نظام الثانوية العامة الجديد المقرر تطبيقه اعتبارا من العام المقبل يثير علامات استفهام كثيرة.. فالقرار الذي يحمل رقم88 لسنة2013 لم يأخذ برأي المجلس الاعلي للجامعات كما يحتاج وقتا طويلا لتطبيقه ابتداء من المرحلة الابتدائية, بل ويلزم الطلاب بدراسة انشطة ليس لها وجود علي أرض الواقع. الخبراء التربويون يحذرون من فشل النظام الجديد خاصة انه حدد مواد يمتحن فيها الطالب لامركزيا( التربية الدينية والقومية لجميع الشعب, والاقتصاد والاحصاء للمجموعة الأدبية, والجيولوجيا والبيئة للمجموعة العلمية) مما يفتح الباب واسعا امام الفساد. في البداية يقول الدكتور أحمد حجي رئيس برنامج تطوير كليات التربية ان قرار وزير التربية والتعليم بالنظام الجديد للثانوية العامة لم يأخذ للأسف برأي المجلس الأعلي للجامعات خاصة لجنة قطاع التربية ولم يحاول حتي استشارتها فالنظام الجديد هو انفصال بين التعليم الثانوي والجامعي مع وجود ثغرات تجعل مواد تنبع من المدرسة والمدرس وتفتح المجال للفساد ولحصول الطالب علي درجات النجاح مع أهمية هذه المواد مثل الجيولوجيا. كما أن هذا النظام الجديد يحتاج تطويرا بداية من المرحلة الابتدائية ليتواءم الطالب معه مستقبلا فليس منطقيا أن نبدأ من أعلي دون اعداد للمنتقل لهذه المرحلة أو حتي السنة الثالثة بالثانوي, فالعملية هنا أشبه بالترقيع. أما الدكتور حسني السيد خبير التعليم وأستاذ العلوم التربوية فأكد أن القرار الوزاري رقم88 الذي صدر في26 مارس الماضي استند للقانون139 لسنة1981 بشأن تنظيم العملية التعليمية والذي يتيح للوزير اصدار قرارات لتنظيم العمل التعليمي والخطط الدراسية والمناهج ونظم الامتحانات وهو ما يعتبر تفويضا مطلقا بما يشكل صورة من صور الديكتاتورية نتيجة تجاهل آراء المختصين والخبراء مما يهدد بفشله مثل كثير مما حدث مع نظم الثانوية العامة من نظام سنتين ونظام التحسين إلي السنة الواحدة الفجائية دون تمهيد, وهو ما سبب خللا شديدا نتيجة قرار أقرب إلي السياسي منه إلي التربوي والتعليمي, مع تجاهل مسئولية ودور الإدارة التعليمية, وإدارة المدرسة والمدرس, حتي الطالب في صياغة هذا القرار. فهو معظمه كلام انشائي لا معني له وبعضه بدهي مثل السماح للطلاب الراسبين للمرة الأولي في هذا العام ووفق نظام المرحلتين بالانتظام دراسيا ومن رسبوا للمرة الثانية يدخلون في نظام المنازل. الوهم وقال: إن من الملاحظات أيضا أن القرار جاء أقرب إلي الوهم من الحقيقة, فهو يؤكد إلزام الطالب بدراسة إحدي مواد الأنشطة وهي: تكنولوجيا صناعية أو إدارة أعمال ومشروعات لطلاب الشعب الثلاث وكذلك في المجال الزراعي. وأكد أن ذلك يستحيل لأنه لا توجد أماكن لأي من هذا النشاط أو حتي مدرسون لتدريسه إن وجدت الأماكن, مع إلزام الجميع بأداء امتحان بالفترتين بالمدرسة, فأين ذلك المدرس أو الطالب بالثانوي العام الذي سيضيع مجهودا في مواد تكنولوجيا أو اعمال التكييف والتبريد في أنشطة بعيدة عن هدفه الدراسي, في الوقت الذي تأكد فيه ضرورة التزام معلمي الدروس العملية أو الأنشطة بأداء حصصهم مع أن الوزارة تعلم جيدا أن المدرسين غير مؤهلين إن وجدناهم, ولا تعرف أن نظام امتحانات مواد المجالات الذي تحدده فشل كثيرا مما أضطرها من قبل إلي إلغائه لأنه ليس له كتاب أو منهج أو مدرس دبلوم صناعة بالثانوي العام, ويؤكد القرار منع طلاب المنازل من الترتيب ضمن أوائل الثانوية العامة وهذا ظلم طبعا. ويضيف الدكتور محمد فتح الله الباحث بمركز الامتحانات القومي أن