في تأكيد علي شرعية التحفظات المصرية علي مشروع سد النهضة الأثيوبي, نشرت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية للأنباء أمس خريطة لمصر لتكشف من خلالها واقعية المخاوف المصرية من عواقب بناء هذا السد. وأشارت الوكالة في تقريرها إلي أن الصراع من أجل السيطرة علي نهر النيل معقد وتمتد جذوره عبر التاريخ, وهو ما أرجعته إلي سياسات المحتل البريطاني في الماضي إلي جانب الأسباب الاقتصادية والبيئية. إلا أن الوكالة أكدت في تقريرها أنه علي الرغم من عمق الصراعات, لكن التزام مصر بالحفاظ علي سيطرتها علي نهر النيل من السهل تفسيره بحقيقة بسيطة وهي أن: النيل هو مصر, ومصر هي النيل. وأشار التقرير إلي أن مصر هي أكثر دول الشرق الأوسط اكتظاظا بالسكان, حيث يقترب عدد سكانها من ال90 مليون نسمة, في حين أن97% من أراضيها صحراء جدباء. ووفقا لمنظمة الغذاء والزراعة فإن99% من الشعب المصري يتركزون في ال3% المتبقية من الأراضي المصرية وهي عبارة عن شريط ضيق علي نهر النيل ودلتاه. كما حاول التقرير رصد أزمة سد النهضة منذ بدء التفاوض حول اتفاقية عنتيبي التي رفضت مصر التوقيع عليها, كانعكاس لرفضها لفكرة بناء مثل هذا السد علي منابع النيل. وعلي صعيدمتصل, حذرت صحيفة زيمبابوي إندبندنت امس الاول من أنه بحلول عام2025 ستعاني مصر من صعوبة توفير الغذاء ل95 مليون مواطن, حتي لو زادت الكميات التي تستوردها من الغذاء أو احتفظت مصر بحصتها الحالية من مياه النيل. وأشارت الصحيفة في تقريرها إلي أن الدول التي وقعت علي الاتفاقية الإطارية لمياه النيل سيبلغ عدد سكانها300 مليون نسمة ما يعني أنها ستستهلك كميات أكبر من المياه لأغراض الري. وأوضحت أنه بدون تلك الكميات من المياه, فستكون خيارات مصر إما إعداد نفسها لاستيراد كميات هائلة من الغذاء, في ظل تآكل الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية أو المجاعة, أو اتخاذها قرارا بالحرب, ولكن هذا الخيار ليس جيدا, فمصر بعيدة جدا عن دول منابع النيل- أطول أنهار العالم- والتي تجد دعما قويا من الصين التي تمول وتضع خطط معظم السدود هناك حاليا. وأوضحت أن الشهر الماضي, بدأت إثيوبيا في تحويل مياه نهر النيل الأزرق, من أجل بناء سد النهضة, وهي محور خطة البلاد لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في إفريقيا, مشيرة إلي أن مصر اعترضت علي الفور, لأنها تعتمد كليا علي مياه الري من نهر النيل لزراعة المحاصيل الغذائية لها. وقالت الصحيفة, أن مصر حتي الآن, يجب أن تستورد ما يقرب من40% من احتياجاتها الغذائية, في ظل الزيادة السكانية الرهيبة وفي حالة نقص المياه الواردة من نهر النيل بشكل ملحوظ, فسيعاني المصريون من المجاعة. كما أشارت إلي معاهدة1929 والتي تعطي دول المصب وهي مصر والسودان نحو90% من مياه النيل, علي الرغم من أن كل مياه النهر تأتي علي شكل أمطار من دول المنبع وهي: إثيوبيا, أوغندا, كينيا, تنزانيا, رواندا وبوروندي, حيث إن دول المنبع بدأت في استخدام المياه لأغراض الري أيضا. وأكدت الصحيفة أن سعة الخزان تبلغ63 مليون متر مكعب من المياه, بينما تبلغ حصة مصر السنوية من مياه النيل5,55 مليون متر مكعب. وأضافت أنه في حالة ملئ إثيوبيا الخزان في خمس سنوات, فإن هذا يعني خفض20% من حصة مصر المائية من نهر النيل لنفس الفترة, وحتي بعد ذلك, سيكون هناك خسارة سنوية كبيرة بسبب التبخر. وعلي الصعيد الأثيوبي, جددت صحيفة العلم الأثيوبية الرسمية أن بلادها لن توقف أو تؤخر عملية بناء سد النهضة علي النيل الأزرق, مشيرة إلي أن بلادها أكدت مرارا وتكرارا أنها لا تهدف من وراء هذا السد إلي إقامة مشاريع زراعية يمكن أن تؤدي إلي نقص كمية المياه المتدفقة إلي دولتي المصب بل أن الهدف منه هو توليد الطاقة الكهربائية التي ستعود بفوائد كبيرة علي دول المنطقة. ودعت الصحيفة في هذا الصدد إلي العمل علي تعزيز العلاقات بين البلدين وذلك بوضع المصلحة العليا لشعبي البلدين في الاعتبار. وكانت الحكومة الاثيوبية قد اعلنت في وقت سابق ان موقفها واضح للغاية, وانها تقبل كل توصيات تقرير لجنة الخبراء الثلاثية المعنية بدراسة آثار سد النهضة بنية خالصة معبرة عن الأمل في أن تبحث مصر المرحلة المقبلة من بناء مع اثيوبيا والسودان, بهدف تطبيق التوصيات التي قدمتها اللجنة لحكومات الدول الثلاث. وأكدت وزارة الخارجية الإثيوبية في تقريرها الصحفي الأسبوعي إنها ستمضي قدما في مشروعها وفقا للمعايير الدولية المطلوبة كما أكدتها اللجنة, موضحة أن التقرير النهائي للجنة الخبراء يؤكد ان مشروع السد يتم تنفيذه بكفاءة مهنية وبمعايير معترف بها دوليا وان الدراسات والتصميمات اللازمة الخاصة بالمشروع تجري كما هو مطلوب علي مراحل مختلفة وسيجري تحديثها لكي تراعي بعض المخاوف التي اثيرت في تقرير اللجنة.