ونحن علي أبواب شهر رمضان, طالب علماء الدين بإنهاء الفرقة والخلافات السياسية علي اختلاف أنواعها, من أجل إعادة بناء وحدة المجتمع والأمة الإسلامية بأكملها، ونادي علماء الدين المسلمين جميعا أن يعظموا هذا الشهر المبارك الذي أنزل فيه القرآن باعتباره أعظم الشهور حرمة عند الله بأن يرجعوا فيه عن خلافاتهم,يقول المولي عز وجل: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين. ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, إن شهر رمضان فرصة لإنهاء هذا الخلل الموجود حاليا, فلاشك أن جميع الفرقاء علي الساحة السياسية يودون في هذا الشهر الكريم بجانب التقرب الي الله في هذه الأيام التي تصفو فيها النفوس وتتغلغل غذاء الروح في أعماق كل صائم أن يحقق شيئا نافعا لوطنه ولأمته, وأقصر الطرق تحقيقا لمصلحة المجتمع والوطن والأمة هو إزالة حالة الفرقة والانقسام التي أسفرت عن حالة من التصارع والاحتقان وهي بالقطع غريبة عن طبيعة الشعب المصري الطيب ولا يرضي عن هذه الفرقة أحد خاصة أن الجميع يحكمهم هدف واحد هو مصلحة الأمة المصرية و تلك المصلحة التي يسفر عنها مصلحة الأمة الإسلامية بأسرها باعتبار أن مصر هي قطب الرحي وعماد الأمة الإسلامية وقلبها النابض, وليتذكر هؤلاء جميعا أن الأمجاد المصرية التي تكسرت علي صخورها غزوات المحتلين من الشرق والغرب إنما تحقق بفضل اتحاد الأمة بكل فرقائها وبصلابة نسيجها الوطني إيمانا بقوله تعالي: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وأن هذه الوحدة كانت هي العامل الرئيس في انتصار الأمة علي كل أعدائها, نذكر من هذه الانتصارات انتصارها علي التتار في موقعة وإسلاماه, وكذلك علي الصليبيين وفي العاشر من رمضان, علي أساس أن الجميع كان يعلم أن العدو عدو الدين والوطن إنما يبني خططه في إضعاف هذا الوطن علي أساس تعميق الانقسام والطائفية في المجتمع وهو ما أدركه المصريون لأنهم يعلمون مدي حرص الدين وعدم التنازع والتفرق وذلك لقوله تعالي: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين. التوحد.. فريضة ويضيف الدكتور الجندي قائلا: إنه إيمانا بذلك فقد كانت فريضة التوحد هي معيار انتصار الأمة علي أعدائها والواقع أنه استلهاما لزاد التقوي الذي هو غاية المسلم الصائم في شهر رمضان فإن تحقيق المصالحة الوطنية وتعميق جانب المودة ينبغي أن يترجم إلي واقع عملي وذلك عن طريق المصالحة ورأب الصدع ومد جسور الثقة, وتحقيق المصالحة بين الفرقاء السياسيين خاصة أن الجميع يعلم حرص القرآن علي هذه المصالحة بقوله تعالي: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم, وقوله تعالي أيضا: إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون فليغتنم كل الفرقاء والمصريين جميعا هذا الشهر الكريم لاستعادة هذه الفريضة الغائبة بيننا في الآونة الأخيرة باعتبار أن المصالحة هي أساس قوة الوطن ووسيلة تحقيق عزته وكرامته والعنصر الفعال في تحقيق تقدمه وارتقائه والسبيل لوأد الفتن وتفويت الفرصة علي أعداء هذا الوطن. منافع الصيام ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف, أن من تعظيم شعائر الله التعايش الوجداني فيما يعرف بالتوجه القلبي الذي ينتفه به الإنسان في سلوكياته وتصرفاته لنفسه أو مع غيره, قال الله عز وجل: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب, بالمثال يتضح المقال الصلوات إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر, والصيام لعلكم تتقون, والزكاة كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم, والحج ليشهدوا منافع لهم, وتغتنم الشعائر العبادية في المناخ العام للمجتمع بالنظر إلي أثارها العملية لان العبادات بالدرجة الأولي ذات أثر عملي فليست مجرد طقوس أو شكليات صماء أو جوفاء. والصيام يحقق منافع للمجتمع في شهر رمضان فمن ذلك أن الصيام يبدأ من توقيت موحد هو أذان الفجر وينتهي عند أذان المغرب وهذا يشعر بأن الصيام عبادة جماعية يضاف إلي ذلك أن المجتمع تتجدد فيه الحياة كلها العقول بالعلم والمعرفة, والقلوب بالتنقية والتصفية والمجتمع بين أفراده بالتآلف والتعاطف والتكاتف من مواساة وإغاثة وإعانة وهناك المنافع الأخلاقية من هجران إيذاء الآخرين كما قال سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم:( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم), فحينما يكف الصائم نفسه بنفسه بوازع من داخله وبمراقبة من باطنه عن إيذاء الآخرين أو الإضرار بهم فلا عدوان بلسان أو إيذاء بيد ولا طغينة بقلب ولا نية سوء بالداخل ولا مباشرة ولا معطاه للإضرار بالغير سواء الإضرار المعنوي كالتشهير أو الإضرار الحسي كإراقة الدماء وسلب الأموال وتخريب المنشآت كل هذا وأمثالة يكف الصائمون عنه في شهر السلام شهر رمضان هذه مناسبة ليخرج المجتمع منها, من معمل عملي لتنقية النفس من الشوائب وعمل مصالحة مع الآخرين لمزيد من وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.