أغرب ما في القرار أنه جعل هناك مواد يمتحن فيها الطالب علي مستوي المديرية فقط وبذلك تلغي من جدول الامتحان في آخر العام وتكون مواد رسوب ونجاح فقط ويتم تصحيحها مثل الأنشطة في داخل المدرسة وهي: التربية الدينية, والتربية القومية لجميع الشعب ثم الاقتصاد والاحصاء للمجموعة الأدبية والجيولوجيا والبيئة للمجموعة العلمية ومطلوب مذاكرتها ولا تضاف للمجموع. وأشار إلي أن القرار الوزاري قسم المواد الدراسية التخصصية علي الشعب الثلاث بالثانوية العامة علي أن تكون اللغات العربية والأجنبية الأولي والثانية علي جميع الشعب بينما تخصص مواد الشعبة العلمية( علوم) في الأحياء والكيمياء والفيزياء ولشعبة الرياضيات: فيزياء وكيمياء ورياضيات(2) ولشعبة الأدبي: تاريخ وجغرافيا ويختار الطالب احدي المادتين ومن علم النفس والاجتماع أو الفلسفة والمنطق في حين لم يذكر أي شئ عن مادة المستوي الرفيع التي تميز الطلاب النابهين والموهوبين, وتكشف هذه المواد التخصصية المدرجة للامتحانات أسلوبا غير علمي, لأن المتعارف عليه دوليا أن طالب التخصص لابد أن يدرس شيئا من التخصص المقابل لأنه ليس معزولا عن هذه الدنيا. وقال خبير التعليم والامتحانات إن فكرة أن تكون الثانوية العامة مؤهلة لسوق العمل هي وهمية لأن الخريج ليس متخصصا في أي شيء ودراسته نظرية بالدرجة الأولي, كما أن المتخصصين لا يجدون العمل وهم ملايين, فإذا تخيلنا أن خريج الثانوية وجد عملا وانشغل5 سنوات حسب القانون فلو عاد للجامعة هل سيتذكر أي شيء عن التعليم والعلم, في الوقت الذي تغيب فيه المدرسة عن دورها الحيوي العملي المؤهل للجامعات مع غياب المعلمين الأكفاء عن الأداء بالفصل نتيجة غياب معظم الطلاب وبنسبة90% حسب البيانات الرسمية نفسها. أما الدكتور كمال مغيث أستاذ البحوث التربوية فيؤكد أن قرار الوزير باطل قانونا لسبب بسيط وهو أن المادتين26 و27 من قانون التعليم تنصان علي أن أي تعديل علي نظام الثانوية العامة أو القانون أو خطط الدراسة, يعرض علي المجلس القومي للتعليم قبل الجامعي والمجلس الأعلي للتعليم الجامعي, وأن الحقيقة أن الأول غير موجود, لأن د. أحمد زكي بدر ألغاه منذ3 أعوام. الجريمة وتساءل الخبير التربوي كيف نجعل مادة الجيولوجيا والبيئة خارج المجموع, ويؤديها الطالب في الفصل ويصححها مدرس المادة فهذه جريمة بكل المقاييس فهناك عذر في التربية الدينية والوطنية دعما للوطنية والوحدة. ويضيف الخبير التربوي أن أخطر ما يظهر أن هذا القرار خاطئ أنه سيطبق علي طلاب الصف الثاني الثانوي الحالي, بينما المعروف أن أي نظام جديد يطبق علي بداية المرحلة أي علي طلاب الاعدادية هذا العام بعد دخولهم الصف الأول الثانوي. أما الدكتور علي حلمي عبدالعاطي, أستاذ الجيوفيزياء والبترول بجامعة أسيوط, فيبدي تعجبه من عدم إدراك خطورة مادة الجيولوجيا ومبادرة الوزارة بالغائها فعليا لتحل محلها مادة اللغة الفرنسية بالصف الثالث الثانوي, مؤكدا الأهمية القصوي لمادة الجيولوجيا باعتبارها من العلوم الأساسية التي تدرس كمادة متصلة بالثانوية والاعدادية بكل دول العالم الخارجي والعربي ومعادن وغاز طبيعي, ومواد البناء لاقامة المدن والمجتمعات, ولها دور جوهري في اكتشاف الثروات والكنوز في الأراضي المصرية, وتحديد مواقع اقامة المشروعات من مدن ومجتمعات عمرانية وكباري وانفاق وطرق ومحطات نووية ودراسة كوارث الطبيعة من زلازل وبراكين وفيضانات وتغير في المناخ ونحر الشواطئ, ولولاه لفشلت معظم المشروعات الكبري في أي دولة.