أكد الرئيس محمد مرسي رفضه للدعوات المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة, وتعهد بعدم اندلاع ثورة ثانية في مصر, ليضع نفسه في اختبار لقوة شعبيته في الشارع في الذكري الأولي لتوليه رئاسة البلاد. وفي حوار خاص مع صحيفة الجارديان البريطانية, تمسك الرئيس مرسي بتحديه لمطالب المعارضة بانتخابات مبكرة, مؤكدا أن لن يقبل أي انحراف عن الشرعية الدستورية, معللا ذلك بأن استقالته المبكرة من منصبه ستقلل من شرعية من سيخلفونه, مما سيخلق حالة من الفوضي اللانهائية. وأوضح قائلا: إنه إذا غيرنا رئيسا منتخبا وفقا للشرعية الدستورية, فإن هذا سيسمح لمعارضي الرئيس الجديد بالمطالبة بتنحيته هو الآخر في غضون أسبوع أو شهر من توليه الرئاسة. وشدد في الحوار الذي أجراه معه الصحفيان ديفيد هيرست وباتريك كينجسلي علي أنه لا مجال هناك للحديث عن معارضة الشرعية الدستورية, فيمكن أن تكون هناك مظاهرات أو تعبير للمواطنين عن آرائهم, لكن الالتزام بالدستور نقطة حاسمة. وشدد الرئيس مرسي- في الحديث الذي نشرته الصحيفة البريطانية أمس علي موقعها الإلكتروني- علي ثقته الكاملة في أن الجيش لن يتدخل أبدا للسيطرة علي السلطة في البلاد. كما اتهم الرئيس وسائل الإعلام الخاصة بالمبالغة في تقييم قوة معارضيه, محملا أنصار الرئيس المخلوع حسني مبارك مسئولية العنف الذي تشهده المدن المصرية منذ عدة أسابيع. وأكد مرسي أن وسائل الإعلام ركزت علي أحداث محدودة وصغيرة من العنف وضخمتها لتصور البلاد علي أنها تعيش في حالة عامة من العنف, مشيرا إلي أن المواجهات والأحداث الأخيرة من تدبير الدولة العميقة وفلول النظام السابق الذين استأجروا البلطجية لمهاجمة أنصاره من الإخوان المسلمين, وأكد أنهم يمتلكون المال الذي جنوه من الفساد, ويستغلون هذا المال الفاسد لإعادة النظام السابق إلي السلطة. ويدفعون هذا المال للبلطجية, وهو ما يؤدي لاندلاع العنف. وعلي الرغم من رفض الرئيس مرسي تحديد أسماء الدول التي يتهمها بالتدخل في الشئون المصرية, فإنه أصر علي وجود تدخل أجنبي في مصر. ورفض بشدة توجيه أصابع الاتهام إلي السعودية أو الإمارات, مؤكدا أنه يتحدث بشكل عام, وقال: أي ثورة لديها أعداؤها, وهناك من يرغب في عرقلة مسار الشعب المصري نحو الديمقراطية, وهذا لا يعني أن هذا الأمر مقبول ولكننا نراه في كل مكان. وفي اعتراف نادر, رصدت الصحيفة أن الرئيس مرسي اعترف للمرة الأولي- في وسائل الإعلام الأجنبية- بأنه ندم علي استغلال سلطاته لتمرير الدستور الجديد المثير للجدل, وهي الخطوة التي اعتبرتها المعارضة ديكتاتورية, وأوضح لقد أسهم ذلك في شكل من أشكال سوء الفهم في المجتمع. لينأي بنفسه عن البنود المثيرة للجدل في الدستور الجديد, والذي يفتح الباب أمام تدخل الشريعة في التشريع المصري. وشدد مرسي: لم يكن أنا الذي غير من هذا البند. فلم أتدخل في عمل اللجنة الدستورية علي الإطلاق. وأضاف الرئيس أنه بمجرد انتخاب مجلس الشعب, فإنه سيسارع بشكل