القاعدة الثابتة في علاقات الدول أنه لا توجد صداقة أو عداوة دائمة , بل مصالح وطنية تسعي وتجتهد كل دولة لحمايتها بمختلف السبل المتاحة, سواء كانت ناعمة أو خشنة. وانطلاقا من هذه القاعدة الراسخة يجب علينا الانتباه والحذر من العزف الدائم علي نغمة تصوير إثيوبيا علي أنها العدو المتربص والمتحفز ضد مصر, وأنه لأبد من إظهار العين الحمراء لأديس أبابا, والضرب علي يدها ومعاقبتها بقسوة, حتي توقف مشروع سد النهضة الذي يهددنا بأخطار ومصائب لا يعلم حدودها إلا الخالق. فالقوة لن تزيل الخطر عن أعناقنا, لكنها ستعقد المشكلة أكثر وستجبرنا علي دفع ثمن غال لن نقدر عليه في ظروفنا الراهنة المضطربة, وتلك ليست دعوة للاستسلام والاستكانة والقبول بالأمر الواقع, وإنما دعوة للتعقل والتفكير العميق في البدائل المتاحة أمامنا للخروج من أزمة السد بأقل الخسائر الممكنة بعيدا عن التصرفات والتصريحات العنترية. فالشواهد الماثلة تؤكد أن مصر ستتعرض لا محالة لأضرار من بناء السد, وبيدنا التقليل منها إن تعاملنا مع إثيوبيا باتزان من زاوية الصديق وليس العدو عبر محاولة العثور علي أرضية مشتركة يقف عليها البلدان للتحاور. ولكي نصل لهذه المرحلة فمن واجبنا الوقوف صفا واحدا متماسكا فالموقف المصري من الأزمة ينقصه التوافق, فكل طرف علي الساحة يوظفه بأسلوب يخدم صالحه الحزبي والسياسي وليس المصلحة الوطنية. علاوة علي الحرص علي فضيلة الكتمان وعدم الانسياق خلف الاستعراض أمام كاميرات وعدسات المصورين, وأن نتعلم متي نظهر مواطن قوتنا, وإخفاء جوانب ضعفنا, وأن ندرك أن إغفالنا الطويل لقضية المياه والاستهانة بها كان سببا رئيسيا وراء نشوب أزمتنا مع إثيوبيا. لمزيد من مقالات راى الاهرام