قدمت الدراما كثيرا من الحالات لذوي الاحتياجات الخاصة, بعضها كانت تعبيرا حقيقيا عن معاناتهم, ومعظمها لم يكن كذلك علي الإطلاق, فهل يتأثر ذو الاحتياجات الخاصة بصورتهم في الدراما؟ يجيب د.حسن عماد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة ويقول: إن الدراما تغرس في نفوس ذوي الإحتياجات الخاصة الشعور بالنقص الذي ينتج عنه دفعهم إلي العزلة وفقدهم الثقة في أنفسهم نظرا للنماذج غير المقبولة لهم في الأعمال الفنية, والتي تثير التعاطف معهم والشفقة عليهم, وهو ما يرفضونه تماما لرغبتهم الإنسانية الطبيعية في التعامل معهم مثلما الحال بين البشر الأصحاء. ويؤكد د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة علي أن الدراما تتغافل عن ذوي الاحتياجات الخاصة تماما, فلم تقدم الأفلام أو المسلسلات إلا قليل من كثير من النابغين والمتفوقين منهم, ومن الممكن أن تمثل رحلة كفاح كل منهم عملا دراميا ناجحا قادرا علي جذب المشاهدين مثل مسلسل( الأيام) لطه حسين, إلا أن الإنتاج الدرامي أصبح خاضعا لعنصر التسويق الذي يفرض علي صناعها تقديم موضوعات تقليدية لا علاقة لها بمعاناة ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي دراسة ميدانية للباحثة ريهام فرغلي محمود بعنوان( صورة ذوي الإحتياجات الخاصة في الأفلام السينمائية التي يقدمها التليفزيون المصري وأثرها علي إدراك الجمهور للواقع الإجتماعي لهم) أجرتها علي عينة عشوائية عددها400 من المشاهدين بالقاهرة والجيزة, وبتحليلها لمضمون عينة عمدية من الأفلام التي قدمت في أحداثها شخصيات درامية من ذوي الاحتياجات الخاصة في أدوار رئيسية وثانوية عرضتها القنوات الأولي والثانية والثالثة في عام كامل, كشفت النتائج عن تصدر الإعاقة الحركية للشخصيات المعروضة ويليها فقد البصر, وارتفاع نسبة عدم وضوح سبب الإعاقة, وقدمتهم الأفلام بنسبة مرتفعة جدا علي أنهم يعيشون في مستوي إقتصادي منخفض, وهي نتيجة معبرة عن الواقع الفعلي لهم, وقد جاء احتراف التسول في مقدمة الأعمال التي تمارسها النساء من ذوات الاحتياجات الخاصة بما يؤدي إلي ترسيخ صورة سلبية لها, وتضاءلت نسبة( الاعتماد علي جهاز تعويضي) من اجمالي الخصائص الشكلية لذوي الاحتياجات الحركية الخاصة, وتصدرت( عيوب في النطق والكلام) مقدمة السمات الشكلية لذوي الاحتياجات العقلية الخاصة يليها القيام بتصرفات عدوانية ثم اضطراب الحركة ثم الضحك غير المبرر وأخيرا نسبة تشوه شكل إحدي العينين وجميعها سمات سلبية توضح المظهر لهم بشكل مشوه يدعو إلي النفور, وقد تصدر كل من( الحزن والحسرة) مقدمة السمات النفسية السلبية لهم في الأفلام, ويليها( حدة المزاج) ثم( الشعور بالعجز والفشل) ثم( الشعور بالصراع النفسي), وبدت تلك الصفات متفقة مع الواقع الفعلي لهم مثلما تبين من خلال الدراسات النفسية التي أجريت عليهم, وبنسبة مرتفعة ركزت الأفلام علي تقديمهم في أدوار ايجابية تتسم بالخير والنفع للآخرين, كما أن نوع الإعاقة لم يؤثر علي طبيعة أدوارهم في الدراما, وكشف التحليل النفسي لسماتهم عن وجود صفة إيجابية واحدة تقدمها الأفلام وهي( الرغبة في الاستقرار وتكوين أسرة).