أصبح علينا أن نتسقط ما يستجد من تداعيات أزمتنا المصرية الوطنية مع إثيوبيا بشأن سدها «النهضة» وتداعيات بناء هذا السد على حصتنا فى مياه النيل، وكذا موقف السودان الذى اختار الانحياز لمصالحه الوطنية مع إثيوبيا وغيرها من جاراتها الأفريقية، وعلى عكس ما كنا نتوقعه من مصارحة الدولة والحكومة لنا بخطط مصر الواضحة حالياً ومستقبلاً لمواجهة الموقف الإثيوبى الواضح تماماً فى إصرار إثيوبيا الأكيد على خطتها التى بدأت بتحويل مجرى الينل الأزرق!، وموقف السودان الذى يجعلنا نعمل على مواجهة إثيوبيا بتقدير ما يملى على السودان موقفه الذى تلقته مصر كأنه «مفاجأة»!، يرى المصريون أن لا أحد فى دولة مصر وحكومتها يعنى بأن الشعب المصرى يحتاج الى إيضاح رسمى لخطط الموقف المصرى حالياً ومستقبلاً رغم تسارع وتيرة الأزمة وتطوراتها بما يلح على مصر لأن تكون أمامها الآن خططها الواضحة!، خاصة أن لغة الإنشاء البليغة عن «الأخوة الأفريقية» واحترام الحقوق والجيرة مما لا يأتى بالتعرف بوضوح على آليات التعامل مع الموقف الإثيوبى!، وقد كتب زميلنا مصطفى شفيق مقاله أمس فى جريدة «الوفد» ما يذكرنا بوضوح الموقف الإثيوبى المعلن على لسان رئيس وزراء إثيوبيا الراحل «ميليس زيناوى» بتصريحات شافية ضافية لزميلنا الإعلامى عبداللطيف المناوى فى حوار مسجل منذ حوالى خمس سنوات!، وفى الحوار طبقاً لمقال زميلنا مصطفى شفيق سأل المناوى زيناوى عن سد النهضة، فكانت إجابات زيناوى: «إن بلاده محرومة من الكهرباء، ولديها الماء، وأن شعب إثيوبيا يحتاج إلى توافر مقومات النهضة وأساسها الكهرباء، وأنه لايرى معنى لأن تأخذ بلاد أخرى يقصد مصر مياه الأمطار المتساقطة على الأراضى الإثيوبية لتلقيها فى مياه البحر وتبقى إثيوبيا مظلمة»، ولكن مصر لم تحفل بأقوال زيناوى!، وساعد على ذلك وقوع محاولة اغتيال الرئيس السابق مبارك على الأراضى الإثيوبية، وهو ما كان محل قطيعة بين مصر وإثيوبيا!، ويضيف مصطفى شفيق «إننا بعد ثورة 25 يناير قد تصالحنا مع إثيوبيا بدون برنامج واضح بلا اتفاقات ولا بروتوكولات واضحة»، وأحسب أن هذا كان من أوجب أصول المصالحات السياسية بين الدول لتستقر المصالحة و تتوطد بين مصر وإثيوبيا على قاعدة متينة من المصالح!، وليس على أحاديث «المودة والمحبة» التى لا تغنى إثيوبيا عن حاجتها من الكهرباء اللازمة للتقدم!. فإذا ذهبنا إلى الجانب الاقتصادى بين مصر وإثيوبيا، فإن واقع الحال قدمه زميلنا مصطفى عبيد أمس فى «الوفد» فى مفاجأة مضمونها أن كثيراً مما كان يشاع عن تلك المصالح التجارية كان مبالغاً فيه، وكان دعائياً أكبر منه فعلياً، بل يقول رئيس مجلس الأعمال المصرى الإثيوبى بصراحة: إنه لو كانت الاستثمارات بحجم كبير فعلاً لكان من الممكن استخدامها كأداة تفاوض وتقريب وجهات النظر، ورقم الاستثمارات المشتركة بين مصر وإثيوبيا هو «1.5» مليار دولار، مما لا يمكن استخدامه خارج إطار التجارة!، ومعنى هذا الكلام أن الاستثمارات الاقتصادية الإثيوبية المصرية أضعف بكثير من أن تستخدم سياسياً!. فلا يبقى بعد ذلك أمام مصر غير أن تبادر فى خطط مدروسة لكى تطرح على إثيوبيا معاوناتها الفنية فى مجال توليد الكهرباء،ولقد كان هذا أمام مصر من سنوات طويلة!، لكن مصر أهملت، كما يرى رئيس غرفة الصناعات الهندسية أنه لا يمكن فى إطار التعامل بين دولتين ناميتين الضغط بعلاقات المصالح!، فكيف تلحق مصر بعد كل ذلك بإنجاز بناء موقف قوى لها مع إثيوبيا يرتكز على علاقات اقتصادية قوية، وإمداد مصر لإثيوبيا بخبرات فنية مهمة فى كثير من المجالات التى ستترتب على إنشاء سد النهضة، والمحدد الانتهاء منه فى عام 2015، وإثيوبيا قد بات إنشاء سدها أمراً واقعاً شاء من شاء أو أبى من أبى!.