مثلما ارتبطت أشهر المواقع الحربية بشهر رمضان في التاريخ وهي موقعة( بدر) فإن حربين في القرن العشرين بين مصر واسرائيل قد دارت أحداثهما أيضا في شهر رمضان الكريم.. وهما حرب فلسطين1948 وحرب السادس من اكتوبر1973( العاشر من رمضان).. واعتبار ان الكثير من الافلام قد صورت عن هاتين الحربين بشكل خاص فإن الأمر يؤكد ان الجنود المسلمين قد حاربوا وهم صائمون وخاصة في حرب اكتوبر.. ولهذا السبب فإن المصريين يحتفلون مرتين كل عام بذكري حرب اكتوبر..الأولي في العاشر من رمضان والثانية في السادس من اكتوبر. وبالنسبة لحرب فلسطين فإن الجنود الذين تطوعوا للذهاب الي فلسطين وصور ذلك فيلم( فتاة من فلسطين) لمحمود ذوالفقار1948 وفيلم( نادية) لفطين عبد الوهاب عام1949 وفيلم( الايمان) لأحمد بدرخان1952 قد أعلنوا أنهم سيحاربون وهم صائمون. وقد رأينا الكثير من القصص حول هذا الأمر.. فالضابط الذي كان يقوم بدوره عمر الشريف في فيلم( نهر الحب) لعز الدين ذو الفقار عام1961 قد دفع حياته مقابل القضية الفلسطينية وهو صائم. وباعتبار اننا نحتفل بذكري العاشر من رمضان فإن الجنود الذين حاربوا من مسلمين ومسيحيين كانوا في الواقع وفي الأفلام صائمين باعتبار ان المسيحي يحترم عقيدة المسلم ولا يجهر أمامه بالافطار ويتناولون وجباتهم معا. وأبتداء من عام1974 وربما حتي الآن فإننا يجب ان ننظر إلي الأفلام التي أنتجت حول النصر لأنها كانت عن بطولات يقوم بها جنود صائمون حتي وان صدرت لهم الأوامر بعدم الصيام ووزعت عليهم الوجبات.. وهذه الافلام هي( الرصاصة لا تزال في جيبي) لحسام الدين مصطفي( الوفاء العظيم) لحلمي رفلة( أبناء الصمت) لمحمد راضي( بدور) لنادر جلال.. وقد حكت لنا قصص بطولات الجيش المصري بابنائه وكيف حققوا النصر بعد الهزيمة في ظروف بالغة الصعوبة.. وكان جميع أبطال هذه الافلام من الشباب الذين لديهم مشاكلهم الخاصة في قراهم ومدنهم.. ولما حققوا النصر أعتبروا أن ما أنجزه الوطن افضل بكثير من حل مشاكلهم الخاصة حتي وأن بعضهم فقد حياته اثناء العمليات العسكرية. ثم توالت الأفلام فيما بعد ومنها( حتي آخر العمر) لأشرف فهمي1975( والعمر لحظة) لمحمد راضي( وضاع حبي هناك) لعلي عبد الخالق والذي بدأت أحداثه قبل حرب رمضان.. ثم أفلام أخري ومنها( أيام السادات) لمحمد خان2002 وأفلام لم تعرض بعد مثل( حائط البطولات) لمحمد راضي.1999 كل هذه الافلام تحدثت عن السادس من أكتوبر وانجازاته.. وفي نفس الوقت تحدثت أيضا عن العاشر من رمضان وبركاته.. فالجنود الذين انتصروا في موقعة( بدر) وهم صائمون أنتصر أحفادهم أيضا في1973 بينما الجنود الصائمون في حرب1948 لم يحالفهم الحظ في النصر والسبب كما برر لنا في العديد من الأفلام والحياة السياسية كان( صفقة الأسلحة الفاسدة). ويتهم البعض السينما المصرية أنها لم تقدم هذه المناسبة لما بما تستحقها من شرف باعتبار أن اعداد الافلام قليلة والحقيقة أن أيام الحرب نفسها قليل ولم تستمر سوي بضعة أيام وبالتالي فإن السينما فعلت ما بوسعها لأن الواقعة الكبري كانت هي العبور الي شرق القناة ولم تكن هناك معارك ضخمة إلا معركة العبور بين الضفتين وذلك عكس المعارك العديدة والأزمنة الطويلة التي عرضها العالم حول الحربين العالميتين في اطراف كثيرة من العالم. لكن الغريب هو التجاهل المتعمد لعمل أفلام عن أبطال حرب أكتوبر المجيدة مثل الفريق أحمد اسماعيل والفريق سعد الشاذلي والفريق أحمد بدوي في الوقت الذي نري فيه التليفزيون يهتم بالسير الذاتية فقط لهم لان الأجيال الجديدة من حقها ان تعرف الجانب الانساني لأبطال حرب العاشر من رمضان والذين حققوا النصر لمصر.