قرأت في بريد السبت رسالتين: الأولي بعنوان التنازلات المرفوضة!! والثانية باسم الهلاك الوشيك!! وحقيقة الحال ان الرسالتين تعكسان نظرة المجتمع للمرأة من ناحية وما كرسته تلك النظرة في وعيها الداخلي من ناحية اخري, فالرسالة الاولي تحكي تجربة طبيبة مع محاولات الزواج بدءا من استاذها الالعبان ومرورا بالشاب الذي يريدها ان تدلعه وتهاديه وتقعد له في البيت ولم تذكر شهادته العلمية ولا مقدرته المالية التي تبرر هذا الدلال وهذه البغددة التي تلقتها منه ومن اسرته. أما الرسالة الثانية فتحكي تجربة زواج بدأت بالخديعة بإخفاء امراض مستعصية في الزوج عن السيدة التي شربت بعدها المرارة في حياتها. تعليقات القراء مرآة الواقع وقد تابعتها علي الموقع الإلكتروني لجريدة الأهرام في باب البريد وقد طالبوا صاحبة الرسالة الأولي بالصبر علي الخطيب الشاب وكأنه عليها ان تنسي تعليمها وتقدم له الهدايا في سبيل رضائه عن الزواج بها ولم يتطرق أحدهم لحقها في عزة النفس والاختيار بلا ضغوط فعليها فقط قبول كل ما يفرض عليها!! أما صاحبة الرسالة الثانية فشكروها علي صبرها وعلي أنها نعم الزوجة الصالحة.. هكذا بمنتهي البساطة ولم يذكر أحدهم حقها في معرفة حقيقة من يتقدم للزواج منها وماذا لو كان المرض فيها؟ ألم يكن ليطلقها جزاء لعدم صدقها؟! فالمجتمع يري في المرأة كائنا درجة ثانية عليها ان تضحي في سبيل الزواج بشهادتها وكرامتها واستقرارها النفسي, وهو ما يفسر زيادة حالات الطلاق, حيث إن كثيرا من الزوجات عجزن عن الاستمرار مقهورات وكثيرا من الرجال ايضا لم يقبلوا ان تكون لزوجاتهم إرادة وكثيرا من الزوجات لو لم تقبلن بحالهن المأساوي لزادت نسبة الطلاق عن النسبة المعلنة, صحيح ان الزواج مرحلة لهن, لكنه الزواج السوي القائم علي الاحترام لا القهر وفي ظل ما يري انه ازمة زواج ظهرت التناكة من الرجل أيا كان علي المرأة أيا كانت علما ومقاما. الزواج ليس منة علي المرأة فمن حقها ان تختار, وأن تحتفظ بعملها وعلمها تأمينا لمستقبلها, ثم ماذا لو غدر بها زوجها أو أصيب بمكروه كما حدث مع صاحبة الرسالة الثانية؟ إنها ازمة نظرة للمرآة قبل اي شئ,, * تلقيت هذا التعليق من الدكتور حسام محمود أحمد فهمي استاذ هندسة الحاسبات الذي ينصف فيه المرأة, مؤكدا ان من حقها ان تختار شريك حياتها وأن تكون علي قدم المساواة مع الرجل لا أن ينظر اليها المجتمع هذه النظرة الدونية التي تجعل الرجل صاحب الكلمة العليا في كل شئ حتي في تقرير مصير زوجته. وأحسب أنه علي حق في جانب كبير مما ذهب اليه, واعتقد ان الكثيرين يشاركوننا هذا الرأي, اذ لا تستقيم الحياة بدون زوج وزوجة متفاهمين يكمل كل منهما الآخر ويكون حريصا عليه ويري فيه صورته ولايبخسه حقه في ان يكون له رأيه الذي قد يكون هو الرأي السديد بصرف النظر عن كونه رجلا او امرأة فهما جناحا الحياة.. وبالتالي فلايمكن الاستغناء أبدا عن أي منهما.