. تحدث كينياتا بلهجة يشوبها الأمل والقدرة على مواجهة التحديات الحالية التى تواجه الحكومة الكينية لمواجهة مشكلة الجفاف، معولا على دور الدول الأجنبية، وجميع أطياف المجتمع الدولى فى مد يد المساعدة لحل هذه الأزمة العالقة، مؤكدا بشكل خاص على دور مصر التى وصفها بقائد القارة الأفريقية. يقول كينياتا الذى درس العلوم السياسية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية إن لدينا قناعة كاملة بأن مصر هى أكبر دولة فى المنطقة الأفريقية، ونحن واثقون من استعادة ريادتها عقب ثورة 25 يناير، لذلك تسعى الحكومة الكينية على نبذ أى خلاف قد يفسد العلاقات المصرية الكينية، لذلك نسعى جاهدين من أجل استمرار هذه العلاقات وبشكل أقوى مع الشعب المصرى الذى قام بالثورة، لمواجهة التحديات الحالية التى تواجه شعوب القارة مثل الفقر والبطالة، وتحقيق التنمية المستدامة للدول الأفريقية. يعانى الشمال الكينى الآن من خطر المجاعة بسبب الجفاف وانعدام هبوط الأمطار، وزادت الأوضاع تفاقما عقب نزوح الآلاف من الصوماليين المتضررين من الجفاف إلى الحدود الكينية الصومالية، ليزيد الأمر خطورة وتحديا أمام الحكومة الكينية. يوضح كينياتا أن الحكومة الكينية لديها الآن عدد من السياسات لسرعة وضع حد لإنهاء الأزمة، من أهمها دراسة كيفية إيجاد طرق بديلة لاستخدام الموارد المائية الأخرى فى الدولة غير مياه الأمطار للزراعة وتوفير الغذاء للشعب الكينى، من خلال استخدام طرق تكنولوجية لحسن استغلال مياه الأنهار ليس فى كينيا فقط ولكن لجميع دول حوض النيل التى قد تعانى لاحقا من خطر الجفاف وقلة معدلات هبوط الأمطار. يعترف كينياتا بأن الجفاف والمجاعة هى مشكلة تؤرق الحكومة الكينية بعد نزوح الآلاف من اللاجئين الصومالين إلى الحدود الشمالية الكينية، وهو ما يهدد استقرار البلاد وينذر بالمزيد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يضع الحكومة فى موقف حرج ومعقد من الصعب التغلب عليه، وعلينا أن نناضل من أجل إطعام هؤلاء اللاجئين وكذلك الشعب الكينى حسب كينياتا. ويؤكد كينياتا أنه يمكن من خلال مبادرة حوض النيل إرساء سياسات إقليمية مشتركة لجميع دول الحوض للحد من هذه الكارثة التى يتسبب فيها الجفاف، وهو ما يدعو إلى حتمية تنمية وتبنى التكنولوجيا الحديثة لزراعة الأراضى. يؤكد كينياتا أن وزارته تبنت سياسة المصارحة مع الشعب الكينى وإطلاعه على جميع الموارد المتاحة فى الدولة وكيفية استغلالها، مؤكدا نشر جميع هذه المعلومات بكل شفافية على موقع وزارة التجارة والمالية الكينية ومثال على ذلك وضع كل بنود الموازنة العامة للدولة وآلية صرف هذه الميزانية لتحقيق التنمية للشعب الكينى. يوجه كينياتا دعوة إلى المجتمع الدولى للنظر بل المشاركة فى حل هذه الأزمة، لأن الأمر يتعدى قدرة الحكومة الكينية وحدها، مؤكدا أن هذه الدعوة تم توجيهها بشكل رسمى لجميع دول العالم، ليس فقط لمساعدتنا فى حل المشكلات الصحية والاجتماعية التى تسبب فيها الجفاف لكينيا، ولكن للعمل معا لإرساء السلام والاستقرار، ومد جذور التنمية فى البلاد حتى لا تحدث هذه المشكلة فى المستقبل. وتحدث كينياتا عن دولة جنوب السودان الأفريقية الحديثة، مؤكدا أن هناك ترحيبا إفريقيا كاملا بهذه الدولة الوليدة وبشكل خاص بين دول حوض النيل، لافتا إلى الاستعداد الكامل لحكومته للتعاون معها فى كل المجالات لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وحول قضية حوض النيل، طالب نائب رئيس الوزراء الكينى، بأن تستمر مبادرة حوض النيل لتكون الآلية المؤسسية للتأكيد على تحقيق التنمية المستدامة وحسن إدارة مياه النيل، داعيا جميع دول حوض النيل إلى العمل نحو دعم الاستثمارات الحقيقية فى منطقة البحيرات الاستوائية والنيل الشرقى للحد من الفقر والمحافظة على الموارد الطبيعية لتحقيق المنفعة للجميع والتنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال مياه النيل. وأكد كينياتا على أغلب دول حوض النيل لديها مشكلات مع الجفاف والفيضان، والآن القرن الأفريقى أصبح يعانى من خطر الجفاف، ويعانى شعبنا من انعدام الأمن الغذائى، كما أصبحت ظاهرة التغيرات المناخية ظاهرة للجميع، ولا يمكننا كدول حوض النيل الاعتماد فقط على مياه الأمطار التى قد تجف لعدة سنوات، وهو ما يحتم على الجميع إعادة النظر فى استغلال موارده الطبيعية والمائية لزراعة الأراضى الصالحة للزراعة فى أرضه لتحقيق الأمن الغذائى. وأضاف كينياتا أن بلاده تدعو باقى أشقائها من دول حوض النيل إلى التوقيع على الاتفاقية والمشاركة فى مزيد من التفاوض حولها، لأنه بدون التعاون لا يوجد معنى حقيقى للتنمية، مؤكدا أن خبرة دول حوض النيل أكدت أن التعاون سيجنى مزيدا من المصالح المشتركة ليس فقط للحصول على المياه ولكن تبادل الطاقة الكهربائية والتجارة والزراعة والثقافة أيضا. وأشار كينياتا إلى أن كينيا تتبنى وتنفذ الآن دستورا جديدا يفيد بأهمية إدارة المياه المشتركة، وهو ما يؤكد التزام الحكومة والشعب الكينى للإدارة المستدامة للمياه الإقليمية دون إلحاق أى ضرر بأى دولة مجاورة تشاركنا فى هذه المياه، طبقا لقواعد القانون الدولى.