ظن الكثيرون أنها شقيقة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس للتشابه الذي جمع بينهما في الأسم والشكل والطموح أيضا إلا أنهما في الحقيقة ليستا شقيقتين وليست بينهما أي صلة قرابة. فسوزان رايس التي كانت حديث وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية عقب تعيينها مستشارة للأمن القومي لتعلن أنها تمشي علي درب سالفتها كونداليزا قد بدأت أولي خطواتها تجاه تحقيق طموحها بأن تصبح وزيرة الخارجية ولكن كما أختلف عصر كل منها فكونداليزا كانت في عهد بوش وسوزان في عهد أوباما فلابد أن أداءهما سيختلف أيضا. ربما يكون بسبب جذورهما الأفريقية الموحدة أو لولعهما المشترك بكرة السلة أو لتفوقهما المهني, فأن الرئيس أوباما يسعي جاهدا لوضع رايس في منصب مرموق والتي كان أولها رغبته عقب فوزه بولاية رئاسية ثانية لتعيينها في منصب وزير الخارجية خاصة مع عزم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون إحالة نفسها إلي التقاعد, لكنها واجهت معارضة قوية من قبل الجمهوريين في الكونجرس بسبب التصريحات التي أدلت بها عقب الهجوم علي السفارة الأمريكية في ليبيا في11 سبتمبر الماضي والذي أدي إلي مقتل أربعة أمريكان من بينهم السفير كريستوفر ستيفنز حيث قالت:' لم يكن الاعتداء بالضرورة إرهابيا' بل كان نتيجة' تظاهرة عفوية انتهت بشكل سييء' مما جعلها في محض اتهام بتضليل الشعب الأمريكي لذا فقد جاءت المعارضة برئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس جون كيري لذلك المنصب. ولكن أوباما أصر علي تعيينها في منصب مرموق آخر وهو مستشار الأمن القومي وبالرغم من كونه منصبا رئيسيا إلا أنه لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ فقد أتي أوباما بها لتحل محل دونيلون الذي عمل أكثر من اربع سنوات مستشارا للأمن القومي مما يعد تحديا للجمهوريين. ويأتي ذلك التغيير الكبير في فريق السياسة الخارجية الذي شمل أيضا تعيين سامانثا باور الكاتبة المساعدة السابقة في البيت الأبيض لتخلف رايس كسفيرة واشنطن في الأممالمتحدة في وقت عصيب حيث وجود محادثات خارجية بشأن الموقف السوري المتأزم. ورايس-48 عاما- صاحبة الأصول الجامايكية نشأت في العاصمة واشنطن وكان والدها أستاذ الاقتصاد بجامعة كورنل والرئيس السابق لنظام الاحتياط الفيدرالي وتزوجت من منتج أمريكي صاحب أصول كندية ولديهما طفلان. وقد بدأت رايس العمل في الحياة السياسية عقب دراستها التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة ستانفورد ففي عام1988 عملت كمستشارة للمرشح الديمقراطي مايكل دوكاكيس, الذي مني بهزيمة قاسية أمام المرشح الجمهوري جورج بوش الأب. علي إثر ذلك اتجهت رايس, المشهود لها بالثقة العالية في النفس وعدم القدرة علي التعاطي مع وجهات النظر المخالفة لها, نحو القطاع الخاص وبقيت في عالم الاستشارات طيلة خمس سنوات قبل أن تعود إلي ميدان السياسة في كنف إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون حيث عينت كمديرة الأمن القومي في الفترة ما بين1993 و1997 وكسكرتيرة مساعدة للشئون الأفريقية والمسئولة عن المنظمات الدولية وقوات حفظ السلام وقد تناولت في تلك الفترة عددا كبيرا من القضايا الأفريقية الهامة ومنها جرائم الإبادة الجماعية في رواندا وسقوط السودان في أيدي الإسلاميين ثم تقلدت رايس منصب مساعد وزير الخارجية وقد كانت آنذاك لم تتعد ال33 من عمرها لتكون أصغر من يتولي منصبا مماثلا في بلادها والذي استمرت به حتي عام.2001 بعد انتهاء عهد كلينتون عادت رايس إلي التدريس الجامعي قبل أن تصبح مستشارة للمرشح الديمقراطي جون كيري الذي لم يحالفه الحظ في دخول البيت الأبيض عام2004 منهزما أمام جورج بوش الابن. وعقب هزيمة كيري اتجهت رايس لطريق مختلف حيث تفرغت للبحث في معهد بروكينجز المتخصص في العلاقات الدولية حيث ركزت دراستها علي سياسات الولاياتالمتحدة الخارجية, ومعاناة الدول الضعيفة والفاشلة, والآثار المترتبة علي فقرها في العالم, بالإضافة للتهديدات الأمنية التي تواجهها الولاياتالمتحدة قبل أن تلتحق بفريق مستشاري أوباما خلال حملته الانتخابية عام2006 في بداية طموحه الرئاسي حيث تولت منصب مستشارة مختصة بشئون السياسة الخارجية وبقيت في ذلك المنصب إلي أن توج أوباما رئيسا للبلاد عام2008 وعينها كمندوبة لبلاده لدي الأممالمتحدة بعد أن حصلت علي موافقة جماعية من مجلس الشيوخ عام2009 لتكون ثالث مبعوثة عقب جين كيركباترك ومادلين أولبرايت, وأول امرأة من أصول أفريقية تتقلد هذا المنصب. ويعرف عن رايس أنها من أكثر الديمقراطيين دعما للتدخل العسكري في أفريقيا, فهي التي حرضت علي الغزو الإثيوبي للصومال عام2006, كما أنها حاولت إقناع أوباما بالتدخل العسكري في ليبيا. أما في ما يخص الأزمة السورية الحالية فقد ذكرت أن أمريكا لن تنتظر إلي حين اتخاذ دول مجلس الأمن الموقف الصحيح منها, كما أكدت من خلال إحدي جلسات مجلس الأمن التي خصصت لمناقشة قضايا الشرق الأوسط أن الولاياتالمتحدة ستستمر في الضغط علي نظام الأسد إلي جانب دعم المعارضة السورية, كما أنها أقرت سابقا بفشل خطة أنان وذلك لان الحكومة السورية لم تتخذ الخطوات اللازمة لوقف العنف. أما بشأن القضية الفلسطينية فقد أعلنت رايس أنها تسعي للحفاظ علي السلام مع إسرائيل مما جعلها تعبر عن مخاوفها من سعي السلطة الفلسطينية إلي الحصول علي وضع مراقب في الأممالمتحدة. لاشك أن مواقفها العديدة من الملفات العالمية منذ دخولها عالم السياسة جعلت منها شخصية تحظي باهتمام الساسة ولكن تقلد رايس هذا المنصب في ذلك التوقيت تحديدا يعد من أصعب التحديات وذلك لأن الأمن القومي الأمريكي لا يحتمل مزيدا من الأخطاء خاصة في ظل الظروف التي يمر بها العالم حاليا فنجاحها ربما يؤهلها لاستكمال طموحها أما فشلها فسيعصف بتاريخها المهني.