في خضم الأزمة المالية العالمية وما صاحبها من اتجاه العالم إلي كساد كبير, بدأت الشعوب تتجه إلي التطور التكنولوجي الأمر الذي دفع الكثير من الشركات علي الاستثمار في كل ما هو جديد ذي صلة بتكنولوجيا المعلومات و الاتصالات لتعويض الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تلك الأزمة وخلق آليات تقنية حديثة تسهم بشكل فعال في ترشيد الإنفاق. وفي هذا السياق ظهرت في الأفق ثورة تقنية هائلة في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات, هي الحوسبة السحابية وهي كما يوضح د/حسن عتمان نائب رئيس جامعة المنصورة مستقبل التوجه التقني الحديث في عالم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات. ومصطلح السحابية هو مجاز عن الانترنت علي اعتبار أن الانترنت يعمل في الفراغ الالكتروني الذي يشبه السحاب, بينما مصطلح الحوسبة تعني الأعمال الكمبيوترية وبمعني آخر إنها أسلوب جديد من الأعمال الكمبيوترية تتمثل في نموذج كمبيوتري يقوم بتحديد المهمات لمجموعة من الاتصالات و البرمجيات و الخدمات التي يتم استخدامها من خلال الشبكة العنكبوتية, وتعتمد البنية التحتية للحوسبة السحابية علي توفير العديد من مراكز البيانات التي تسمح بمساحات تخزينية كبيرة لكي توفر الكثير و الكثير من البرامج وخدمات للمستخدمين و الشركات, وتجدر الإشارة إلي أن هناك فرقا هائلا بين الحوسبة التقليدية و الحوسبة السحابية, فمن المعروف أن الحوسبة التقليدية تعمل باستخدام جهاز خادم واحد فقط لكل مكان أو منطقة وهذا الجهاز دائما في حاجة إلي صيانة, وينبغي وضعه في مكان مكيف علي مدار العام هذا بالإضافة إلي استهلاكه العالي للكهرباء علاوة علي محدودية مساحة تخزينه للبرامج والمعلومات. أما عن الحوسبة السحابية فمن خلالها يمكن تخزين البرمجيات والمعلومات علي آلاف من أجهزة الخادم غير المرئية للمستخدم وفقا لاتفاقات وبروتوكولات مع دول العالم حيث ترسل هذه الأجهزة مخزونها لجهاز خادم واحد فقط الذي يقوم بدوره في التعامل مع المستخدمين و يمكن للمستخدم طلب البرمجيات و الخدمات المطلوبة لحظيا و يقوم دائما المطورون بتحديث هذه البرمجيات بصفة مستمرة. وأهم الميزات الجديدة أن الحوسبة السحابية تقوم بالتعامل مع منتجات الكمبيوتر من برامج ومعلومات, ونحو ذلك علي اعتبار أنها مرفق من المرافق العامة مثل الكهرباء و المياه و الغاز بحيث يقوم المستخدم بسداد مبالغ نظير الانتفاع من هذه الخدمات المطلوبة فقط دون سداد مبالغ شهرية أو سنوية سواء كان هناك استخدام لهذه التقنية من عدمه كما هو متبع الآن, مما سبق نجد أن النتائج الفلسفية في عالم الانترنت هدمت الفكر الفلسفي القديم برمته وفتحت الطريق لكل الأعمال التقنية الحديثة ذات الصلة بتداول المعلومات و البرامج عبر الفضاء الالكتروني والتي تنطوي علي إضافة جديدة إلي الثروات التكنولوجية الحديثة. وقد أولت الدولة اهتماما كبيرا بهذا المجال حيث تم إنشاء أول مركز استرشادي للحوسبة السحابية في جامعة أسيوط من خلال اتفاقية بين وزارة التعليم العالي ووزارة الاتصالات تأتي هذه الاتفاقية في إطار التوجه نحو مواكبة الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم في هذا المجال لكي تتواكب مصر مع التطورات و التغيرات المتلاحقة في استخدامات تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات في مختلف الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية ودعم تنمية الأعمال الالكترونية وصناعة تكنولوجيا المعلومات. ومن هذا المنطلق ينبغي علي الجامعات المصرية والمؤسسات التعليمية المتخصصة أن تولي اهتمامها نحو إعداد كوادر علي درجة عالية من التخصص وتعبئة القدرات الكامنة لهم للتعامل مع مثل هذه التقنيات الحديثة مع ضرورة إخضاعهم للتدريب الاحترافي و التأهيل المستمر ذلك بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من أجل الإلمام بتقنيات العصر الحديثة ليتمكنوا من أداء فاعليتهم نحو تقديم خبراتهم التقنية لبلادهم ليصبحوا قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني و التقدم التكنولوجي.