شخصي لطرح التعديلات الدستورية للمناقشة في أول جلسة لمجلس الشعب الجديد. وأكدت الصحيفة أن مرسي حمل الساسة العلمانيين مسئولية الانقسامات الراهنة, من خلال رفضهم للمشاركة في العملية السياسية, كما نفي أن استحواذ الإسلاميين علي حكومته. وعدد العروض التي قدمها لغير الإسلاميين للمشاركة في الحكم, ولكنها قوبلت بالرفض. إلا أنه دافع في الوقت ذاته علي حقه كرئيس منتخب في تصعيد حلفائه. وأكد هذا هو المفهوم الحقيقي للديمقراطية. ونفي مرسي تماما أن يكون قد عرض أي منصب علي الزعيم المعارض محمد البرادعي, لكنه أكد أن الوزيرين منير فخري عبدالنور وجودة عبدالخالق- اللذين ينتميان لمعسكر المعارضة- تركا الحكومة ضد رغبته. وعاد مرسي ليؤكد أن عرض الحوار مع المعارضة مازال مستمرا ومفتوحا, وذلك بالرغم من أن المعارضة تري أن هذه الاجتماعات مضيعة للوقت. وحول رفض مرسي انتقاد الشرطة حتي في ظل وجود وقائع محددة لسوء استخدام الشرطة لسلطاتها, أكد مرسي أن امتداحه للشرطة أو الجيش يأتي بشكل عام, مشددا علي أن هذه المؤسسات جيدة بشكل عام, وإذا كانت هناك انتهاكات معينة أو جرائم من أفراد بعينهم, فالقانون سيأخذ مجراه. وشدد أنا أدعم المؤسسة, وليس الأفراد, فعدد الذين يرتكبون هذه الانتهاكات محدود للغاية مقارنة بالمؤسسات. وقالت الصحيفة البريطانية إنه خلال الحوار الذي استمر ساعة مع الرئيس, فقد شدد مرسي علي أن المسئولين من عهد مبارك غضوا الطرف عن إصلاح مؤسسات الدولة بما فيها وزارة الداخلية, وهو ما أعاق مسيرة الإصلاح. كما أكد أن عناد الدولة العميقة وتأثيرها علي إدارة الدولة ورغبة البعض من النظام القديم في استمرار الفساد, هو أسوأ ما واجهه في عامه الأول من الحكم. ورغم إحباطه من الدولة العميقة, شدد مرسي علي ثقته في قيادة الجيش المصري, وتحديدا وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي, معترفا بأنه لم يكن لديه علم مسبق بتصريحات السيسي الأسبوع الماضي, والتي قال وزير الدفاع فيها إنه سيمهل السياسيين المدنيين فرصة أسبوع لحل خلافاتهم. وقال مرسي: نحن نتحدث معا بشكل مستمر, لكننا لا نستطيع أن نفرض قيودا علي كل كلمة يصرح بها المسئولون في مصر, مؤكدا أن الجيش مشغول الآن بشئونه الداخلية فقط. وحول القضايا السياسية التي ينظرها النائب العام طلعت عبد الله ضد الناشطين السياسيين وشخصيات إعلامية بارزة, أكد الرئيس أن النيابة العامة تعمل بشكل مستقل تماما عنه, وأن هذه القضايا رفعها مدنيون أو محامون, وكل ما فعله النائب العام هو التعامل مع تلك القضايا, فالقضاء والنائب العام مستقلان تماما, وطالب كل من لديه دليل علي تدخله في سير هذه القضايا, بتقديمه لإثبات حجته. وشدد مرسي علي أنه مستمر في الحكم حتي نهاية فترته الرئاسية, مؤكدا في الوقت نفسه أنه واجه عاما في غاية الصعوبة, معربا عن اعتقاده أن السنوات القادمة ستكون صعبة أيضا, لكنني آمل أنني وقتها سأقوم بأفضل ما لدي لتلبية حاجات الشعب المصري والمجتمع.